يواجه رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي، تحديات عدة تقف بوجه فقرات محاربة الفساد في برنامجه الذي أعلن عن البدء به الشهر الماضي، وذلك بعد أن وضع البرلمان نفسه رقيبا على خطة رئيس الحكومة للوقوف بوجه الفاسدين، فضلا عن بروز قضايا خطرة قد تقف حجر عثرة أمام المجلس الأعلى لمكافحة الفساد الذي أنشأه في وقت سابق، من بينها التسريبات الأخيرة التي نشرتها صحيفة أميركية بشأن تورط رئيس الوزراء الأسبق (رئيس ائتلاف دولة القانون) نوري المالكي، ونجله أحمد المالكي، وصهره ياسر المالكي، بالتورط في ملفات فساد بالتعاون مع شركة أمنية أميركية، في وقت تصاعدت المطالبات لرئيس الوزراء بضرب الرؤوس الكبيرة للفساد لتهدئة الشارع الناقم من البطالة والفقر وتردي الخدمات.
ووفقا لعضو في لجنة النزاهة بالبرلمان العراقي، فإن كتلا برلمانية عدة متوافقة على مسألة مراقبة إجراءات الحكومة بشأن مكافحة الفساد أولا بأول، موضحا لـ"العربي الجديد" أن "البرلمان هو المعني الأول بقضية الرقابة، أما الحكومة فما عليها الا أن تقوم بالإجراءات التنفيذية".
وأشار إلى أن المرحلة المقبلة "ستشهد تعاونا بين اللجان البرلمانية المعنية بمكافحة الفساد، والجهات الحكومية"، مبينا أن "الفصل التشريعي الثاني سيشهد فتح ملفات فساد مهمة تتعلق بعمل الحكومات السابقة".
إلى ذلك، قال عضو لجنة النزاهة في البرلمان العراقي يوسف الكلابي، أن اللجنة اتفقت مع رئيس البرلمان محمد الحلبوسي على تقديم طلب من أجل استضافة رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، ورئيس الجمهورية برهم صالح، ورئيس مجلس القضاء فائق زيدان، بغية وضع آلية مشتركة من أجل مكافحة الفساد، مبينا، خلال تصريح صحافي، أن "الفساد تحول إلى آفة تضرب المجتمع بعد زوال خطر الإرهاب".
وشدد على ضرورة "تكاتف الجهود من أجل القضاء على الفساد"، معبرا عن أمله في أن تتم مناقشة هذا الملف في أول جلسة يعقدها البرلمان بفصله التشريعي المقبل.
وكان عضو مجلس النواب جمال جوكر قد أكد أن استضافة الرئاسات الثلاث لمناقشة ملف مكافحة الفساد تأتي من أجل توحيد المواقف، مبينا أن "هذا الأمر يضعهم أمام مسؤولية مكافحة هذه الآفة، وعدم الاكتفاء بتبادل الاتهامات فيما بينهم بشأن الطرف المقصر".
ودفعت هذه التطورات مسؤولا حكوميا عراقيا للخشية من "تعدد الجهات التي وضعت نفسها رقيبة على الفساد"، مؤكدا لـ"العربي الجديد" أن "الحكومة هي المسؤول الأول والأخير عن ملف متابعة المؤسسات المقصرة".
وعبر عن خشيته من خضوع ملفات الفساد الخطيرة لـ"الاتفاقات والصفقات التي قد تؤدي إلى تسويفها، وربما إنهاء بعضها"، مشيرا إلى "وجود توجه حكومي من أجل تفعيل المجلس الأعلى لمكافحة الفساد لمتابعة المتورطين مهما كانت صفاتهم أو انتماءاتهم، لأن القانون يجب أن يسري على الجميع"، بحسب رأيه.
ومن المتوقع أن تواجه الحكومة العراقية إحراجا كبيرا في ملف مواجهة الاتهامات التي تسربت مؤخرا بشأن تورط المالكي ونجله وصهره بقضايا فساد خطيرة، لا سيما أن المالكي يعد من القيادات البارزة في تحالف "البناء" الداعم لتشكيل الحكومة الحالية، ولديه عدد من الوزراء فيها.
وتسببت معلومات نشرها موقع "ديلي بيست" الأميركي قبل أيام بشأن تورط رئيس الوزراء العراقي الأسبق ونجله وصهره بالفساد، بإثارة موجة جدل واسعة داخل الشارع العراقي، قابلها حزب "الدعوة" الذي يتزعمه المالكي بهجوم مقابل على الموقع، وعلى من يروج لتلك المعلومات التي وردت.
وأورد "ديلي بيست"، في تقرير نشره أمس الخميس، أن وزارة العدل الأميركية تجري تحقيقاً مع شركة تعاقدات عسكرية زعمت تقديم رشاوى لمسؤولين عراقيين، بينهم رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي ونجله أحمد المالكي وصهره ياسر المالكي، للظفر بعقود أمنية استثنائية، موضحة أن تحقيقاً استقصائياً أجرته بيّن أن شركة التعاقدات العسكرية "ساليبورت غلوبال سيرفيسز" لعبت دوراً في رشاوى للمالكي وأقاربه.
هذه المعلومات دفعت القيادي بائتلاف دولة القانون (الذي يتزعمه المالكي)، سعد المطلبي، إلى اتهام شخصيات عراقية لم يسمها بدفع أموال لـ"ديلي بيست" من أجل "تسقيط" المالكي، معتبراً خلال تصريح صحافي، أن "الموقع المذكور ليس رصيناً، ويرتبط بعلاقات مع شخصيات وجهات سياسية عراقية".
وفي السياق، طالب السياسي العراقي العضو السابق في البرلمان عزة الشابندر رئيس الوزراء عادل عبد المهدي بـ"ضرب رؤوس الفساد الكبيرة وبغير ذلك فهو ذر للرماد في العيون".
من جهتها، قالت هيئة النزاهة إنها أحالت 11 وزيرا، ومن هم بدرجتهم، إلى القضاء، من أجل اتخاذ الإجراءات القانونية بحقهم، موضحة أن "هذا الإجراء شمل نحو ثلاثة آلاف متهم بالفساد أحيلوا إلى الأجهزة القضائية".
في غضون ذلك، تشهد المحافظات المحررة من سيطرة تنظيم "داعش" الإرهابي شمالي وغربي البلاد جدلا بشأن وجود ملفات فساد بمليارات الدنانير العراقية.
وأكد عضو مجلس النواب العراقي عن محافظة نينوى (شمالا) وجود مشاريع وهمية في خطة الحكومة المحلية في المحافظة لعام 2017.
وأشار إلى قيام الحكومة المحلية في نينوى بإدراج أربعة مشاريع وصفها بالوهمية في خطة سنة 2017، تتجاوز المبالغ التي خصصت لها تسعة مليارات دينار عراقي (ما يعادل 7.5 ملايين دولار أميركي)، مبينا في تغريدة على تويتر أن هذه المشاريع أنجزت بنسبة 100% عام 2016.
ولفت إلى أن هذه المشاريع هي "عبارة عن شراء سلال غذائية، وأجهزة تبريد للنازحين، وحاويات نفايات، وبرامج لتأهيل الناجيات من تنظيم "داعش" الارهابي".