مصر: غضب واسع بين أعضاء البرلمان بسبب النظام الانتخابي

14 ديسمبر 2019
ستُخصص 25% من المقاعد النيابية للنساء (محمد مصطفى/Getty)
+ الخط -

كشف مصدران مطلعان في ائتلاف "دعم مصر" وحزب "مستقبل وطن" اللذين يستحوذان على الأغلبية في مجلس النواب المصري، أن هناك حالة من الغضب الواسع بين نواب البرلمان بشكل عام، وأعضاء الائتلاف والحزب خصوصاً، بسبب إصرار الدائرة الاستخباراتية المحسوبة على الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، على إجراء الانتخابات البرلمانية على نظام القائمة المغلقة بنسبة 75 في المائة، مقابل 25 في المائة فقط للنظام الفردي. وقال المصدران لـ"العربي الجديد"، إن النظام الانتخابي المطروح من دائرة السيسي، والذي يجرى إعداده حالياً في صيغة مشروع قانون حكومي، سيتسبّب في مشاكل كبيرة للنواب، لا سيما القدامى منهم، والذين ما زالوا يتمتعون بقبول داخل دوائرهم الانتخابية ارتباطاً بعائلاتهم. وأبرز التعديلات توسعة النطاق الجغرافي للدوائر بشكل غير مسبوق للنظام الفردي، إذ تشمل الدائرة الواحدة ست أو سبع مراكز انتخابية، بدلاً من مركز أو اثنين كما هو الحال حالياً.

وأفاد المصدران بأن تخصيص نسبة 25 في المائة للنظام الفردي يُقصي أكثر من 50 في المائة من نواب البرلمان الحاليين، لعدم قدرتهم على الحصول على أصوات الناخبين من خارج مناطق نفوذهم، وهو ما يعزز من فرص رجال الأعمال من دون غيرهم، والذين يستطيعون صرف ملايين الجنيهات على الدعاية الانتخابية في تلك المساحات المترامية، باعتبار أن دوائر المحافظة الواحدة ستكون بين دائرة واحدة إلى ثلاث دوائر على أقصى تقدير. وتابعا قائلين إن منح نسبة 75 في المائة للقوائم المغلقة يُهدر أصوات نحو 49 في المائة من الناخبين، لأن إعلان فوز هذه القوائم كاملة يكون بحصولها على 51 في المائة من أصوات الناخبين. وأضافا أن هناك اتصالات مستمرة خلال الفترة الأخيرة بين قيادات في ائتلاف وحزب الأغلبية مع ضباط في جهازي الاستخبارات العامة والأمن الوطني، للتوسط لدى "صاحب القرار" بالتراجع خطوة إلى الخلف عن هذا النظام، واستبداله بآخر من دون مخالفة أحكام الدستور.

ومنحت التعديلات الدستورية الأخيرة نسبة مقطوعة للمرأة في مجلس النواب بواقع 25 في المائة، ما يستبعد منح أي نسبة في الانتخابات المقبلة للقائمة النسبية، والتي يطالب بها العديد من الأحزاب بوصفها أكثر عدلاً في توزيع المقاعد بحسب عدد الأصوات لكل حزب أو ائتلاف، مع اقتراح 3 أنظمة انتخابية: الأول يقضي بمنح نسبة 75 في المائة للقائمة المغلقة مع تخصيص ثلث مقاعدها للمرأة، والثاني يخصص نسبة 50 في المائة للقائمة مع منح المرأة نصفها، والثالث عبارة عن قائمة مغلقة بنسبة 25 في المائة تمنح جميعها للمرأة.

وأوضح المصدران أن مجموعة من نواب ائتلاف "دعم مصر" وحزب "مستقبل وطن" التقوا مع رئيس مجلس النواب علي عبد العال، قبل أيام قليلة، لمطالبته بالتوسط لدى الحكومة لتعديل مشروع القانون المقترح من جانبها بشأن الانتخابات النيابية، والذي من المرتقب أن يطرح على البرلمان مطلع العام الجديد، وذلك وفق نظام القائمة المغلقة بنسبة 25 في المائة المخصصة للمرأة، مقابل نسبة 75 في المائة للنظام الفردي. وكشفا أن هذه النسبة قريبة من نسبة 80 في المائة التي مُنحت للمقاعد الفردية في البرلمان الحالي، بالتالي لن يكون هناك اختلاف كبير عند إعداد تقسيم الدوائر الانتخابية مقارنة بالتقسيم الحالي، غير أنهما استدركا قائلين إن "عبد العال استبعد الأخذ بهذا النظام في ظل حالة عدم الاستقرار الراهنة، كونه يسمح بتسرب بعض النواب الذين يتبنون توجهات معادية للدولة المصرية"، في إشارة منه إلى تكتل (25-30) الذي يضم 16 نائباً.



ونقل المصدران عن عبد العال قوله إنه سيبحث مع وزير الشؤون النيابية، عمر مروان، والأمين العام لمجلس النواب، محمود فوزي، مدى إمكانية تطبيق نظام المناصفة من خلال منح نصف المقاعد للقائمة المغلقة، مع منح المرأة نصفها التزاماً بالنص الدستوري الخاص بمنحها ربع مقاعد المجلس، مع تخصيص النصف الآخر من المقاعد للنظام الفردي، وهو ما يوسع الدوائر بصورة أقل ضرراً من النظام المقترح بمنح ثلاثة أرباع المقاعد للقائمة المغلقة.

ويتخوّف قطاع عريض من نواب البرلمان من التوسع في نظام القوائم المغلقة، على اعتبار أن تلك القوائم ستوضع في الغرف المغلقة، وستقتصر الأسماء الواردة فيها على المقربين من الأجهزة الأمنية، بما يستبعد العديد من النواب الذين يتمتعون بعلاقات جيدة مع المواطنين في دوائرهم، في وقت لا يحظون فيه برضى كامل من المؤسسات الأمنية، لانتقاداتهم بين حين وآخر لأداء بعض الوزراء، مع العلم أنهم من الموالين للسلطة الحاكمة، والمؤيدين لقراراتها. وسبق أن أكدت مصادر نيابية مطلعة لـ"العربي الجديد"، أن النظام الحاكم يرفض الأخذ بأي نسبة لنظام القائمة النسبية، والتي تسمح بتمثيل أوسع للأحزاب، وعدم إهدار أصوات الناخبين كالقائمة المغلقة، حتى يضمن سيطرته الكاملة على تشكيل مجلس النواب المقبل، ومنع تسرب أي نائب من مجموعة تكتل (25-30)، الذين سجلوا مواقف معارضة لتوجهات السيسي في المجلس الحالي.

وحسب المصادر، فإن قوائم انتخابات مجلس النواب تُجهز بالتنسيق بين مؤسسة الرئاسة وبعض الأجهزة الأمنية، ومن المقرر أن تُطعم بأسماء العشرات من أعضاء الأكاديمية الوطنية لتدريب وتأهيل الشباب التابعة للرئاسة، الأمر الذي سيتبعه بالضرورة الإطاحة بعدد غير قليل من أعضاء البرلمان الحاليين، كون ائتلاف "دعم مصر" سيُعلن عن حل نفسه بانتهاء الفصل التشريعي الحالي وفقاً للائحة البرلمان. ويستهدف النظام الانتخابي الجديد إقصاء أي صوت معارض تحت قبة البرلمان، حتى وإن كان معتدلاً، و"يرغب في الإصلاح من الداخل"، بيد أن تلك الأصوات تسبب حالة من الحرج للنظام عبر وسائل الإعلام، وذلك في إطار سياسة التضييق على الأحزاب الليبرالية واليسارية التي تتخذ مواقف مناوئة للنظام، وقصر عضوية البرلمان على المدعومين وحدهم من الأجهزة الأمنية.