بولتون في البيت الأبيض: تاريخ طويل في تحضير الحروب وهندستها

23 مارس 2018
عُرف بولتون بتصريحاته العدائية المثيرة للجدل (Getty)
+ الخط -
أقال الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، مساء الخميس، مستشاره للأمن القومي الجنرال اتش آر ماكماستر، ليعين الدبلوماسي، جون بولتون، بدلاً عنه، وهو الذي يعد أحد أبرز صقور الحزب الجمهوري، منذ أن حاز على شهرة واسعة إثر دوره في التخطيط للحرب التي شنها الرئيس الأسبق جورج بوش الابن على العراق.

ويشير هذا الاختيار إلى نية باتت تتوضح يوماً بعد يوم للرئيس الأميركي لتبني سياسة خارجية أكثر عدائية، خصوصاً أن إقالة ماكماستر وتعيين بولتون جاءت بعد أيام قليلة فقط من إقالة ترامب لوزير خارجيته ريكس تيلرسون، وتعيين مدير وكالة المخابرات المركزية، مايك بومبيو في مكانه على رأس الخارجية.

وسيكون بولتون ثالث رجل يشغل منصب مستشار الرئيس الأميركي للأمن القومي خلال خمسة عشر شهراً فقط، حيث أُجبر المستشار الأسبق مايكل فلين على الاستقالة، بعد أن تبيّن أنه أخفى معلومات عن المحققين بملف التدخل الروسي بالانتخابات الأخيرة، ليحل محله الجنرال ماكماستر الذي تمت إقالته الخميس.

مستشار الأمن القومي الأميركي الجديد، جون بولتون، ولد عام 1948، تخرج من كلية الحقوق بجامعة ييل وعمل محامياً لسبعة أعوام، قبل أن يتدرج في مناصب حكومية عدة، خلال فترة إدارة الرئيس رونالد ريغان، وجورج بوش الأب.

وهو ذو سمعة سيئة في أوساط الحزب الديمقراطي واليسار الأميركي عموماً، إذ تم اتهامه مراراً إبان الحرب على العراق عام 2003 بـ"التلاعب بالأدلة" لإثبات امتلاك العراق أسلحة دمار شامل، وهو الأمر الذي تبين لاحقاً أنه غير صحيح. كما يتم اتهامه أيضاً بمعاملة مرؤوسيه بطريقة سيئة.

ربما تجعل هذه الصفات رجلاً كـ بولتون مرشحاً مثالياً لشغل منصب بهذه الأهمية لدى إدارة أميركية يرأسها دونالد ترامب، الذي اعتاد على طرد كبار مسؤولي إدارته عبر تغريدات بموقع "تويتر" بدلاً من استخدام الإجراءات الرسمية لذلك، والذي رفع أيضاً من مستويات التوتر بما يخص الملف النووي الكوري الشمالي لمستويات غير مسبوقة من خلال تصريحاته وتغريداته.

يصل بولتون إلى منصبه الجديد بعد تاريخ طويل من التحضير للحروب والانخراط بهندستها، حيث كان نائباً لوزير الدفاع في عهد بوش الابن وسفيراً سابقاً لدى الأمم المتحدة بين عامي 2005 و2006، وكان قبلها أحد الموقعين على "مشروع القرن الأميركي الجديد"، قبل أحداث 11 سبتمبر/أيلول 2001، والذي دعا علناً إلى "شن الولايات المتحدة حرباً من جانب واحد لإزالة صدام حسين".

كما عُرف بولتون أيضاً بالتصريحات العدائية المثيرة للجدل، ففي خطاب له بأحد اجتماعات الأمم المتحدة عام 1994 قال معلقاً على المنظمة "لا توجد أمم متحدة، بل هناك مجتمع دولي يمكن أن تقوده القوة الحقيقية الوحيدة الباقية في العالم، وهي الولايات المتحدة، ونحن نقوم بذلك عندما يناسب ذلك مصالحنا ويكون الآخرون قادرين على تقبل هذا الوضع"، وتابع قائلاً "مبنى الأمانة في نيويورك يحتوي على 38 طابقًا، إذا أزلنا 10 طوابق اليوم لن يكون هناك فرق كبير، الأمم المتحدة هي واحدة من أسوأ المنظمات، واليونسكو أسوأ منها".

وبما يخص العراق قال بولتون عام 2002 "نحن واثقون من أن صدام حسين لديه أسلحة دمار شامل مخبأة. هناك صلة قوية بين أنظمة محور الشر في العراق وإيران وكوريا الشمالية".

أما في الملف الإيراني، قال بولتون في عام 2009، قبل التوقيع على الاتفاق النووي: "في النهاية، الشيء الوحيد الذي سيمنع إيران من الحصول على الأسلحة النووية هو تغيير النظام في طهران". ورد على توقيع الاتفاق عام 2016 بالقول إن"الصفقة النووية الإيرانية، في رأيي، كانت أسوأ فعل استرضاء في التاريخ الأميركي".

وعلّق أيضاً على محاولة الانقلاب الفاشلة عام 2016 في تركيا قائلاً إن "الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يريد دولة إسلامية. كان الانقلاب العسكري الفاشل على الأرجح النفس الأخير للجنرالات العلمانيين، سواء استمر أردوغان نحو إعلان الخلافة أم لا، لكنه وضع الأرضية لذلك". 


وبذلك يفتح تعيين بولتون في منصب مستشار الأمن القومي الباب للتكهنات حول المسار الذي يريد أن يأخذه ترامب مع تصاعد الضغوط الداخلية على إدارته وعليه شخصياً مع استمرار التحقيقات باحتمال التدخل الروسي لصالحه بالانتخابات الأخيرة. يأتي تعيين بولتون وبومبيو بدلاً من ماكماستر وتيلرسون، ليضع احتمال قيام ترامب بتصعيد خارجي على الطاولة وليكون ذلك مهرباً محتملاً من أزماته داخل الولايات المتحدة