المركز العربي يناقش أدوار الحركات الاجتماعية بانتقاد السلطة والمسار الانتقالي

09 مارس 2018
من المؤتمر الدولي للمركز العربي (العربي الجديد)
+ الخط -
يواصل "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات" (فرع تونس)، أشغال مؤتمره الدولي، الذي خصص جلسته، مساء أمس الخميس، لمناقشة الحراك والمضمون السياسي لبعض الحركات والتنظيمات التي نشأت للاحتجاج على الأنظمة السياسية وبعض مخرجاتها التنفيذية والقانونية.
وقدم مجموعة من الباحثين مداخلات حول عينة من هذه الحركات، مثل "مانيش مسامح" في تونس و"كفاية" في مصر، ودورها في انتقاد السلطات والمسار الانتقالي الذي عرفته بلدان الربيع العربي.

وقال الباحث التونسي أحمد عثمان، الذي قدم مداخلة بعنوان "الحركات الاجتماعية في تونس من الاحتجاج إلى التحفيز: حركة مانيش مسامح"، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إنّ "الحركات الاجتماعية سعت إلى تحقيق مطالبها؛ فحركة مانيش مسامح ضغطت على قانون المصالحة ليتم تنقيحه وتغيير محتواه، وأصبح يحمل عنوان المصالحة الإدارية"، مبينًا أن هذا القانون "اقترحته رئاسة الجمهورية، وبالتالي سعت مانيش مسامح إلى تحفيز الشارع ودفع الوعي للتراجع عن هذا القانون من خلال الشعارات والأمثال واستغلال الموروث الاجتماعي".

وأضاف عثمان أن الأحزاب السياسية في تونس انقسمت إلى شقين؛ بعضها كان مع الحملة ورافضًا للقانون، خاصة المعارضة، وشق آخر ضد الحملة ومساند للقانون، معتبرًا أن حملة "مانيش مسامح" عرفت انتشارًا واسعًا في عديد الجهات التونسية والمدن الكبرى، مستغلة حضورها في عديد الأحداث، وأفاد أنه "تم تمرير القانون بشكل مخجل، ولكن تعامل السلطة مع الحملة كان شرسًا ووقع إقصاء العديد من الناشطين فيها".



وقدم الباحث المصري، أحمد صبري، مداخلة حول حركة "كفاية"، ودورها في إحياء الحراك الاجتماعي والسياسي في مصر، مشيرًا إلى أن "كفاية"، التي تكونت في التسعينيات، تعني لا للتمديد لمبارك، ولا لاستمراره كرئيس جمهورية، ولا لتوريث السلطة لابنه". وأفاد بأن "كفاية كانت في البداية تضم 300 شخص، محامين وسياسيين وناشطين، وأغلبهم كان من حساسيات وانتماءات مختلفة، فالمشكلة في التسعينيات كانت تراجع الدور السياسي للشريحة الوسطى من المجتمع، إذ تم تجميد الحالة السياسية وكذلك الحراك السياسي في مصر".

وبيّن أن "أكبر تظاهرة في تلك الفترة كانت لا تتعدى الـ40 شخصًا، ولكن حركة كفاية استفادت من الحراك الذي عرفته فترة الغزو الأميركي على العراق، ومن حالة الاحتقان والتهميش التي عرفتها فترة حسني مبارك، وبدأت تعرف تصاعدًا في مصر، وبالتالي تجاوزت التظاهرات التي كوّنتها الحركة الألف والألفي متظاهر".

واعتبر صبري أن "الحملة عملت على إعادة الحراك السياسي في مصر، وحشد المواقع الإلكترونية والطلبة، فرفعت شعارات تعبّر عن مشاكل الطبقة الوسطى، وتنتقد السياسات الاقتصادية لمبارك".

وأضاف أن "الحركة، وإن عرفت نشاطًا كبيرًا في مصر، وتتالت تظاهراتها، فإنها فشلت في تحقيق مشروعها. وبعد العام 2005، حصل سقوط كبير للحركة، وانشقاقات داخلها، نظرًا لتناولها مواضيع أيديولوجية تم اتهامها على إثرها بمعاداة الإسلام نتيجة بعض المواقف لقيادييها، ولكن النظام عمل أيضًا على إفشالها وأنشأ حركة موازية وهي (موش كفاية)، والتي كانت تتظاهر لمساندة النظام".


أما الباحث العراقي هادي مشعان ربيع، فتطرّق في مداخلة إلى الحركات الاحتجاجية الحالية في العراق بعد العام 2003، والتي تعود جذورها إلى بداية الاحتلال الأميركي عام 2003، حينما "حصل انهيار للمؤسسات العراقية السياسية والدستورية والإدارية، وفشل الاحتلال الأميركي مع القوى السياسية التي جاءت معه في إعادة بناء مؤسسات حقيقية على أسس وطنية، إذ بنيت مؤسسات على أسس طائفية وعلى المحاصصة؛ ما أدى إلى ارتباط المجتمع العراقي وضياع الهوية العراقية".

وأضاف أن "فقدان الأمن، والاحتلال الأميركي، والأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، والتأثر بثورات الربيع العربي، أدت جميعها إلى حراك اجتماعي في العراق"، معتبرًا أن الأشكال السلمية للاحتجاجات تمثلت في التظاهرات والاعتصامات والإضرابات، والتي بلغت، من 2003 إلى 2017، نحو 1790 احتجاجًا.

وأشار إلى أن تأثيرات ذلك انسحبت إلى المستوى السياسي، من خلال التأثير على السلطة القضائية والتنفيذية والتشريعية، إذ دفعت رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، إلى اعتماد برنامج لمحاربة الفساد منذ 2014، والبرنامج مستمر إلى غاية اليوم، ونتائجه بدأت تظهر، معتبرًا أن الإصلاحات لم تكتمل وهي متواصلة.

ويواصل المركز العربي في تونس، اليوم الجمعة، ندوته لبحث موضوع السياقات الانتقالية ودور الثورات العربية في تأجيج التحركات الشعبية، التي ستستمر حتى يوم غد السبت.