واستقبل مطار القاهرة المقدمتين الخاصتين بولي العهد السعودي، اللتين وصلتا على متن طائرتين خاصتين من طراز (بوينغ 747/ جامبو)، في حضور مسؤولي السفارة السعودية في القاهرة، في حين انتشرت قوات التأمين على طول الطرق المؤدية إلى المطار، وقرية البضائع، وأخلت السلطات المختصة ساحات السيارات المواجهة للصالة الرئاسية في المطار.
وضمت المقدمتان ما يقرب من 20 سيارة خاصة، و6 سيارات نقل، والأغراض المصاحبة للأمير الشاب في زيارته الخارجية، وتسلمتها السفارة السعودية في القاهرة، بتنسيق مباشر مع الاستخبارات العامة المصرية، وعناصر من الأمن الوطني، بعد فحصها من جانب السلطات المختصة، والتأكّد من الترتيبات الأمنية الخاصة بها.
ويزور بن سلمان لندن، الأربعاء المقبل، لإجراء مباحثات مع رئيسة الوزراء البريطانية، تيريزا ماي، قبل أن يتوجّه إلى واشنطن في الفترة من 19 حتى 22 مارس/ آذار الجاري، بناءً على دعوة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، الذي وجّه الدعوة أيضاً إلى أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، لزيارة الولايات المتحدة في إبريل/ نيسان المقبل.
وتأتي زيارة بن سلمان إلى القاهرة قبيل الانتخابات الرئاسية، المقرر إجراؤها نهاية مارس/ آذار الجاري، وهو ما يُثير العديد من الأسئلة عن أسباب الزيارة في هذا التوقيت، خاصة أن الأمير لم تطأ قدماه أرض مصر منذ مرافقته والده في زيارة إبريل/ نيسان 2016، حين وقّع البلدان اتفاقية ترسيم الحدود البحرية، التي تنازلت بموجبها مصر عن جزيرتي "تيران وصنافير" للسعودية.
وكانت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية قد فجّرت فضيحة تتعلّق بصهر ترامب، ومستشاره السياسي، جاريد كوشنر، بعدما كشفت النقاب عن تقارير استخباراتية تتحدّث عن "تفاهمات" بين "الإمارات، والصين، وإسرائيل، والمكسيك"، للاستفادة سياسياً من الرجل، في مقابل استفادته هو الآخر مالياً، وهو من لعب دوراً بارزاً في تدعيم صعود نجم بن سلمان للوصول إلى العرش.
ولا تبدو "صفقة القرن" بعيدة عن المشهد، فزيارة بن سلمان قد تكون لوضع اللمسات النهائية للصفقة، قبل مبايعته ملكاً على السعودية، خاصة أن الزيارة تتزامن مع تعديلات موسّعة في الجيش السعودي أخيراً، شملت إطاحة سفير السعودية في القاهرة، أحمد القطان، الذي تسلّم منصبه في فبراير/ شباط 2011، بعد شهر واحد من اندلاع الثورة المصرية.
في سياق ذي صلة، تقدّم عضو مجلس النواب المصري، سمير غطاس، ببيان عاجل (أداة نيابية)، اليوم، يطالب فيه وزارة الخارجية في بلاده بإصدار إعلان فوري وقاطع عن رفض استضافة مصر لأي مؤتمر للإعلان عن "صفقة القرن"، في ضوء تعاظم التقارير التي تُشير إلى قرب موعد إعلان "الصفقة المشبوهة"، واختيار القاهرة لعقد مؤتمر دولي تعرض فيه أميركا تفاصيل مبادرة ترامب.
وأشار غطاس إلى أن الأمر ما يزال محصوراً في إطار التقارير غير الرسمية، ومع ذلك ينبغي على مصر أن تقطع الطريق على هذه الدعوة المشبوهة، حتى لا يقترن اسم القاهرة بـ"صفقة العار"، حسب تعبيره، التي بدأها ترامب بإعلان القدس المحتلة عاصمة للكيان الصهيوني، وعزمه نقل سفارة بلاده إليها، في الذكرى المقبلة لإقامة الدولة المحتلة على أرض فلسطين.
وشدّد غطاس على أن مصر لن تقبل بأي شكل أن تكون القاهرة، أو أي بقعة أخرى داخل البلاد، منصة للإعلان عن صفقة ترامب المشبوهة، والمرفوضة من الشعب المصري، مختتماً بيانه بالقول إن "القاهرة كانت وستبقى عاصمة للعزة والشموخ، ولن نسمح لأحد بتدنيس تاريخها، أو المس بسمعتها المحترمة ومكانتها المرموقة".