القنيطرة السورية... "أرض الزيتون" التي تعرض أهلها للنزوح والمذابح

19 يوليو 2018
تشريد أغلب أهل القنيطرة على يد الاحتلال(ياسين أكغول/فرانس برس)
+ الخط -

تُوشك المعارضة السورية المسلحة على فقدان المناطق التي تسيطر عليها في ريف محافظة القنيطرة، المتاخمة لمحافظة درعا في الجنوب، حيث أبرمت اتفاقا مع الجانب الروسي شبيها باتفاقات سابقة عقدتها المعارضة في مختلف أرجاء سورية، يعيد قوات النظام إليها بعد طردها منها قبل سنوات.

وتعد القنيطرة أصغر المحافظات السورية لجهة المساحة، حيث تبلغ مساحتها نحو 1800 كيلومتر مربع، 1200 كيلومتر مربع منها في منطقة الجولان وتقع تحت الاحتلال الإسرائيلي. 

ودفعت أثمانا باهظة بعد الاحتلال الاسرائيلي القسم الأكبر منها في عام 1967، ما أدى إلى تشريد أغلب أهلها، حيث ظهر مصطلح "النازحين" في سورية منذ ذاك الحين، وتكرس أكثر، خلال سنوات الثورة إذ شردت قوات النظام ملايين السوريين. 

وسمحت إسرائيل لقوات النظام بالعودة مرة أخرى إلى القنيطرة كي تحافظ على هدوء حدودها الشمالية، حيث لم تطلق هذه القوات طلقة واحدة اتجاه إسرائيل منذ اتفاق وقف إطلاق النار عام 1974، بينما تصب نار حممها على فصائل المعارضة والمدنيين على بعد عدة كيلومترات من الحدود السورية مع الجولان المحتل.   

وأشارت مصادر محلية لـ"العربي الجديد" إلى أن أغلب سكان الجولان السوري بعد عدوان 1967 قطنوا دمشق وريفها، إضافة إلى درعا وريف القنيطرة، حيث عاشوا ظروفا معيشية صعبة كانت وراء اندفاعة أهل القنيطرة الكبرى للحاق بالثورة السورية عام 2011، سواء في القنيطرة أو في دمشق وريفها.


 

وأوضحت أن عدد سكان المحافظة حاليا لا يصل إلى 100 ألف نسمة، مشيرة إلى أن نحو نصف مليون من سكان القنيطرة منتشرون اليوم في محافظات سورية نزحوا إليها بعد عام 1967. 

وتضم القنيطرة العديد من المدن الصغيرة والبلدات، أبرزها مدينة "البعث" المستحدثة، والتي تقع بالقرب من مدينة القنيطرة التي دمرتها إسرائيل في حربي 1967 و1973، وأبقاها النظام كما هي، وبلدات منها جباتا الخشب، وحضر، وخان أرنبة، خشنية، نبع الصخر، الرفيد، سويفة، وسواها من البلدات. 

وتضم القنيطرة قرى يقطنها شركس، اثنتان منها تحت السيطرة السورية، هما بريقة وبير عجم شركس. 

وينتمي أغلب سكان القنيطرة إلى عشائر عربية معروفة، أبرزها السلاوية، والفضل، والنعيم، إضافة إلى المكون الدرزي الذي بقي أغلبه في الجولان المحتل، فيما يقطن قسم منه في بلدة حضر. 

ومع نهاية عام 2013، كان الجيش السوري الحر يسيطر على أغلب مساحة القنيطرة، ولم يبق للنظام سوى مدينة البعث وخان أرنبة وحضر. 

وتتميز محافظة القنيطرة بزراعاتها ومياهها العذبة، حيث ينبع منها نهرا العلال والرقاق، وهما رافدان مهمان لنهر اليرموك. 

وتعرض أهل القنيطرة للعديد من المذابح خلال سنوات الثورة، لعل أبرزها مذبحة بلدة جديدة الفضل غربي دمشق عام 2013، حيث قتل المئات ذبحا على يد مليشيات طائفية. 

كما ارتكبت مليشيات إيرانية مذابح بحق أهل القنيطرة النازحين في الجنوب الدمشقي، وخاصة في بلدات تقع بالقرب من مدينة السيدة زينب.

 يذكر أن الاتفاق الذي تم التوصل إليه ينص على وقف فوري ودون شروط لإطلاق النار، على أن يتم "تسوية وضع" من يودّ البقاء من المعارضة وإصدار "عفو عام"، وعلى "عدم الملاحقة اﻷمنية للضباط والعناصر المنشقين" عن قوات النظام وتأجيل المتخلفين، وعدم ملاحقة المدنيين الذين سبق لهم أن كانوا ضمن صفوف المعارضة المسلحة، ومنح مهلة مدتها 6 أشهر للمتخلفين عن الخدمة اﻹلزامية. 

كما ينص على ألا يشمل "العفو كل من تم توثيق قيامه بإعدامات ميدانية من دون محاكمة"، على أن يتم تسليم السلاح الثقيل والمتوسط خلال مدة يتفق عليها الجانب الروسي مع الوفد المفاوض عن المعارضة السورية لاحقاً.

كذلك، عودة "جميع" مهجري الجنوب الدمشقي، باستثناء حي الحجر اﻷسود، لأنه "غير صالح للسكن"، وعودة المُهجّرين من ريف دمشق الغربي في منطقة "مثلث الموت"، وصولاً إلى حمص.

ويدخل "اللواء 90" و"اللواء 61" التابعان لقوات النظام، برفقة الشرطة العسكرية، إلى خط وقف إطلاق النار، والمنطقة منزوعة السلاح وفق اتفاقية العام 1974، بين النظام وإسرائيل، ويتم تنسيق الدخول مع الفصائل المتواجدة في القطاعين الشمالي والجنوبي من القنيطرة. 

كما ينص الاتفاق على حق العودة للموظفين في دوائر الدولة والمنقطعين عنها إلى وظائفهم، وعودة طلاب الجامعات إلى جامعاتهم، ومن لا يرغب في "التسوية" يمكنه الخروج إلى إدلب مع السماح لمن يرغب في الخروج بحمل بندقية وثلاثة مخازن، ويجري التفاوض على إمكانية نقل السلاح والسيارات الخاصة.

ويرد في الاتفاق تشكيل لجنة لمتابعة أمور المعتقلين، و"ضمان الحريات والحق في التعبير عن الرأي تحت سقف القانون".