مراد العضايلة: لا فرق بين حكومة الرزاز وأسلافه

18 نوفمبر 2018
يعتبر العضايلة من "صقور" الحزب (خليل مزرعاوي/فرانس برس)
+ الخط -
يُعتبر الأمين العام لحزب جبهة العمل الإسلامي (الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين) في الأردن، مراد العضايلة، أحد رموز "تيار الصقور" فيها. فالعضايلة المولود في الكرك عام 1965، والحاصل على درجة البكالوريوس في الهندسة الزراعية من الجامعة الأردنية، تولّى أمانة سر نقابة المهندسين الزراعيين لـ3 دورات، وكان المسؤول الإعلامي للحزب، وبمثابة وزير إعلام للحركة الإسلامية في الأردن. وهذا الدور جعله دائماً في الصفوف الأمامية، دفاعاً عن الحركة، أو في حال الهجوم على الخصوم. وتدرج العضايلة في العمل الحزبي فشغل منصب أمين السر العام والناطق الإعلامي باسم الحزب، وعضو مكتبه التنفيذي، كما تولى منصب مساعد الأمين العام لحزب "جبهة العمل الإسلامي"، إلى أن أصبح الرجل الأول في الحزب.

* كيف تنظرون إلى أداء حكومة عمر الرزاز؟
حكومة عمر الرزاز شُكّلت على وقع احتجاجات شعبية صاخبة بسبب مشروع قانون ضريبة الدخل والأزمة الاقتصادية التي يعاني منها الأردن، كما رافقت ذلك مطالب واسعة بتغيير النهج السياسي للدولة. والرئيس الرزاز يملك شخصية مهذبة ومحترمة، لكن المطلوب التغيير في طريقة إدارة الدولة، فالناس صُدمت بآلية تشكيل الحكومة، ونمط التشكيل. وما حصل في تشكيل الحكومة كان أقرب إلى التعديل على حكومة هاني الملقي التي سقطت شعبياً. وأداء الحكومة الحالية لا يحمل علامة فارقة عن الحكومات السابقة، فقد حطمت هذه الحكومة الطموحات، وعادت لاستكمال قانون الضريبة بطريقة أسوأ من السابق، عبر زيادة الضريبة على المواطنين، خصوصاً ضد الطبقة الوسطى، في الوقت الذي حاولت فيه حماية المصارف. والحكومة خسرت حوالي ثلث شعبيتها في المائة يوم الأولى من تشكيلها، وقد خيّبت التوقعات والآمال المعقودة عليها، والشعب غير راض عن أدائها، ولا فرق بين هذه الحكومة والحكومات السابقة التي أوصلت البلاد إلى ما هي عليه من صعوبات اقتصادية، وأزمة سياسية. 

* ما هو الإصلاح السياسي المطلوب بالنسبة لكم؟
الإصلاح السياسي ضرورة وممر إجباري للخروج من الأزمة الخانقة التي تمر بها البلاد، على وقع مديونية تصل إلى 40 مليار دولار، وتزداد بشكل سنوي بمعدل مليار أو أكثر، مع انخفاض في معدل النمو. والإصلاح السياسي يحتاج إلى قانون انتخاب يجعل من الأحزاب الممر الأساسي للمشاركة السياسية لأفراد المجتمع، بما يفضي لتشكيل حكومات برلمانية، ولا بد من إجراء التعديلات الدستورية اللازمة لتكريس تشكيل الحكومات البرلمانية، فتصبح آلية التشكيل مستندة لنص دستوري واضح.

كما لا بد من تمتين الجبهة الداخلية وبناء حوار وطني شامل يضم مختلف القوى الوطنية للخروج برؤية واضحة للإصلاح، يتوافق عليها الجميع لمواجهة ما يمر به الأردن من تحديات داخلية وخارجية، والعمل على تفعيل الحياة الحزبية والسياسية الوطنية بما يحقق المصالح العليا للوطن. فهناك وضع اجتماعي مختل، كما أن هناك حالة تنمر على الدولة، وضياعاً لهيبة أجهزة الدولة، حتى وصل الأمر إلى وقوع حوادث إطلاق نار على عناصر أمنية. وفي الإجمال إن هذا نتاج فقدان ثقة المجتمع بالدولة، وإعادة الثقة يجب أن تكون من خلال إصلاحات دستورية وقانونية.



ونحن بحاجة لقانون انتخاب لا يتم فيه ومن خلاله تفصيل النتائج كما تريدها الحكومات، بل إقرار قانون انتخاب تكون نتائجه ممثلة لرغبة المواطنين. ونحتاج إلى تعديل دستوري ينص بوضوح على تكليف الأغلبية بتشكيل الحكومة، فالوضع الحالي أنتج نخباً سياسية أصبحت عبئاً على الدولة، وجزء كبير منهم أبناء هذه السياسات، وبعد أن فقدوا امتيازاتهم عندما أصبحت الدولة عاجزة عن تلبيتها، باتوا جزءاً من المعارضة. الدولة بأدواتها القديمة عاجزة عن إصلاح الوضع. الأمر الذي يعني أن التغيير بحاجة إلى إصلاح سياسي حقيقي، مبني على انتخابات نزيهة. وكل تأخير في إحداث إصلاح سياسي واقتصادي حقيقي ومحاربة الفساد، يأكل من عمر الدولة ومستقبلها، وهو ما يتطلب من العقلاء في دوائر صنع القرار الالتفات إليه دون إبطاء.

* هل تعتبرون أن الأردن بحاجة إلى قانون أحزاب جديد؟
قانون الأحزاب الحالي جيد، لكننا نحتاج إلى نظام تمويل عادل، فالنظام الحالي يساوي بين الأحزاب الضعيفة والأحزاب القوية. المدخل للإصلاح والعملية السياسية يكون عبر الأحزاب وإنتاج نخب سياسية قادرة على خلق حالة متقدمة من الإصلاح، والفرز فيها يكون حسب الأفكار. وهذا يعني ضرورة أن تتضمن الخطة الحكومية للإصلاح تعديل نظام التمويل الحزبي وفق معايير المشاركة السياسية وحجم تمثيل الحزب في البرلمان والبلديات وقاعدته التصويتية في الانتخابات العامة، إضافة لتعديل قانون اللامركزية بما يعزز من دور مجالس المحافظات وهوامش عملها.

* يتهم الحزب بشكل خاص والإسلاميون بشكل عام بمحاولة إقصاء الآخر، ما هو ردكم؟
الإسلاميون منفتحون على الآخر تماماً والحزب مثال على ذلك، فقد كان حزب جبهة العمل جزءاً من ائتلاف أحزاب المعارضة لمدة تزيد عن 20 عاماً، لكن الخلاف كان بسبب الموقف من الثورة السورية، وهو ما أدى إلى وقف التنسيق مع الأحزاب الأخرى. وتجربة حزب جبهة العمل الإسلامي في الانتخابات الأخيرة، التي أنتجت التحالف الوطني للإصلاح، نموذج واضح للتنسيق مع الآخرين. أما إذا كان المقصود بعدم تقبل الآخر الفعاليات التي تسيء لعقائد الناس، فهو أمر مرفوض ولا يعتبر من حرية الرأي والتعبير. والمطلوب تشريع دولي يمنع الإساءة لجميع الديانات.



* ما هو موقفكم من عدم تجديد الاتفاقية الخاصة بالباقورة والغمر؟
الحزب رحّب بهذا القرار، لأنه يُشكّل استعادة للسيادة الكاملة على هذه البقعة من الأرض. وهو أمر أسعد جميع أفراد الشعب الأردني، ونأمل بحصول خطوات إضافية، أولها إلغاء اتفاقية الغاز مع العدو، لأن إدخال الغاز الفلسطيني المسروق من قبل الكيان الصهيوني إلى الأردن، لا يقل أهمية عن استرداد الباقورة والغمر. الغاز المستورد في إطار هذه الاتفاقية سيجعل أيضاً هذا الوطن رهينة بأيدي دولة الاحتلال، فنحن نطالب أولاً بإلغاء اتفاقية الغاز، كما نطالب بإلغاء اتفاقية وادي عربة والتي وُقّعت في وقت كانت تمرّ فيه المنطقة باختلال في التوازن، مع بروز ظروف ساهمت في إضعاف الموقف الأردني خصوصاً والعربي بشكل عام. كما أن هناك طرفاً آخر يخرق بنود الاتفاقية كل يوم، فالاعتداءات على المسجد الأقصى مستمرة، ومحاولة تجاوز وتهميش الدور الأردني في رعاية المقدسات مستمرة أيضاً. بالإضافة إلى ذلك، فإن هناك تجاوزات على الأفراد وجرائم قتل ارتكبها الاحتلال بحق الأردنيين، كمقتل القاضي رائد زعيتر، وقتل مواطنين في ما يعرف بقضية السفارة في عمان، وسابقاً محاولة اغتيال خالد مشعل. كل هذه تجاوزات على الاتفاقية وفيها اعتداء على السيادة الأردنية، ولذا يجب إعادة النظر في هذه الاتفاقية التي لم تحترم من قبل العدو.

* كيف تنظرون لصفقة القرن؟
صفقة القرن هي محاولة أميركية صهيونية تهدف إلى استغلال الظرف العربي بسبب اختلال التوازن عبر فرض أجندة لإنهاء الصراع من دون إعادة أي من الحقوق العربية لأصحابها. ومن الواضح أن هناك عدم إعلان صريح عن الخطة، لكن هناك أجندة تُنفّذ على أرض الواقع، ومنها إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، ونقل سفارة الولايات المتحدة إليها، والإعلان أن "موضوع القدس غير قابل للتفاوض". كما أن هناك مشروع قانون "القومية اليهودية"، الذي ينكر حق الشعب الفلسطيني بالعودة. القانون هو عدوان جديد للاحتلال على الشعب الفلسطيني وتحدٍ للقانون الدولي ومقدمة جديدة لعملية تهجير للشعب الفلسطيني، وإعلان موت لعملية التسوية التي بنى النظام الرسمي العربي الآمال عليها، وتحدٍ لمستقبل الدولة الأردنية. وهو ما يستوجب تغييراً في استراتيجية التعامل مع هذا الكيان الغاصب، فلا قدس ولا عودة ولا دولة فماذا بقي من التسوية؟ وبالنسبة للسعي لتصفية وكالة غوث وتشغيل اللاجئين، فإنها خطوة في سياق تنفيذ صفقة القرن التي تخطط القوى العالمية المستكبرة وعلى رأسها الإدارة الأميركية، بالتواطؤ مع الكيان الصهيوني الغاصب لتصفية القضية الفلسطينية. ومن مؤشرات الصفقة تسارع وتيرة التطبيع مع الكيان الصهيوني، وما جرى من استقبال لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في مسقط العمانية، واستضافة فرق رياضية في الدول الخليجية، كذلك المحادثات البحرينية مع الكيان هي تطبيع بلا مقابل.


كل ذلك محاولات تصب لفرض التطبيع مع دول الخليج، حتى قبل تحقيق ما كانوا هم ينادون به، وهي المبادرة العربية، وهو الحد الأدنى، أي قيام دولة وعودة اللاجئين وملف القدس، غير أنه وفق الصفة الحالية، لا قدس ولا عودة ولا دولة. ونحن كحزب نرفض كافة أشكال التطبيع، سواء كانت زيارات ولقاءات سياسية أو مشاركات رياضية للكيان الصهيوني في بعض الدول العربية. إن الشعب الفلسطيني هو الذي سيسقط هذه الصفقة، والشعب الأردني هو سند للشعب الفلسطيني، وليس فقط سند، فنحن أصحاب قضية، والأردن كما الأهل في فلسطين لن يسمح بحلول على حساب القضية، ولن يسمح بالصفقات المشبوهة، كالتوطين ورفض عودة اللاجئين.

* كيف ستكون العلاقات مع سورية بعد المتغيّرات على الأرض؟
صفحة الأحداث في سورية لم تطوَ بعد، ومن الواضح أن الوضع في سورية لن يستقر في القريب العاجل، فهناك وجود أجنبي على الأراضي السورية: أميركي وروسي، وقوات إيرانية ومليشيات خارجية، وهذا يجعل الوضع لا يستقر. ولا شك أن ثورة الشعب السوري ظُلمت، لكونها ثورة يتيمة، بفعل ترك الشعب السوري لآلة الدمار الروسية والقوات الإيرانية ومليشيات النظام والمليشيات المساندة لها، لتفتك به. واليوم هناك 8 ملايين لاجئ وحوالي مليون قتيل في الثورة، غير المفقودين والمعتقلين في سجون النظام. ولكن هذا لا يمنعنا من أن نتعامل مع الدولة السورية والشعب السوري، بغض النظر عن نظامه السياسي، ونحن مع فتح المعابر مع سورية، فهي صلة وصل مع الشعب السوري العزيز، إذ تربط الشعب الأردني والشعب السوري علاقات أخوّة، فنحن مكون واحد من مكونات بلاد الشام وهناك عائلات واحدة تمتد بين البلدين.

* كيف تنظرون إلى الربيع العربي اليوم؟
الربيع العربي كان تعبيراً حقيقياً عن طموحات الشعوب بالحرية والانعتاق من الاستبداد والكرامة الوطنية، ومحاولة للوصول إلى التداول السلمي للسلطة، ولكن كانت هناك مؤامرة دولية لوأد هذا الربيع وتحويله إلى هذه الموجة من الدماء، في سورية وليبيا، كما أن 60 ألف سجين دفعوا ثمن الانقلاب الدموي في مصر. الدول الكبرى والمعادلة الدولية حاولت إطفاء نور هذه الثورات خدمة للمشروع الصهيوني الذي يقتات على الاستبداد والأنظمة القمعية، والظروف اليوم التي تمرّ بها الشعوب العربية، أقسى من الظروف التي وُلد فيها الربيع العربي عام 2011. الثورات في التاريخ لها مراحل وتقلبات وأحوال، ومع مرور الموجة الأولى، تبرز موجات جديدة، بصور وأشكال أخرى. ومن يريد أن يحافظ على استقراره يجب أن يحارب الفساد ويحقق طموحات الشعوب بالوصول إلى مداخل الإصلاح الحقيقي والتداول السلمي للسلطة، وتوزيع الثروات بشكل عادل، من خلال مشاركة سياسية واسعة، فضلاً عن إعادة توزيع الثروات والحفاظ على الموارد، لتشعر هذه الشعوب بأنها شريكة، وبأنها جزء من المنظومة العالمية التي تمارس الديمقراطية.


المساهمون