الفراغ الدستوري وتعثّر الحلّ السياسي يهدّدان العراق بانتكاسة أمنية

20 اغسطس 2018
الخوف من انهيار الأمن يشغل العراقيين (أحمد الربيعي/فرانس برس)
+ الخط -
مع اتساع حدة الخلافات السياسية في العراق، جراء الفراغ الدستوري، وعدم تشكيل حكومة جديدة، حتى الآن، تسود مخاوف من حدوث انتكاسة أمنية، في وقت يؤكد فيه مسؤولون، على وجود توجيهات مباشرة للقوات العراقية ومليشيات "الحشد الشعبي"، بعدم التدخل في الأزمة الراهنة.

وتصاعدت في الساعات الأخيرة، حدة الخلافات والتنافس السياسي بين مختلف الكتل العراقية الفائزة بالانتخابات البرلمانية الأخيرة، لتشكيل "الكتلة الكبرى" التي تتولّى تأليف الحكومة الجديدة.

وتزامناً، فشلت وساطات إيرانية في إعادة ترميم صفوف الخط السياسي الموالي لها، ما أدى إلى اصطفافات بمعسكرين: الأول يمثله رئيس ائتلاف "دولة القانون" نوري المالكي وتحالف "الفتح" هادي العامري، والثاني يمثله رئيس تحالف "سائرون" مقتدى الصدر، و"النصر" حيدر العبادي، و"الحكمة" عمار الحكيم.

يقول سامي عبد الله (46 عاماً) ويعمل موظفاً في دائرة حكومية ببغداد، إنّ "الخوف من انهيار الأمن هو ما يشغل العراقيين اليوم".

ويضيف "نخشى من تفجيرات أو عودة داعش للمشهد بشكل يشغل الشارع عما سواها من مشاكل وأزمات، بما فيها الأزمات السياسية والأزمات المعيشية مثل الماء والكهرباء، وهذا شيء تعودنا عليه في سنوات وأزمات سابقة، من الطبقة السياسية الحاكمة في العراق".

وتتزامن الأزمة السياسية، مع احتجاجات شعبية تشهدها العاصمة العراقية بغداد، والمحافظات الجنوبية في البلاد، منذ 8 يوليو/تموز الماضي، خرجت بداية في البصرة، وذلك احتجاجاً على سوء الخدمات وازدياد البطالة وتفشي الفساد، قابلتها القوات الأمنية بالقوة، ما تسبب بمقتل وإصابة مئات العراقيين، بينهم أطفال.

في السياق، قال القيادي في التيار المدني العراقي أيوب الفضلي، لـ"العربي الجديد"، اليوم الإثنين، إنّ "الخوف يتصدّر هواجس العراقيين من أن يكون الصراع السياسي باباً لانهيار أمني جديد، كما حدث في عامي 2010 و2014".

وأضاف الفضلي أنّ "بعض الجهات السياسية التي تمتلك أجنحة مسلحة، قد تتحرّك بهذا الجانب، إذا وجدت نفسها خاسرة"، لافتاً إلى أنّ "بعض القيادات العسكرية والأمنية تدين بالولاء لجهات وأحزاب وشخصيات سياسية تدعمها، والخوف من أن يكون هناك مخطط لفتح ثغرة جديدة لداعش، لتنفيذ عمليات إرهابية، لإحراج حكومة العبادي على أقل تقدير وإضعاف حظوظه في ولاية ثانية".

واتهم الفضلي قوى سياسية لم يسمّها، بأنّها "مستعدة لفعل أي شيء مقابل عدم خسارتها السباق الحالي نحو كرسي الحكومة".


من جانبه، قال مسؤول عراقي رفيع المستوى في بغداد، اليوم، لـ"العربي الجديد"، إنّ "قوات الجيش، وباقي التشكيلات العراقية العسكرية والأمنية، بمعزل تام عن التنافس السياسي الحالي بين الكتل".

ويأخذ هذا التنافس بعداً دولياً وإقليمياً، مع تواجد وفدين في العراق: إيراني برئاسة قائد "فيلق القدس" في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، وأميركي برئاسة المبعوث بريت ماكغورك، منذ أيام، لمناقشة تشكيل "الكتلة الكبرى" التي يضعها الدستور شرطاً قبل الشروع في اختيار رئيس الوزراء المقبل.

ولفت المسؤول العراقي الذي لم يكشف عن اسمه، عن أنّ رئيس الوزراء حيدر العبادي، "أصدر أوامر واضحة بمنع تدخل القوات العراقية بالصراع السياسي الحالي، وأن تكون الأولوية للملف الأمني كونه يتعلّق بحياة العراقيين".

ولم تسفر المباحثات المحلية، أو الضغوط الخارجية، عن التوصّل إلى تشكيل تحالف سياسي حتى الآن، باستثناء ما أعلن عنه، مساء الأحد، من تشكيل نواة لـ"كتلة كبرى" يجري التحضير لبرنامج سياسي مشترك لها، تتألف من 165 مقعداً بالبرلمان، وتضم كتل "سائرون" و"النصر" و"الحكمة"، وقوى سنية وكردية أخرى منفردة.


وكشف وزير عراقي بحكومة العبادي، في اتصال هاتفي، مع "العربي الجديد"، أنّ رئيس الوزراء "جدد تأكيده لقيادة أركان الجيش العراقي، وباقي التشكيلات الأمنية والعسكرية والاستخبارية، على عدم تدخلهم في الصراع السياسي الحالي، بأي شكل من الأشكال".

كما لفت الوزير الذي لم يكشف عن هويته، إلى أنّ العبادي دعا القوات العراقية، إلى "التركيز على ملف الأمن بالمدن المحررة والعاصمة بغداد، تجنّباً لأي محاولات إرهابية في التأثير على الوضع العام بالبلاد، واستغلال الظروف الحالية والفراغ الذي تمرّ به".

وأعرب الوزير عن "الخشية من بعض الأطراف التي ستجد نفسها خاسرة في الصراع السياسي الحالي، أن توظف الجانب الأمني في ردود فعلها، وهناك تجارب سابقة عرفها العراقيون من قبل"، وفقاً لقوله.

ودخل العراق، في نهاية يونيو/حزيران الماضي، فترة من الفراغ الدستوري، بعد فشل البرلمان العراقي في تشريع قانون يجيز تمديد ولايته الدستورية، لحين حسم نتائج الانتخابات المطعون بنزاهتها.

وأعلنت مفوضية الانتخابات العراقية المنتدبة، الأسبوع الماضي، عن نتائج العد والفرز اليدوي للانتخابات البرلمانية التي جرت في 12 مايو/أيار الماضي، بعد الطعن في النتائج السابقة، وقالت إنّ جميع النتائج متطابقة من حيث حصص الكتل السياسية.