ليبيا: تصريحات سلامة تحيي الانقسام بشأن موعد الانتخابات

13 يناير 2019
رأى بعضهم أن سلامة يساير قيادات بعينها(فتحي بلعيد/فرانس برس)
+ الخط -
أثارت تصريحات المبعوث الأممي، غسان سلامة، أخيراً، بشأن إمكانية تأجيل الاستفتاء على الدستور وإجراء انتخابات، انقساماً في الآراء بين المسؤولين الليبيين. واستبعد سلامة خلال تصريحات صحافية متتابعة في الأيام القليلة الماضية إجراء انتخابات رئاسية خلال الربع الأول من العام الحالي، بسبب غياب دعم دستوري، مبدياً أسفه حيال "مماطلة مجلس النواب في إعداد مشروع الدستور وعرضه للاقتراع والذي يحدد صلاحيات الرئيس بشكل واضح". واعتبر أن "إجراء انتخابات برلمانية أمر ممكن قبل نهاية مارس/ آذار المقبل".

وبين مؤيّد ومعارض لتلك التصريحات اتهم بعض مسؤولي مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة، سلامة، بـ"العمل على إطالة الأزمة في البلاد"، بينما رأى آخرون أن "دعوة سلامة عكست الواقع السياسي للبلاد واستحالة إجراء انتخابات في وجود أجسام تشريعية متصارعة".

وتساءل عضو المجلس الأعلى للدولة فتح الله السريري، عن "إطلاع سلامة على نصوص مشروع الدستور"، قائلاً: "ألم يقرأ نصوص الدستور التي حددت صلاحيات الرئيس بشكل واضح، فما هي الصلاحيات التي يرغب في وضوحها؟". واعتبر أن "البعثة تعرّضت في كثير من مواقفها لضغوط دول تسعى لإطالة أمد الأزمة لمصالحها".

وقال السريري لـ"العربي الجديد" إن "البعثة تسعى للقفز فوق المراحل، ومواقفها لا تعكس سوى خلط للأوراق، فأحياناً توقف مسار تعديل الاتفاق السياسي حين يصل الفرقاء إلى تسوية، وتلوّح بعقد الملتقى الجامع، ثم تشير إلى إمكانية الخروج للانتخابات قبل أن تتراجع فجأة". وطالب البعثة بـ"مزيد من الوضوح في مواقفها".

لكن محمد معزب، عضو المجلس الأعلى، اعتبر أن "دعوة سلامة لإجراء انتخابات برلمانية تأتي في سياق رؤيته بأن يتمكن البرلمان الجديد من الإشراف على الاستفتاء على الدستور"، مؤكداً في حديثٍ لـ"العربي الجديد" أن "مجلس النواب الحالي بات عقبة حقيقية أمام الاستحقاق الدستوري والاستفتاء عليه". وأضاف أن "أغلب أعضاء مجلس النواب والدولة يتفقون مع الخطوة، فيما يذهب طيف نيابي بمجلس النواب إلى الدعوة لانتخابات رئاسية فقط للبقاء في السلطة وللالتفاف على مساعي إنجاز الدستور الدائم للبلاد".

أما عضو مجلس النواب، ابراهيم الدرسي، فرأى أن "سلامة ناقض كل المتفق عليه في مؤتمرات باريس وباليرمو، التي اتفقت فيها الأطراف الليبية على إجراء الاستفتاء على الدستور أولا ثم إجراء الانتخابات". وقال الدرسي لـ"العربي الجديد" إن "سلام قال بالحرف الواحد في تصريحاته أخيراً، إنه يوجد توافق على إرجاء الانتخابات، فليسمّي لنا من هؤلاء الذين توافقوا"، مشيراً إلى أنه "يقصد أطرافاً دولية وأن مصير القضايا الداخلية بات مرتهناً لقرار البعثة".

واعتبر الدرسي دعوة سلامة لإجراء انتخابات تشريعية "سعياً منه للتخلص من مجلسي الدولة والنواب، ومن ثم إجراء استفتاء على الدستور ثم انتخابات رئاسية". وقال "في اعتقاد الكثير من أعضاء المجلسين أن سلامة يفسح الساحة لقيادات سياسية معينة، مثل قادة التيار الإسلامي، الذين يمثل المجلسان عقبة أمام طموحاتهم". وتساءل عن أهمية عقد ملتقى وطني، قائلاً "إذا قرر سلامة تقسيم الانتخابات بهذا الشكل، فما الداعي للملتقى وماذا سيقرر فيه الليبيون؟ هل المطلوب منهم المصادقة على قراراته؟".

لكن العضو الآخر بمجلس النواب، جلال الشويهدي، رأى أن "سلامة لم يقسم الانتخابات لفترات لكنه استقرأ للواقع"، مشيراً في حديثٍ لـ"العربي الجديد" إلى أن "التجاذب السياسي الحاد بين مجلسي الدولة والنواب، بغياب التكامل بينهما، أصبح يمثل أزمة، وعليه لا يمكن إجراء استفتاء على الدستور. بالتالي يتوجب إنهاؤهما وإيجاد بديل موحد عنهما بإرادة شعبية". وشدّد على "أهمية وجود جهة تشريعية جديدة يمكنها الإشراف على استفتاء وانتخابات بعيداً عن صراعات الشخصيات، التي لم تتوقف عن إذكاء حالة الانقسام". وأكد أن "نتائج الاستفتاء على الدستور لن تكون نزيهة في أوضاع البلاد السياسية الراهنة، التي تقف وراءها عشرات المجموعات المسلحة".

في سياق آخر، اتهم ثلاثة من أعضاء من المجلس الرئاسي وهم أحمد معيتيق وفتحي المجبري وعبد السلام رئيس المجلس الرئاسي، فائز السراج، بـ"قيادة البلاد نحو الانهيار والصدام المسلح". وذكر الأعضاء في بيان لهم، أمس السبت، أن "المجلس الرئاسي انبثق عن الاتفاق السياسي من أجل تحقيق أهداف أي حكومة وطنية تهمها مصلحة البلاد وشعبها. وهذه الأهداف لم تتحقق بسبب سياسات السراج غير المدروسة وتصرفاته غير المسؤولة واستئثاره وانفراده بالقرارات المهمة والمصيرية".


المساهمون