شرعنة حضن الوطن

04 اغسطس 2018
اللاجئون ورقة بيد النظام السوري وروسيا (إكرام مصري/الأناضول)
+ الخط -

لم تكتفِ روسيا بتمكين النظام سياسياً من خلال تسويقه دولياً كنظام شرعي وكمحارب للإرهاب، رغم كل الجرائم التي يرتكبها، واستخدام حق النقض الفيتو في وجه كل القرارات التي قد تدينه، إلا أنها بالتوازي مع التمكين السياسي قامت بتمكين النظام ميدانياً، من خلال لعبة مناطق خفض التصعيد التي حيّدت فيها فصائل المعارضة بقوة الشرعية الدولية، ومكّنت النظام، بالتالي، وساعدته، من خلال سلاحها الجوي، في الاستفراد بتلك المناطق منطقة تلو الأخرى، من خلال حصارها ووضعها بين أحد خيارين: إما التدمير الشامل أو القبول بعودة النظام، حتى بات النظام يسيطر على معظم مناطق المعارضة.

الآن، يعمل الروس على إقناع المجتمع الدولي بأن مناطق سيطرة النظام أصبحت "بيئة آمنة لعودة اللاجئين" الذين هربوا من وحشية النظام، ووحشية الروس في التعامل مع المدنيين. كما تبنّت موسكو شعار العودة إلى حضن الوطن الذي كان يروّج له النظام خلال فترة انكساره، وذلك من خلال شخصيات تحسب نفسها على المعارضة وتتبنى الطرح الروسي، في نفس الوقت، ومن خلال إقناع الدول التي تؤوي أكبر عدد من اللاجئين بتحويل هذا المشروع إلى مشروع دولي تحت شعارات إنسانية، ظاهرها أن "العودة طوعية"، وأن "روسيا تتكفل بضمان بيئة آمنة للعائدين إلى حضن الوطن".

أما حقيقة هذا المشروع الروسي، فيقوم على عدد من النقاط، أهمها تسويق مناطق النظام دولياً كمناطق آمنة، وبالتالي محاولة تأهيل النظام دولياً ليكون الشريك الأكبر في أية تسوية سياسية. أما النقطة الثانية في المشروع الروسي، فهي مرتبطة بالنقطة الأولى، أي أن إقناع الدول التي تستضيف لاجئين، بأن مناطق النظام هي بيئة آمنة، سيدفع تلك الدول إلى حرمان اللاجئين من كل حقوقهم والتضييق عليهم حتى يغادروا من تلقاء أنفسهم. الموضوع ظاهره إعادة طوعية، بينما في الواقع سيكون إعادة قسرية. أما النقطة الثالثة في المشروع الروسي، فهي ربط عودة اللاجئين بإعادة الإعمار، وإقناع الدول التي كانت ترفض المشاركة بأن الوضع في "سورية النظام" أصبح ملائماً للمشاركة في إعادة الإعمار.
إلا أن التناقض في موضوع الطرح الروسي عن ضمان أمن العائدين، ظهر من خلال تصريحات مسؤولي النظام وشبيحته، تتوعّد "كل من قام بأعمال مسّت أمن الوطن بأقسى أنواع العقوبات، وتقسيم السوريين إلى فئتين: وطنية دعمت بشار الأسد، ولا وطنية انحازت للثورة".
المساهمون