انتخابات باكستان: التهديدات الأمنية والتوتر السياسي أهم التحديات

24 يوليو 2018
لحنيف عباسي نفوذ كبير في مدينة راولبندي (Getty)
+ الخط -

في تاريخ الـ21 من شهر يوليو/ تموز الحالي، وقبل الانتخابات العامة بأيام، حكمت محكمة خاصة بالسجن المؤبّد على القيادي في حزب "الرابطة الإسلامية" حنيف عباسي، وهو أحد المقربين من رئيس الوزراء السابق نواز شريف، بتهمة تجارة وتهريب المخدرات. واعتقل عباسي من داخل المحكمة ونقل إلى سجن "أدياله"، حيث يعتقل قائده نواز شريف. وفي اليوم نفسه، دانت محكمة أخرى كلاً من الرئيس الباكستاني السابق آصف زرداري وأخته فريال تالبور في قضية تهريب العملة الصعبة، واعتبرتهما فارين من المحكمة. هؤلاء الثلاثة ليسوا وحدهم من طاولتهم الأحكام القضائية، بل هناك آخرون أيضاً.

وبعيداً عن اعتقالات السياسيين وآثار تلك الأحكام القضائية على نتائج الانتخابات، فإنّ الأمر في حدّ ذاته يشكّل تحدياً كبيراً للسلطات الأمنية في يوم الاقتراع. فعلى سبيل المثال، لعباسي نفوذ كبير في مدينة راولبندي، وهو كان ينافس الشيخ رشيد أحمد، زعيم "حزب الرابطة لعامة الباكستانيين". والآن بعد أن حرم عباسي من المشاركة في الانتخابات، يتوقّع أن يتسبب أنصاره بمشاكل، فضلاً عن سعيهم إلى عرقلة عملية الاقتراع في راولبندي، المدينة العسكرية المجاورة للعاصمة إسلام أباد.

كذلك، إن أتت النتائج بخلاف ما يريده حزب "الرابطة الإسلامية" - جناح شريف، وغريمه "حزب الشعب الباكستاني"، فستكون في أيديهم ذريعة لخلق مشاكل للسلطات الأمنية من خلال الاحتجاجات والتظاهرات، لا سيما أنّ القياديين في الحزبين أشاروا إلى أنهم لن يقبلوا بنتائج الانتخابات إذا ما حصل تزوير فيها.

كذلك من التحديات التي تواجه سلطات الأمن هي "حركة الحماية عن البشتون" التي أعلنت مرحلة جديدة من الاحتجاجات. ولا شكّ في أنّ أيّ حزب ستأتي نتائج الانتخابات بخلاف ما يريد، سوف ينضم إلى هذه الحركة التي أضحت تمثّل قلقاً دائماً للسلطات الباكستانية، على الرغم من تمكّن الأخيرة من إقناع بعض القياديين فيها بالمشاركة في الانتخابات. وثمة خشية من أن تستغلّ الحركة بدورها أجواء التوتر بين المؤسسة العسكرية والسياسيين، مقابل استغلال الأحزاب السياسية لها ضدّ المؤسسة العسكرية إذا لم تكن نتائج الانتخابات في صالحها.


علاوة على هذه التحديات كلها، يبقى التهديد الأهم والأخطر هو التهديد الأمني، حيث بدأت تتعرّض الحملات الانتخابية لعمليات انتحارية وتفجيرات. أبرز تلك العمليات ما استهدف القيادي في "جمعية علماء الإسلام"، أكرم خان دراني، في مدينة لكي مروت المجاورة لمنطقة القبائل، حيث نجا الرجل بأعجوبة، ولكن العديد من أنصاره سقطوا بين قتيل وجريح. عقب ذلك، استهدف هجوم انتحاري أيضاً القيادي في حزب "عوامي" القومي البشتوني، هارون بلور، في مدينة بشاور، ما أدى إلى مقتله وسقوط عشرات آخرين بين قتيل وجريح. ولعل الهجوم الأكثر دمويةً ما نفّذه تنظيم "داعش" عبر استهدافه اجتماعاً انتخابياً في مدينة مستونك بإقليم بلوشستان، ما أدى إلى مقتل 130 شخصاً، بينهم القيادي في "الحركة القومية"، سراج رئيساني، وأحد رموز ووجهاء بلوشستان.

وكانت وزارة الداخلية قد حذّرت المرشحين مراراً من احتمال استهداف اجتماعاتهم، وأوصتهم بأخذ الحيطة والحذر. ومجدداً حذّرت أجهزة استخباراتية وأمنية، 65 شخصية سياسية بارزة، ومنها رؤساء الأحزاب السياسية والمرشحين للانتخابات، من تعرّضهم لهجمات إرهابية، خصوصاً في إقليم بلوشستان وخيبر بختونخوا. وأوصت الأجهزة هؤلاء بأخذ الحيطة والحذر، وقالت إنّ لديها أدلة تؤكّد أنّ من وصفتهم بـ"أعداء البلاد"، يخططون لتنفيذ هجمات عليهم وعلى اجتماعاتهم وعلى مراكز الاقتراع.

وكان مجلس الشيوخ الباكستاني قد أعرب عن قلقه البالغ خلال اجتماعه الأخير، حيال التهديدات الأمنية الموجهة لحملات الانتخابات ولعملية الاقتراع. وفي هذا الإطار، قال رحمن الملك، عضو مجلس الشيوخ والقيادي في "حزب الشعب"، إنّ "الانتخابات حدث كبير في تاريخ بلادنا والتهديدات الأمنية الموجهة إليه مقلقة للغاية"، مشيراً إلى أنّ "أعداء هذه البلاد لا يتحمّلون إجراء الانتخابات في جو من الراحة والطمأنينة، وبالتالي يسعون لاستهداف هذه العملية بأي وسيلة كانت".

بدوره، أعلن وزير الداخلية في الحكومة الانتقالية في إقليم بلوشستان، آغا عمر بنكزاي، في مؤتمر صحافي يوم السبت الماضي، أن "هناك 50 مركزاً للاقتراع في أماكن خطيرة وحساسة، وسيتم تعيين القوات شبه العسكرية وقوات الجيش فيها ومن حولها"، مضيفاً أنّ "قوات الأمن عموماً أمامها مهمة كبيرة في يوم الاقتراع". من جهته أكّد مسؤول أمني في الإقليم يُدعى، تصور ستار، أنّ "قوات الأمن اعتقلت خلية من المسلحين بحوزتها أسلحة ومتفجرات وكانت تخطط لاستهداف عملية الانتخابات"، محذّراً من وقوع أعمال عنف تستهدف العملية الانتخابية خلال الأيام المقبلة.

المساهمون