"نيويورك تايمز" تطالب بإنهاء "التواطؤ" الأميركي مع السعودية بجريمة خاشقجي

16 نوفمبر 2018
انتقدت "نيويورك تايمز" علاقة ترامب مع بن سلمان (Getty)
+ الخط -
طالبت صحيفة "نيويورك تايمز"، الرئيس الأميركي دونالد ترامب، بإنهاء "التواطؤ" مع الرياض، والضغط على النظام السعودي، لتوضيح حقيقة مقتل الصحافي جمال خاشقجي، وإنهاء الحرب في اليمن، وإصلاح القطيعة مع قطر، واستبدال ولي العهد محمد بن سلمان بوريث "أقل اندفاعاً وخطراً"، بناء على نتيجة التحقيقات.

وسخرت الصحيفة الأميركية، في افتتاحيتها، اليوم الجمعة، من الرواية الأخيرة التي قدّمتها السعودية حول مقتل خاشقجي، مشيرة إلى أنّ الرياض، وبعد شهر ونصف، حاولت تصوير أنّ إعادة الصحافي المعارض فشلت بشكل أخرق، وأنّه تم تحديد المشتبه بهم وأحكام العقوبات الصارمة بحقهم، وإغلاق القضية، وتبرئة ولي العهد محمد بن سلمان "الحاكم الفعلي" في المملكة.

وشدّدت على أنّه "من الصعب تصديق أنّ طائرة محملة بعناصر من الأمن، بمن فيهم اختصاصي في الطب الشرعي، طارت تلك المسافة نحو إسطنبول لمجرد إقناع خاشقجي، (الذي كان في يوم من الأيام مقرّباً من العائلة المالكة، واختار منفى ذاتياً بعد انتقاداته لولي العهد)، بكل لطف بالعودة إلى وطنه.

ورأت "نيويورك تايمز"، أنّ "الحقيقة في قضية خاشقجي، قد لا تظهر، خاصة إذا نجح المدعي العام السعودي في الحصول على إذن بتنفيذ عقوبة الإعدام التي قال إنّه يسعى لفرضها بحق خمسة من المشتبه بهم السعوديين، وتم بالتالي القضاء على الشهود الرئيسيين بالقضية".

لكنّها اعتبرت أنّ "ما هو واضح بالفعل، هو أنّ العلاقة بين المملكة والولايات المتحدة، يجب أن تتغيّر".

وقالت إنّ "الغضب من الاغتيال الفاضح، قد وضع آل سعود في موقف دفاعي، ويمنح واشنطن، أكبر حليف للرياض، وموردها الأول من الأسلحة، حق التركيز على المصالح الأميركية". وأضافت أنّ "ما تغيّر حقاً هو أنّ اغتيال خاشقجي، والمحاولات المثيرة للشفقة للتغطية على الجريمة، عرّت الإمبراطور (ولي العهد)".


وتابعت أنّه "منذ إنشاء المملكة العربية السعودية، تعامت الولايات المتحدة والقوى الغربية المتعطشة للنفط ودولارات الاستثمارات، إلى حدٍ كبير، عن انتهاكات الرياض المنتظمة لحقوق الإنسان الأساسية، بما في ذلك قمع النساء وحريات الدين والتعبير".

غير أنّ محمد بن سلمان، وفق الصحيفة، "تجاوز الحدود وعلى جبهات جبهات عدة، إذ أطلق حملة لمواجهة إيران القوة المنافسة للمملكة، وشنّ حرباً غير مدروسة في اليمن فجّرت كارثة إنسانية ذات أبعاد لا توصف، وتتواطأ فيها واشنطن كمزود للأسلحة والدعم العسكري، وحاصر قطر، واحتجز رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري".

وواصلت الصحيفة انتقاداتها لولي العهد السعودي، مشيرة إلى أنّه "بدأ في الداخل، ما بدت أنّها مشروعات اجتماعية واقتصادية واعدة، بما في ذلك رفع الحظر المفروض على قيادة النساء، لكنّه احتجز أيضاً مجموعة من أقاربه الأمراء، وغيرهم من أصحاب الملايين لتوطيد سلطته، وقمع المنشقين، ما أدى في النهاية، سواء بأوامره أم لا، إلى قتل خاشقجي".

وانتقدت "نيويورك تايمز"، علاقة ترامب مع بن سلمان، مشيرة إلى أنّ ولي العهد السعودي، "ورغم حكمه السيئ، حظي بتفضيل ترامب وصهره جاريد كوشنر، الذي وعلى الرغم من افتقاره الواضح للمؤهلات، تولّى ملف الشرق الأوسط في البيت الأبيض".

وقالت إنّ ترامب وصهره، "نظرا إلى الأمير الشاب كحليف مع إسرائيل، ضد إيران، وكمشتر للأسلحة الأميركية غير المحدودة"، مذّكرة بأنّ ردّ فعل ترامب الأول على مقتل خاشقجي، كان قوله إنّ القضية "لن تؤثر" على مبيعات الأسلحة المربحة.


وتوقّفت الصحيفة عند ترشيح ترامب أخيراً سفيراً في الرياض، وهو منصب بقي شاغراً منذ تولّيه منصبه، مشيرة إلى أنّ إبداء عدم الرضا في الدبلوماسية الأكثر شيوعاً هو سحب السفير، وليس تعيينه. لكنها رأت في الوقت عينه أنّ "ترشيح جون أبي زيد، الجنرال المتقاعد ذي المعرفة الواسعة بالشرق الأوسط للمنصب، هو خيار جيد، ونأمل أن ينوّر البيت الأبيض عن حقيقة السعوديين".

ورأت أنّ "الواقع الحالي يعطي إدارة ترامب نفوذاً جديراً بالاعتبار لدى نظام سعودي ضعيف، لجعله يوضح كيفية مقتل خاشقجي، وإنهاء الحرب الكارثية في اليمن، وإصلاح القطيعة مع قطر، والمساعدة في صنع السلام الفلسطيني الإسرائيلي، والحفاظ على أسعار مستقرة للنفط، واستبدال ولي العهد بوريث أقل اندفاعاً وخطورة، بناءً على نتيجة تحقيقات مقتل خاشقجي".

ومع ذلك، اعتبرت "نيويورك تايمز" أنّ "أي مطالب من هذا القبيل تبقى نفاقاً، إذا لم تكن مصحوبة بإنهاء ضرب المملكة بصفاقة لحقوق الإنسان عرض الحائط". خاتمة بالقول إنّ "هذه الانتهاكات لم تبدأ بجريمة قتل خاشقجي، ولكن عندها يجب أن تنتهي هذه الانتهاكات، وكذلك التواطؤ الأميركي مع السعودية".