أعلنت رئيسة الحكومة البريطانية تيريزا ماي، اليوم الأربعاء، طرد 23 دبلوماسياً روسياً من المملكة المتحدة، بعد أن اعتبرت روسيا "مسؤولة" عن تسميم الجاسوس الروسي المزدوج السابق سيرغي سكريبال، في بريطانيا.
وأعلنت ماي أيضاً "تعليق الاتصالات الثنائية" مع موسكو التي كان لديها حتى الآن 59 دبلوماسياً معتمداً في المملكة المتحدة.
وقالت ماي: "قررنا طرد 23 دبلوماسياً روسياً تم تحديدهم على أنّهم ضباط استخبارات غير مصرح لهم".
وجاءت تصريحات ماي، عقب اجتماع لمجلس الأمن القومي، بحث إجراءات الرد على روسيا، في ظل غياب توضيحات من موسكو، حول تسمم سكريبال.
وكان سيرغي سكريبال (66 عاماً) وابنته يوليا (33 عاماً) تعرّضا للتسميم، بواسطة غاز أعصاب، في مدينة سالزبري، في جنوب غربي بريطانيا، في 4 مارس/آذار الحالي.
وذكرت هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، في وقت متأخر يوم السبت، أنّ آثاراً لغاز الأعصاب عُثر عليها في مطعم إيطالي تناول فيه سكريبال وجبة قبل أن يفقد الوعي، والغاز معروف باسم "نوفيتشوك" وهو سلاح طوره الاتحاد السوفييتي في نهاية الحرب الباردة.
وكانت السلطات الروسية سجنت سكريبال لبيعه أسراراً روسية إلى بريطانيا، إلا أنّها أفرجت عنه وسلمته إلى بريطانيا في إطار صفقة تبادل جواسيس في 2010 وقد استقر بعد ذلك في مدينة سالزبري.
وقالت ماي إنّ "ما حدث هو استخدام للسلاح الكيميائي"، مضيفة أنّ "رد الحكومة الروسية أظهر عدم احترام لخطورة ما حدث بشأن مقتل العميل".
وتابعت "سنجمد أصول أي روسي ينوي تهديد مواطنينا، ولن نتساهل مع ترويع المواطنين البريطانيين من جانب روسيا".
وأشارت إلى أنّ مجلس الأمن القومي اتفق على تفكيك شبكة التجسس الروسية في بريطانيا، وتجميد الاتصالات رفيعة المستوى مع روسيا.
وبعدما رأت أنّه "من المرجّح جداً" أن تكون روسيا "مسؤولة" عن حادث التسمم، أمهلت ماي موسكو، حتى منتصف ليل الثلاثاء الأربعاء، لتقديم ردّ أمام منظمة حظر الأسلحة الكيميائية.
لكن السفير الروسي في لندن ألكسندر ياكوفنكو، صرّح، بعد ظهر الثلاثاء، أنّ "روسيا لن ترد على الإنذار"، قبل أن "تتسلّم عينات من المادة الكيميائية" التي استخدمت. وبعدما أكّد "براءة" روسيا، قال إنّه اقترح على الحكومة البريطانية فتح "تحقيق مشترك"، وحذّر من أنّ موسكو سترد إذا اتُخذت إجراءات ضدها.
كما أعلنت ماي، عن عدم مشاركة أفراد من العائلة المالكة أو وزراء في كأس العالم لكرة القدم في روسيا.
واقترح بعض المسؤولين البريطانيين، مقاطعة كأس العالم التي تستضيفها روسيا هذا العام بين يونيو/حزيران، ويوليو/تموز المقبل، رداً على الحادثة.
"رد دولي"
وأكدت رئيسة الحكومة البريطانية، أنّ بلادها ستدفع من أجل "رد دولي قوي"، اليوم الأربعاء، في مجلس الأمن.
ويعقد مجلس الأمن الدولي، اجتماعاً طارئاً، عند الساعة 19,00 (توقيت غرينتش)، اليوم الأربعاء، حول مسألة تسمم سكريبال في بريطانيا، بحسب ما أعلنت الرئاسة الهولندية الحالية للمجلس.
وهذه الجلسة العامة ستعقد بطلب من بريطانيا التي "ستطلع" مجلس الأمن على "الهجوم الذي وقع في سالزبري في 4 مارس/آذار" كما أوضح المصدر نفسه، بحسب "فرانس برس".
وأعلن رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك، اليوم الأربعاء، في هلسنكي، أنّ روسيا تقف "على الأرجح" وراء تسميم سكريبال في بريطانيا.
وكتب توسك على حسابه على "تويتر"، على هامش زيارة رسمية إلى العاصمة الفنلندية "أعبّر عن تضامني الكامل مع رئيسة الوزراء (البريطانية) تيريزا ماي بعد الهجوم الوحشي الذي نفذ بإيحاء على الأرجح من موسكو".
وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب، قد أكد، أمس الثلاثاء، أنّ على روسيا تقديم أجوبة "لا لبس فيها" في مسألة تسميم جاسوس روسي وابنته، وذلك إثر اتصال هاتفي بين ترامب ورئيسة الحكومة البريطانية تيريزا ماي.
وقال البيت الأبيض، إنّ ترامب وماي "يعتبران أنّه لا بد من أن تكون هناك عواقب إزاء الذين يستخدمون هذه الأسلحة المشينة، في خرق فاضح للأعراف الدولية".
ويأتي التوتر في العلاقات بين بريطانيا وروسيا، قبل أيام على الانتخابات الرئاسية في روسيا التي ستجرى الأحد، ويرجّح فوز الرئيس فلاديمير بوتين فيها.