العراق: مساع لحسم اختيار مرشح لرئاسة الحكومة قبل الخميس

18 ديسمبر 2019
استمرت التظاهرات في العاصمة والجنوب(صباح عرار/فرانس برس)
+ الخط -

واصلت القوى السياسية العراقية حواراتها واجتماعاتها، من أجل التوصل إلى اتفاق على شخصية لرئاسة الحكومة المقبلة قبل حلول منتصف ليلة غد الخميس، وهو موعد انتهاء المهلة الدستورية لرئيس الجمهورية بتقديم مرشح الحكومة الجديد إلى البرلمان، بالتزامن مع عودة الشارع للتصعيد مرة أخرى، خصوصاً في كربلاء والبصرة وذي قار، التي شهدت عودة إغلاق الطرق والدوائر من قبل المتظاهرين. ووسط الاجتماعات السياسية المستمرة مع ما فيها من خلافات وتقاطعات، ناجمة بالدرجة الأولى من مخاوف الكتل العربية الشيعية خسارة ما تبقى من رصيدها الشعبي جنوبي العراق على وجه التحديد، يواصل زعيم فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني حراكه في بغداد، إلى جانب السفير الإيراني إيرج مسجدي، بحسب مسؤول بحكومة تصريف الأعمال ويشغل منصباً قيادياً في الوقت نفسه في تحالف البناء. وأضاف في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن "سليماني يسعى لحكومة لا يمكن أن تعتبرها واشنطن نقطة في مرمى إيران، بمعنى أنها تؤيد أي شخصية كانت شرط ألا تتبنى التوجه الأميركي في العراق".

ومساء أمس، قالت وسائل إعلام محلية نقلا عن مصادر سياسية إن تحالف "البناء" الذي يضم ائتلاف "دولة القانون" (بزعامة نوري المالكي) ومكونات "الحشد الشعبي" وقوى أخرى، رشّح وزير التعليم العالي والبحث العلمي في حكومة تصريف الأعمال قصي السهيل لرئاسة الحكومة. وأوضحت المصادر أن التحالف أرسل اسم السهيل بخطاب رسمي إلى رئيس الجمهورية برهم صالح.

وجاء الرد سريعا من زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر على هذه الأنباء، مؤكدا في تغريدة على "تويتر" رفضه هذا الترشيح من خلال قوله إن "المجرب لا يجرب" كون السهيل شغل مناصب عدة سابقة أبرزها وزير في حكومة عادل عبد المهدي، وقبل ذلك نائب رئيس البرلمان كممثل عن التيار الصدري الذي انشق عنه والتحق بائتلاف "دولة القانون". وقال الصدر في تغريدته "رسائل، أوقفوا الاغتيالات، المجرب لا يجرب، حافظوا على السلمية، ثم أقول لقواتنا الأمنية البطلة: حماية العراق واجبكم".

وكان أحد المفاوضين في اجتماعات الكتل السياسية في بغداد، قال لـ"العربي الجديد"، إن "زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، ما زال يحاول تسويق مرشحيه لرئاسة الحكومة، وهما كل من محمد شياع السوداني، وقصي السهيل، فيما ينقسم تحالف الفتح، بين مؤيد لطرح المالكي وبين رافض له". وأضاف المفاوض أن "ائتلاف النصر وتيار الحكمة، ما زالا يصران على اختيار شخصية لا ماض سياسيا لها، فيما يقاطع التيار الصدري تلك الاجتماعات، مكتفياً بإيصال رسائل فقط إلى المجتمعين عبر زعيم تحالف الفتح هادي العامري، الذي يرفض ترشيح أي شخصية من دون موافقة مرجعية النجف عليها". وتابع قائلاً إن "الأسماء المطروحة لرئاسة الوزراء، هي كل من محافظ البصرة الحالي أسعد العيداني، ورئيس جهاز المخابرات الحالي، مصطفى الكاظمي، ووزير التعليم الحالي قصي السهيل، ومحافظ بغداد الأسبق، حسين الطحان والقاضي رائد جوحي إضافة إلى محمد شياع السوداني".

وكشف المفاوض أن "الصدر أوصل رسالة برفض الأسماء المطروحة، كما أنه هناك إصرار وعزم على الاتفاق على شخصية لرئاسة الحكومة، اليوم الأربعاء، قبل يوم واحد من انتهاء المدة الدستورية لرئيس الجمهورية برهم صالح، لتكليف شخصية لرئاسة الوزراء، معتبراً أن فشل التوصل لاتفاق بالساعات المقبلة يقرب العراق للسيناريو اللبناني في بقاء عادل عبد المهدي على رأس الحكومة لفترة مفتوحة".



وأضاف المفاوض أن رئيس الجمهورية يحاول معرفة رأي المحكمة الاتحادية في دستورية اعتماد التخويل الذي منح له من قبل عشرات النواب (175 نائباً) لتسمية رئيس وزراء مستقل من دون العودة للكتلة الكبرى".

من جهته، أفاد النائب عن تحالف الفتح أحمد الكناني، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن "الكتل السياسية ملزمة أمام الشعب تقديم مرشح لرئاسة الحكومة الجديدة، بمواصفات ترضي الشارع، وعلى رأسها يكون مستقلا، وهناك اتفاق من أغلب الكتل باختيار هكذا شخصية". وأبدى اعتقاده بأنه "قبل يوم غد الخميس سيتم ترشيح شخصية مستقلة مقبولة من قبل الشارع".

بدوره قال النائب عن محافظة البصرة، عدي عواد، لـ"العربي الجديد"، إن "القوى السياسية مجبرة على ترشيح شخصية قبل انتهاء المدة الدستورية (يوم الخميس)، مهما كانت تلك الشخصية، وإلا الذهاب إلى المجهول". واعتبر أنه "لهذا هناك إصرار على حسم اختيار رئيس الوزراء، قبل يوم الخميس، رغم أنه لا يوجد توافق أو اتفاق سياسي على شخصية محددة". أما تحالف سائرون، المدعوم من قبل التيار الصدري، بزعامة مقتدى الصدر، فأكد عدم مشاركته بأي اجتماعات للقوى السياسية، بشأن اختيار رئيس الحكومة الجديد. وقال النائب عن التحالف رعد المكصوصي، لـ"العربي الجديد"، إن "تحالف سائرون، ليس لديه أي اتفاق أو اجتماع مع أي كتلة سياسية لاختيار رئيس الوزراء الجديد، والتحالف أكد أن الكتلة الكبرى هي الشعب، وتنازلنا عن حقنا ككتلة كبرى بترشيح رئيس الحكومة إلى الشعب. وتمّ هذا بكتاب رسمي لرئيس الجمهورية".

في المقابل قال المتحدث باسم الحكومة سعد الحديثي، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، إن "حكومة عادل عبد المهدي تحولت إلى حكومة تصريف أمور يومية، عندما قبلت استقالتها في مجلس النواب، وستستمرّ بذلك حتى تشكيل الحكومة الجديدة". وأضاف أنه "هذا هو الدستور، فلا يمكن أن يكون هناك فراغ في السلطة، فلا بد من وجود حكومة، والفيصل في انتهاء عمل حكومة عادل عبد المهدي، هو تشكل الحكومة الجديدة، ومنحها الثقة من قبل مجلس النواب، وبعدها تتحول السلطة من حكومة عادل عبد المهدي إلى الحكومة الجديدة". وأكد المتحدث باسم الحكومة أنه "لا يوجد سقف زمني لانتهاء عمل حكومة عادل عبد المهدي (حكومة تصريف الأعمال)، لأن مثل هذا السقف مرتبط برئاسة الجمهورية ومجلس النواب، وليس بالسلطة التنفيذية".

يأتي ذلك مع تواصل التظاهرات في العاصمة بغداد، وجنوب البلاد ووسطها، مع تأكيدات لناشطين بعودة ظاهرة رسائل التهديد مرة أخرى عبر الهواتف، مع تسجيل حالة اغتيال جديدة لناشط في التظاهرات ببغداد، ووفاة متظاهر في البصرة متأثرا بإصابة تعرض لها قبل أيام بنيران قوات الأمن. وشهدت البصرة تظاهرات في ساحتي البحرية وذات الصواري بالتزامن مع تظاهرات وقطع طرق تؤدي إلى حقل الرميلة الشمالي، ومنشأة لإدارة عمليات الاستخراج النفطية بالقرب منها، وركز المتظاهرون في شعاراتهم على تسمية محافظهم الحالي أسعد العيداني، رئيساً للحكومة المقبلة، وذلك بعد تسريبات لكتل سياسية أكدتها وكالة الأنباء العراقية "واع"، بطرح اسمه من بين الأسماء المرشحة لتكليفها برئاسة الحكومة. وشهدت النجف والكوفة وكربلاء والناصرية والعمارة والديوانية والسماوة والكحلاء والرفاعي والغراف والمجر والمشخاب والكوت ومناطق ومدن عدة من جنوبي العراق تظاهرات وتجمعات ضخمة بالساحات والميادين العامة، وأقدم متظاهرون في كربلاء على إغلاق دوائر حكومية عدة في المدينة، والأمر ذاته في الناصرية العاصمة المحلية لمحافظة ذي قار. وأكد مسؤول طبي في بغداد، مقتل ناشط في التظاهرات بهجوم نفذه مسلحون غربي العاصمة أمس الثلاثاء، بعد ساعات من الإعلان عن وفاة متظاهر متأثراً بجروح أصيب بها في البصرة قبل أيام. وقال لـ"العربي الجديد"، إن ثلاثة أشخاص سجلت وفاتهم خلال 48 ساعة في بغداد واثنين في البصرة وذي قار جنوبي العراق.



المساهمون