وأقر النظام السوري بدوره، وعبر وسائل الإعلام الموالية له، بوقوع تفجير استهدف نقطة أمنية تابعة للنظام بالقرب من منطقة المتحلق الجنوبي. وهذه ليست المرّة الأولى التي تعلن فيها "سريّة أبو عمارة للمهمات الخاصة" عن هذا النوع من العمليات، وهي التي تأسست في 20 نوفمبر/تشرين الثاني 2011، ونفذت عملية اغتيال استهدفت أحد قادة "الشبيحة" في مدينة حلب.
ارتبط اسم السريّة باسم قائدها وأحد مؤسسيها، مهنا جفالة (أبو بكري) البالغ من العمر 35 عامًا. وكان من بين المؤسسين ياسر العبد، والذي اعتقل بعد ذلك من قبل النظام السوري إلى أن أفرج عنه من خلال عملية تبادل أسرى عام 2014.
وكان جفالة يدرس في كلية الاقتصاد بجامعة حلب حين انطلاق الثورة في ربيع 2011، لكنه ترك الدراسة ليشارك بالمظاهرات السلمية في البداية مع زميله ياسر العبد، قبل أن يتفقا على تأسيس مجموعة أمنية تختص باستهداف الشبيحة وعناصر الأمن في البداية، ثم تطور عملها لاحقا باتجاه تنفيذ عمليات اغتيال مدروسة لقادة أمنيين من النظام، أو القيام بتفجيرات في أهداف أمنية وعسكرية.
وتركزت عمليات المجموعة في البداية على مدينة حلب حيث كانت موجودة قبل دخول "الجيش الحر" إلى حلب صيف عام 2012، لكن أسهمها بدأت بالهبوط بعد دخول الفصائل العسكرية التي كانت تخوض مواجهات كبيرة ومفتوحة مع قوات النظام.
والنقطة الأخرى هي أن جميع الفصائل كانت من الريف الحلبي، بينما "أبو عمارة" كانت الوحيدة التي انطلقت من مدينة حلب، وهو ما منحها حظوة لدى أهالي المدينة، واستحوذت على دعم مالي من التجار والميسورين من أبناء مدينة حلب المؤيدين للثورة، وحتى من الفنان المسرحي ابن مدينة حلب همام حوت.
ارتكبت "كتائب أبو عمارة" وهو الاسم الذي اختارته لاحقًا قبل أن تعود إلى اسمها الأول في يونيو/حزيران 2017، العديد من الأخطاء التي أدت إلى خسارتها جزءاً مهماً من رصيدها الشعبي والإعلامي، مثل تبنيها لعمليات استهداف شخصيات في النظام، لم تكن هي من قامت بها، أو مبالغتها في نتائج عمليات أخرى قامت بها، ثم مشاركة عناصرها في التهجم على فعاليات ثورية كانت تقام في مدينة حلب عام 2015، حيث جرى استهداف علم الثورة والناشطين المشاركين في هذه الفعاليات، إضافة الى تورطها في إعدام أشخاص بسبب مشاركتهم في انتخابات النظام الرئاسية، وقتها، على الرغم من أنهم كانوا موظفين في المؤسسات الحكومية، ومضطرين للمشاركة في التصويت.
وفي مطلع عام 2014، رفضت "الكتائب" قتال تنظيم "داعش" وانسحبت من تجمع "فاستقم كما أمرت"، بسبب انضمام "التجمع" للفصائل التي أعلنت الحرب على التنظيم.
وفي يونيو/حزيران 2015 جرى استهداف قائدها أبو بكري بعبوة متفجرة أدت إلى بتر قدميه.
وحافظ التنظيم على وجوده المستقل برغم صغر عدد أفراده المقدر بـ250 شخصاً، ولم يضطر إلى التوحد أو الذوبان في فصيل أكبر، كما أنه ليس له انتماء أيديولوجي أو سياسي واضح ومحدد.
ومن أبرز العمليات التي أعلنت "سرية أبو عمارة" مسؤوليتها عنها في الفترات الأخيرة اغتيال المقدم سومر زيدان رئيس فرع الأمن العسكري التابع لنظام الأسد بمدينة حلب نهاية مايو/ أيار الماضي، وتفجير عبوة ناسفة في حي المعادي داخل مدينة حلب بالقرب من مقر لعناصر النظام أسفر عن مقتل 4 منهم في الشهر نفسه، ومقتل خمسة ضباط من البحوث العلمية بعبوة ناسفة على طريق حمص طرطوس في نوفمبر/تشرين الثاني 2017، وقنص جمال الطرابلسي مدير مكتب علي الكيالي منفذ مجزرة ذبح أطفال بانياس.
كذلك من أبرز عملياتها قتل القيادي في مليشيا "لواء القدس" الفلسطيني الموالي للنظام شادي عيد في حي الحمدانية بمدينة حلب، وتفجير مستودع أسلحة للنظام في المنطقة الصناعية بمدينة حلب، ما أدى لمقتل نحو 25 عنصراً من المليشيات الإيرانية، وغير ذلك من العمليات.