وقالت منظمة "هيومن رايتس ووتش" في بيان اليوم الاثنين، وصلت نسخة منه إلى "العربي الجديد" إنها "لن تتوقف عن توثيق الانتهاكات رغم طرد الحكومة الإسرائيلية مدير مكتب إسرائيل وفلسطين، إذ إن الترحيل يعكس اعتداء السلطات المكثف على حقوق الإنسان".
وأوضحت أن "مدير مكتبها عمر شاكر، سيغادر الليلة، بعد تأييد المحكمة العليا الإسرائيلية قرار الحكومة الاسرائيلية بالترحيل في 5 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، ومنحه مهلة حتى 25 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، وستستمر المنظمة، تحت إشراف شاكر، في توثيق الانتهاكات الحقوقية".
وقال المدير التنفيذي للمنظمة، كينيث روث، الذي سيرافق شاكر خلال مغادرته الأراضي الفلسطينة المحتلة: "تنضم إسرائيل اليوم، إلى دول مثل فنزويلا وإيران ومصر في حظر دخول باحثي هيومن رايتس ووتش، لكنها لن تنجح في إخفاء انتهاكاتها الحقوقية. هذا القرار يظهر لماذا على المجتمع الدولي أن يغير مقاربته لسجل إسرائيل الحقوقي المتدهور، من غير المرجح أن حكومة تطرد باحثاً حقوقياً بارزاً ستكفّ عن اضطهادها المنهجي للفلسطينيين تحت الاحتلال دون ضغوط دولية أكبر بكثير".
وأضاف روث أن شاكر "سيواصل عمله في دول مجاورة لإسرائيل بعد ترحيله، وربما سيكون عمله من عمان"، مضيفاً: "ليس مصادفة أن تكون الرقابة على عملنا، فالحكومة الإسرائيلية لا تريدنا أن نركز على التفرقة الواضحة التي تقوم بها، وما قامت به من ترحيل لعمر هو جزء من الضغط على عملنا، لكن عملنا في إسرائيل مستمر".
وتابع روث، في كلمة له خلال مؤتمر صحافي عقد في القدس قبل ترحيل شاكر، قائلاً: "إن ترحيل شاكر لن يجعلنا نتخلى عنه، وسيواصل عمر عمله من بلد من بلد مجاور، ربما يعمل من عمان، وسنواصل في المنظمة عملنا، لكن إسرائيل ستنضم إلى دول مُنع عملنا فيها".
وأردف: "ألغت إسرائيل تأشيرة عمل شاكر، وهو مواطن أميركي، في مايو/ أيار 2018، بذريعة أن مناصرته تنتهك قانوناً لسنة 2017 يمنع دخول كل من يؤيد مقاطعة إسرائيل أو مستوطناتها في الضفة الغربية المحتلة".
من جانبه، قال عمر شاكر، في كلمته: "بصرف النظر عن ترحيلي، فإن إسرائيل فشلت في محاولة تكميم حقوق الإنسان. العالم اليوم يرى النماذج التي تقوم بها إسرائيل، والجميع يتحدث عن ذلك"، مشيراً إلى أن الأمر مرتبط بهجوم على حقوق الإنسان في إسرائيل، وما فعلته الحكومة الإسرائيلية أماط اللثام عمّا يجري بحقوق الإنسان في إسرائيل.
وتابع شاكر: "طوال عملي أرفض يومياً كل الممارسات التي تقوم بها إسرائيل، وكل يوم كنا نعمل توثيق الانتهاكات بحقوق الإنسان، وإسرائيل تتهمنا بعدم النزاهة وتدمير سياستها، ثم إننا نرى أن الفلسطينيين يواجهون تحديات ومحاكمات وممارسات عنفية يومية، ويجب على الجميع التوثيق بكاميراتهم ما يجري بحقوق الإنسان في فلسطين".
وأشار شاكر إلى أن ما جرى معه يضعنا أمام الحقيقة التي نواجهها يومياً، وأن هناك 53 حالة اعتقال واستهداف لنشطاء حقوق الإنسان الفلسطينيين بصورة مستمرة، وقال: "الخطاب الذي يجب أن نركز عليه هو كيف للمجتمع الدولي أن ينخرط بهذه القضية".
وقال شاكر: "من دواعي فخري أنني عملت طوال سنتين ونصف هنا، والآن سأكمل عملي من خارج إسرائيل. إن إصرارنا وعملنا لن يتوقفا، وسنمضي إلى النهاية، وسنقوم بتغطية القضايا بذات المنهجية مع شركائنا الفلسطينيين"، مشيراً إلى أن إسرائيل سحبت وجمدت ترخيص عمله، وهو إشارة سيئة للعالم، فالأمر لا يرتبط بعملية انتهاكات فقط.
وحثت "هيومن رايتس ووتش" الشركات على التوقف عن العمل في المستوطنات غير القانونية كجزء من الواجب العالمي لهذه الشركات لتجنب التواطؤ في انتهاكات حقوقية، داعية الشركات إلى الامتثال لذلك في بلدان أخرى، مشيرة إلى أن محكمة محلية إسرائيلية وجدت في إبريل/نيسان الماضي، ثم المحكمة العليا الإسرائيلية، أن هذا الموقف يشكل أساساً للترحيل بموجب قراءة فضفاضة لقانون عام 2017.
Twitter Post
|
Twitter Post
|
وقالت روث: "لم تتطرق المحكمة العليا الإسرائيلية إلى طعن هيومن رايتس ووتش في دستورية ذلك القانون، بما في ذلك آثاره المتمثلة بإسكات من يختلفون مع سياسات الحكومة الإسرائيلية".
Twitter Post
|
Twitter Post
|
وتابع: "كما سعت السلطات الإسرائيلية، أخيراً، إلى تقويض عمل النشطاء الحقوقيين، بما في ذلك منع دخول عدد من النشطاء الحقوقيين الدوليين، وتشويه سمعة النشطاء الحقوقيين الإسرائيليين، وفرض أعباء مالية مرهقة عليهم، ومداهمة مكاتب النشطاء الفلسطينيين واعتقالهم. وفي أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، منعت السلطات الإسرائيلية أحد موظفي منظمة العفو الدولية من السفر خارج الضفة الغربية المحتلة لأسباب أمنية غير معلنة، وهذه المرة الأولى التي تستخدم فيها الحكومة الإسرائيلية قانون 2017 لمحاولة ترحيل شخص موجود قانونياً داخل إسرائيل، وأول مرة تأمر فيها أحد موظفي هيومن رايتس ووتش بالمغادرة خلال 30 عاماً من العمل هناك".
Twitter Post
|
وقوبل قرار طرد شاكر باستنكار فلسطيني واسع، باعتبار أنه يأتي استكمالاً لسياسات حكومة بنيامين نتنياهو تجاه الشعب الفلسطيني الأعزل ومحاولة لإسكات منتقدي إسرائيل.
وقالت عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية حنان عشراوي، في بيان باسم تنفيذية المنظمة: "إن هذا الإجراء الشائن يأتي استكمالاً لسياسات حكومة بنيامين نتنياهو الإجرامية والمتهورة تجاه شعبنا الأعزل، وترحيل شاكر يأتي في سياق التستر على انتهاكات حقوق الإنسان، والتغطية على جرائم دولة الاحتلال المتصاعدة بحق المواطن الفلسطيني، وإسكات صوت منتقدي إسرائيل وحرمانهم التعبير عن رأيهم، واضطهاد كل من يدافع عن حقوق الشعب الفلسطيني الأعزل، ويكشف الوجه الحقيقي للاحتلال".
Twitter Post
|
وأشارت عشراوي إلى أن حملة إسرائيل المتواصلة للتحريض على المدافعين الدوليين عن حقوق الإنسان الفلسطيني، وطرد البعثات الدولية، بما فيها بعثة الوجود الدولي المؤقت في الخليل "TIPH"، وسياستها في ترحيل نشطاء حقوق الإنسان وإسكات المعارضة المشروعة، هو امتداد للغطاء السياسي والقانوني والعسكري الذي تمنحه الإدارة الأميركية لدولة الاحتلال في ظل صمت المجتمع الدولي، مشددة على أن "إسرائيل تتخلص من الشهود المحليين والدوليين على جرائمها".
ودعت عشراوي الأطراف الدولية الملتزمة العدالة وحقوق الإنسان، إلى تحمّل مسؤولياتها في ضمان حماية الشعب الفلسطيني، والمدافعين عن حقوق الإنسان، ومحاسبة إسرائيل على جرائمها، وأكدت أن الشعب الفلسطيني وقيادته يقفان إلى جانب شاكر ومنظمة هيومن رايتس ووتش، ويدعمان المدافعين عن حقوق الإنسان والمؤسسات التي تعمل على إنهاء ثقافة الإفلات من العقاب، ومحاسبة منتهكي حقوق الإنسان.
من جانبها، قالت وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية، في بيان، وصلت نسخة عنه إلى "العربي الجديد": "إن إسرائيل تحاول دائماً إحاطة احتلالها بسواتر دخانية وجدران عالية لإخفاء انتهاكاتها وجرائمها، ولتحقيق هذا الهدف لا تتردد دولة الاحتلال في استخدام جميع الوسائل والأساليب، عبر طرد ممثلي المنظمات والجمعيات، كما حصل مع طرد ممثل هيومن رايتس ووتش عمر شاكر، بعد عملية تضييق وملاحقة استمرت أكثر من 18 شهراً اشتركت فيها المؤسسة القضائية في إسرائيل بحجج وذرائع واهية، وهو ما يذكرنا بقضية مدير فرع منظمة الرؤيا العالمية في قطاع غزة محمد الحلبي، ومحاولة إلصاق التهم بممثلي تلك المنظمات لمنعها من القيام بمهامها الحقوقية والإنسانية في الأرض الفلسطينية المحتلة".
واعتبرت الخارجية الفلسطينية ما جرى بحق شاكر، إمعاناً من دولة الاحتلال في محاولاتها لإسكات جميع الأصوات وجهود تسليط الضوء على الاحتلال وقمعه وعنصريته وما يرتكبه من جرائم وانتهاكات صارخة للقانونين الدولي والإنساني واتفاقيات جنيف ومبادئ حقوق الإنسان.
وطالبت الخارجية الفلسطينية، المنظمات والجمعيات والاتحادات الحقوقية والإنسانية الإقليمية منها والدولية بإدانة هذه الجريمة التي تحاول إسكات صوت الحقيقة وفضحها على أوسع نطاق، والمساهمة في توثيق جرائم الاحتلال وانتهاكاته من هذا القبيل ورفع دعاوى قضائية ضد المسؤولين الإسرائيليين المتورطين فيها، سواء على مستوى المحاكم الوطنية أو المحاكم الدولية ذات الاختصاص.