وقال المصدر، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن قادة سياسيين وزعماء مليشيات طالبوا السراج بموقف واضح من تحركات قوات حفتر الأخيرة، لكن رئيس حكومة الوفاق لا يزال يماطل في الرد، من دون أن يصدر عنه حتى بيان يعلق من خلاله على أحداث الجنوب.
وشهدت العاصمة الليبية، بحسب المصدر، اجتماعات عدة، من بينها اجتماع موسع جرى نهاية الأسبوع الماضي، وجمع ثمانية من قادة مليشيات طرابلس ومدن في غرب ليبيا بدعم من شخصيات تتولى مناصب بارزة في العاصمة، لم يسمها، لبحث آخر التطورات العسكرية في البلاد.
وبحسب المصدر كذلك، فإن "السراج لا يزال يعرقل قراراً بتعيين حاكم عسكري للجنوب، كمقترح قدمه رئيس المجلس الأعلى للدولة، خالد المشري، لقطع الطريق أمام مساعي حفتر للسيطرة على فزان، مكتفياً بالموافقة على إرسال معونات خدمية للجنوب، تتمثل في توفير السيولة النقذية والوقود"، لافتاً إلى أن العديد من قادة طرابلس باتوا يشككون في صحة مواقف السراج من حفتر، ويعتقدون بإمكانية وجود تنسيق بين الرجلين.
وفيما سرّبت مصادر ليبية، في وقت سابق، أنباء عن جهود حثيثة يُجريها أعضاء في المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق بالتنسيق مع المجلس الأعلى للدولة، لبحث وسائل عدة لوقف تمدد حفتر العسكري جنوباً، إلا أن الصمت لا يزال يخيّم على مواقف السراج منذ إطلاق اللواء الليبي المتقاعد عملياته العسكرية هناك، وفي طوق مناطق العاصمة الجنوبي، مفضلاً الابتعاد عن المشهد، من خلال قيامه بجولة خارجية شملت زيارة النمسا والتشيك، متجاهلاً ما يجري من تطورات عسكرية.
وكان آمر "اللواء السادس مشاة" التابع لحكومة الوفاق في سبها، حميد العطابي، قد أعلن، ليل السبت الماضي، عن انسحاب قواته من مقارها في المدينة، متهماً حكومة الوفاق بـ"المشاركة في تسليم الجنوب لحفتر". وعلل العطابي قرار انسحابه بعدم تكافؤ قواته مع قوات حفتر، وتقاعس "الوفاق" عن دعمه مادياً ولوجستياً.
وفي إشارة إلى القلق الذي يسود أوساط قادة المليشيات في طرابلس، أعلن عاطف الرقيق، القيادي البارز في طرابلس، عن لقاء جمع عدداً من قادة المليشيات في العاصمة، طالبوا على إثره آمر قوة الردع الخاصة، عبد الرؤوف كاره، بتحديد موقفه من حفتر.
وقال الرقيق إن "كاره صرح بأنه ليس سلفياً وضد حفتر"، بعدما تسربت معلومات عن ارتباط مليشيا ثوار طرابلس بدولة الإمارات، وعلاقات وطيدة تربط كاره بمليشيات حفتر السلفية المدخلية.
وفي هذا الصدد، يرجح الدبلوماسي أن خطاً جديداً في طرابلس بدأ يتضح، ويتمثل في حلف السراج، الذي يتولى حقيبة الدفاع في الحكومة، بالإضافة إلى رئاسته للمجلس الرئاسي، مع وزير الداخلية فتحي باشاغا، المتحدر من مصراتة، المدينة ذات الثقل السياسي والعسكري غرب البلاد، والذي سبق أن أعلن عن تواصل وزارته مع وزارة حكومة مجلس النواب لتوحيد الجهاز الأمني في ليبيا، ما قد يرجح وجود تنسيق من تحت الطاولة مع حفتر.
وكان رئيس أركان الجيش المكلف من السراج، عبد الرحمن الطويل، نفى، خلال تصريح تلفزيوني، أمس الأحد، "وجود أي تنسيق مع المنطقة الشرقية بشأن العمليات العسكرية في الجنوب"، لكنه اعتبر أن "القوات التي توجهت إلى الجنوب هي قوات الجيش الليبي"، ما قد يشير إلى موقف ضمني من حكومة "الوفاق" تجاه حفتر.
وتابع الطويل أن "الجيش الليبي موحد"، وأن الخلاف بين الأطراف "سياسي فقط"، من دون الإدلاء بمزيدٍ من التوضيحات عن علاقة "الوفاق" بقوات حفتر.
واعتبر الدبلوماسي أن "موقف السراج الرمادي لا يمكن تفسيره، فهو يسير في سياق سياساته السابقة ذاتها، فهو غالباً لا يعلق إثر أي عملية ينفّذها حفتر". ورأى أن السراج يمكنه أن يعارض أي عملية لحفتر، باستثناء المتعلقة بمواقع النفط، سواء في الهلال النفطي سابقاً، أو في الجنوب حالياً.
واعتبر المصدر أن حفتر يستخدم ورقة النفط للضغط على السراج لإسكاته، ومن ورائه داعموه الدوليون والإقليميون. لكنه في الوقت ذاته، اعتبر أن صمت السراج، لاسيما بعد عودته من جولته الخارجية "أمر مريب ويثير القلق بين قادة طرابلس المسلحين والسياسيين"، خشية أن يكون صمته "مباركة ضمنية لعمليات حفتر".