أعلن ممثلو الهيئات الحزبية في مجلس النواب المصري، اليوم الأحد، رفضهم مناقشة مشروع قانون الإدارة المحلية، المقدّم من الحكومة بهدف إجراء انتخابات المحليات، العام المقبل، وكذلك المشاريع المقدمة من النائب محمد عطية الفيومي، و63 آخرين، والنائبين أحمد السجيني ومحمد فؤاد، و85 آخرين، والنائب عبد الحميد كمال، و59 آخرين، في ذات الموضوع.
وأعلن رئيس البرلمان علي عبد العال، استكمال أخذ الرأي حيال مشروع القانون من قبل النواب، من حيث المبدأ، إلى الجلسة العامة المقررة غداً الاثنين، قائلاً: "أربأ بالكثير من النواب من رفض القانون من أجل تفسيرات دستورية غير صحيحة، فالرأي العام سيفسر رفض المجلس لمناقشة القانون بأننا نتستر على الفساد في المحليات".
وأضاف عبد العال: "هناك حاجة مُلحة لإصدار قانون الإدارة المحلية، وكان هناك احتفاء كبير في الداخل والخارج بمجرد الإعلان عن مناقشته بالبرلمان"، منتقداً حديث النواب حول رفض مناقشة القانون خلال الفترة الحالية، بحجة عدم جاهزية الأحزاب لخوض انتخابات المحليات، وعدم تدريب الكوادر المستهدف خوضها للعملية الانتخابية.
وتابع: "تطبيق أي تشريع يتوقف على إرادة منفذيه، وما يحدث من فساد كبير في المحليات لا يجوز الصمت عليه"، مشيراً إلى أنّ لجنة الإدارة المحلية "عقدت جلسات موسعة خلال مناقشة القانون، واستمعت للخبراء والمختصين والمحافظين، وهي لجنة تضم قامات وخبراء في مجال العمل المحلي، مثل النائبين أحمد السجيني، ومحمد الفيومي"، على حد قوله.
في السياق ذاته، قال مصدر برلماني مطلع، "للعربي الجديد"، إنّ "رفض رؤساء الهيئات البرلمانية للأحزاب مناقشة قانون المحليات يأتي استجابة لتعليمات جهاز الأمن الوطني، والذي يتحكم في مواقف تلك الأحزاب من وراء ستار"، موضحاً أنّ "تمسك عبد العال بمناقشة القانون، يرجع في المقابل إلى رغبة المخابرات العامة في إقراره، باعتبار أنّ رئيس البرلمان يتلقى التعليمات مباشرة من مديرها اللواء عباس كامل".
وأضاف المصدر أنّ الدائرة الاستخباراتية المحسوبة على الرئيس عبد الفتاح السيسي، "ارتأت ضرورة إحداث تطور لافت في ملف الانتخابات المحلية في عام 2020، بهدف ملء الفراغ السياسي المُسيطر على المشهد المصري"، مستدركاً بالقول إنّ "جهاز الأمن الوطني كان له رأي مغاير، بشأن عدم جاهزية العدد اللازم لشغل مقاعد المحليات على مستوى الجمهورية في الوقت الراهن".
وخلال الجلسة، طالب رئيس حزب "مستقبل وطن" الذي يستحوذ على الأغلبية أشرف رشاد، بتأجيل مناقشة مشروع القانون، بدعوى العوار الدستوري الذي يلاحقه، وتعارضه مع قانون هيئة المجتمعات العمرانية، مشيراً إلى أنّ الوضع السياسي الحالي "يتطلب تأجيل مناقشته، لمنح مزيد من الوقت للأحزاب للاستعداد للانتخابات المحلية".
وعقّب عبد العال، قائلاً إنّ "مشروع القانون يأتي تنفيذاً للالتزام الدستوري المتعلق باجراء انتخابات المحليات خلال خمس سنوات من إقرار الدستور عام 2014"، مشدداً على "ضرورة مناقشة القانون قبل نهاية الشهر الحالي، حتى لا يُتهم البرلمان بالتقاعس في تنفيذ الاستحقاقات الدستورية، لا سيما مع غياب دور المحليات منذ عام 2011".
بدوره، قال رئيس الهيئة البرلمانية لحزب "المصريين الأحرار" أيمن أبو العلا، إنّه طالب خلال مناقشات التعديلات الدستورية الأخيرة بتعديل المواد الخاصة بالإدارة المحلية، موضحاً أنّ "المادة 180 تمنح ربع مقاعد المحليات للمرأة والشباب، وبناءً عليه نحن مضطرون لإجراء الانتخابات على نظام القوائم المغلقة بنسبة 100%".
ودعا ممثل حزب "الوفد الجديد" النائب سليمان وهدان، إلى "إعادة قانون الإدارة المحلية مرة أخرى للجنة النوعية المختصة، لمعالجة عدد من الإشكاليات التي يتضمنها"، مشدداً على "أهمية منح فرصة أكبر للأحزاب حتى تستعد لانتخابات المحليات، من خلال إعداد الكوادر الشابة، ومن ثم مناقشة القانون في مرحلة لاحقة".
وأضاف أنّ "النظام الانتخابي به ألغاز كبيرة، خصوصاً أن المستهدف هو دخول قرابة 60 ألف عضو مجال المحليات"، مواصلاً حديثه "مصر بحاجة إلى تنظيم الورش، وتدريب الشباب والعمال والفلاحين من أجل المحليات"، وهو ما اتفق معه ممثل حزب "حماة الوطن"، السيد حسن، بالقول "إن المرحلة التي تمر بها البلاد لا تتحمل إصدار قانون الإدارة المحلية!".
وقال ممثل الهيئة البرلمانية لحزب "الشعب الجمهوري" محمد أبو هميلة، إنّ "الكوادر التي ستخوض الانتخابات غير مؤهلة حتى الآن، ولا بد من توضيح الحكومة للتقسيم الإداري الجديد أولاً، وتدريب العاملين في البيئة المحلية في مصر، والتي تعد غير مؤهلة حتى الآن، لإقرار قانون الإدارة الجديد"، حسب تعبيره.
تجدر الإشارة إلى أنّ آخر انتخابات محلية في مصر جرت في عام 2008، وهيمن عليها الحزب الحاكم إبان حكم الرئيس المخلوع حسني مبارك، إلا أنّ المجلس العسكري أصدر مرسوماً في عام 2011، يقضي بتشكيل مجالس محلية مؤقتة إلى حين إصدار قانون المحليات، لكن هذا التشريع اقترب من عامه التاسع، وهو لا يزال يراوح مكانه.