أزمة سد النهضة: توجه لوساطة دولية رسمية

25 ديسمبر 2019
أعلنت إثيوبيا اكتمال 70% من أعمال السد (ميناسي هيلو/الأناضول)
+ الخط -
انتهى الاجتماع الثالث بين وزراء الري والمياه في كل من مصر والسودان وإثيوبيا، في الخرطوم الأحد الماضي، ضمن خريطة الطريق التي تم تحديدها في اللقاء الذي عقد في العاصمة الأميركية واشنطن، برعاية وزير الخزانة الأميركية ستيفن منوتشين، ومشاركة رئيس البنك الدولي ديفيد مالباس، من دون التوصل إلى أية نتائج إيجابية من شأنها حلحلة أزمة سد النهضة. وفي هذا الصدد، أكدت مصادر رسمية مصرية وسودانية، لـ"العربي الجديد"، صعوبة التوصل إلى اتفاق قبل 13 يناير/كانون الثاني المقبل، وهو الموعد المحدد لذلك من جانب المراقب الأميركي. وقال مصدر سوداني مطلع على مجريات المفاوضات "ربما يكون من الصعب التوصل لاتفاق نهائي بشأن الأزمة خلال الجولة الرابعة والأخيرة في أديس أبابا"، مضيفاً "أنه على الأرجح سنكون أمام جولات جديدة بعد اجتماع واشنطن المقبل، ولكن هذه المرة بصيغة وساطة رسمية، وفقاً لما نص عليه اتفاق المبادئ بين زعماء الدول الثلاث في الخرطوم في مارس/آذار العام 2015"، متوقعاً مشاركة أطراف دولية أخرى في المفاوضات.

وأوضح المصدر أن كل ما دار في الاجتماعات الثلاثة الماضية في أديس أبابا والخرطوم والقاهرة لا يتجاوز حد النقاشات والتفكير بصوت مرتفع، في ظل تمسك إثيوبيا بموقفها الرافض لكل ما يتعلق بسياسات الملء والتشغيل، باعتبار ذلك أمراً سيادياً، يُعنى به الإثيوبيون فقط، مشيراً، في الوقت ذاته، إلى أن كل ما طرحته أديس أبابا للنقاش هو موعد بدء عملية التخزين، مقررة بشكل مسبق أن يبدأ في يونيو/حزيران المقبل دون انتظار لحسم المفاوضات. وأشار المصدر إلى أن ما تم التوافق عليه هو فقط تعريفات عامة لبعض الحالات المتعلقة بعملية الملء، مثل التوافق على تعريف واضح لحالة الجفاف والجفاف الممتد، مشدداً على أن الجولات الثلاث لم تتجاوز هذا الأمر.

في المقابل، أكد مصدر مصري رسمي أن النقاشات الأخيرة أظهرت عمق الأزمة أمام الأطراف الدولية المراقبة، إذ لا تثق مصر في الجانب الإثيوبي بشأن عملية التشغيل الفعلي للسد في أعقاب إتمام عملية ملء خزان السد، مشدداً على أن الجانب الإثيوبي الذي راوغ خلال تلك الجولات الماراثونية من المفاوضات لن يكون مؤتمناً خلال تشغيل السد على عدم الإضرار بالمصالح المصرية. وقال المصدر إن "مصر تعاملت بمرونة كبيرة خلال المفاوضات الأخيرة، لكن الجانب الإثيوبي قابل ذلك بنهج أكثر تعنتاً". وأكد أن "التباين في الرؤى ما زال كبيراً وراوح مواقعه، خصوصاً أن عمليات بناء السد متواصلة، في حين أننا مشغولون بالمفاوضات في المسار الذي رسمته الحكومة الإثيوبية. الأمر غير مريح تماماً". وأكد المصدر أنه "لو تعاملت الإدارة المصرية مع أزمة سد النهضة بنفس النهج الذي تعاملت به مع الاتفاقيات التي وقعتها تركيا مع حكومة الوفاق الليبية لما وصلنا إلى الوضع الراهن".
وفي الوقت الذي اختتم فيه وزراء مياه الدول الثلاث اجتماعهم، الأحد الماضي، من دون التوصل لاتفاق، أعلنت أديس أبابا اكتمال 70 في المائة من أعمال مشروع سد النهضة الذي تبنيه على النيل الأزرق، على أن يتم الانتهاء منه بشكل كامل في العام 2023. وأشارت وكالة الأنباء الإثيوبية، أول من أمس الإثنين، إلى زيارة لجنة معنية بشؤون الموارد الطبيعية والري والطاقة في البرلمان الإثيوبي لمشروع السد. وخلال الزيارة أطلع المدير العام للمشروع كيفل هورو أعضاء اللجنة على الوضع الحالي للسد. وقال هورو إن "نحو 70 في المائة من الأعمال في المشروع اكتملت، ومن المقرر أن ينتهي المشروع بالكامل في العام 2023". وأشار المدير العام لمشروع السد إلى أن بلاده أنفقت حتى الآن 99 مليار بر إثيوبي (3.1 مليارات دولار أميركي) على المشروع، وهناك حاجة إلى 40 مليار بر إثيوبي إضافية لإنهاء المشروع.

بدورهم، أعرب أعضاء اللجنة، بحسب الوكالة الإثيوبية، عن ارتياحهم لما رأوه في موقع المشروع، وقالوا إن "تقدم المشروع أصبح واعداً الآن". وبدأت إثيوبيا في العام 2011 إنشاء السد على النيل الأزرق بهدف توليد الكهرباء، حيث تصل سعة خزان السد إلى 74 مليار متر مكعب من المياه. وكانت مصر قد أعلنت، في وقت سابق، وصول المفاوضات حول سد النهضة إلى طريق مسدود، قبل أن تتدخل أميركا وتدعو وفوداً من الدول الثلاث لمناقشة الأزمة في واشنطن في التاسع من نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.
المساهمون