انتخابات لبنان من منظور عربي

02 ابريل 2018
الخاسر الوحيد قبل الانتخابات وبعدها هو المُجتمع (حسين بيضون)
+ الخط -
انتهت الانتخابات الرئاسية الصورية في مصر، وستنتهي الانتخابات البرلمانية شبه الصورية في لبنان قريباً، بالتزامن مع موعد الانتخابات البلدية التونسية. وعلى ما يبدو فإن الربيع العربي لم يزد أحزاب السلطة في لبنان إلا تعلّقاً بالسلطة، فأصبح المواطنون أبعد ما يكونون عن الديمقراطية التي لطالما تغنينا بها.

على "قاعدة أحسن ما نبقى زي سورية والعراق" تخوض قوى السلطة معركة الانتخابات المُفصّلة، وتبني الأحزاب خطاباتها على ركام عواصم الربيع العربي، مع تخيير قوى كـ"حزب الله" للناخبين بين الأمن والأمان وبين الحقوق البديهية للمواطنين كالإنماء وفرص العمل وغيرها، كما خيّرت قوى أُخرى ناخبيها بين الاستقرار الاقتصادي المرجوّ وبين "تسليم بيروت إلى إيران". وبكل بساطة تجاوزت القوى اللبنانية انقساماتها حول ملفات المنطقة وحول الملفات الداخلية، وانخرطت جميعها في تحالفات مؤقتة تخدم عملية تقاسم مقاعد البرلمان وتؤسس لمرحلة عدم استقرار سياسي بعد انتهاء الانتخابات. 

الخاسر الوحيد قبل الانتخابات وبعدها هو المُجتمع، الذي لا يزال مُترنحاً من صدمة انتهاء الحراك المدني والشعبي الذي رافق أزمة النفايات قبل عامين دون حلّ. كما خسر الكثير من قوى التغيير من حركات مُجتمع مدني وناشطين لمصداقيتهم نتيجة إدارتهم الخاطئة للملف، ونتيجة البروباغندا السلبية التي قادتها قوى السلطة ضدهم، فلم يعودوا خياراً انتخابياً لكثيرين. كان الحراك - رغم كونه مُرتبطاً بأزمة معيشية وبيئية - مُستوحى بشكل كبير من واقع الثورات التي ساهم المُجتمع الدولي في وأدها في سورية، العراق، اليمن، ليبيا، وغيرها. فكانت ساحات بيروت مُصغّراً لأحداث الربيع العربي الذي أرادته السلطات دامياً في عواصم العرب، وأرادته السلطة اللبنانية درساً لـ"عدم الخروج عن ولي الأمر" وإن بدموية أقل. فكانت الاستدعاءات الأمنية والقمع بقنابل الغاز وإطلاق النار في الهواء، وإحالة المدنيين على المحكمة العسكرية بديلاً مُلطّفاً للقتل والتهجير، والنتيجة واحدة. وبعد شهر وأيام قليلة سيعود البرلمان إلى التكتل وفق محاصصة طائفية وسياسية مُكررة على رُكام أزمات المواطنين، ورغم عدم تكافؤ الفرص في القانون الانتخابي الجديد إلا أن القوى السياسية مُنخرطة حالياً في حرب تصعيد كلامي عنيفة، تستخدم الطائفية والمناطقية لحشد الناخبين. سقطت البرامج السياسية في لبنان، ويُفترض بنا أن نقترع للصوت الطائفي الأعلى أو لـ"حزب الكنبة". 

 

 

دلالات