اغتيال خاشقجي يرتد على الأسرة السعودية الحاكمة: سعي لتقليص سلطة بن سلمان

31 أكتوبر 2018
تلقّى الأمير أحمد تأكيدات بريطانية بأنّه لن يكون بخطر(تويتر)
+ الخط -

يبدو أنّ رياح العاصفة التي خلّفتها جريمة اغتيال الصحافي السعودي جمال خاشقجي طرقت أبواب الأسرة الحاكمة بالمملكة، فعلى الرغم من محاولة غسل يدي ولي العهد محمد بن سلمان من المسؤولية، إلا أنّ الارتدادات قد تنعكس مبدئياً في الحد من سلطته.

وفي هذا الإطار، كشفت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية، في تقرير، اليوم الأربعاء، أنّ الأسرة الحاكمة في السعودية ترصّ صفوفها لحماية الملكية من عاصفة الانتقادات، بعد مقتل خاشقجي في قنصلية بلاده في إسطنبول، في 2 أكتوبر/ تشرين الأول الحالي.

ونقلت الصحيفة عن أفراد في العائلة المالكة، ومقرّبين منها لم يكشفوا عن هوياتهم، أنّ موقع بن سلمان كوريث للعرش "يبدو آمناً"، كاشفين في الوقت عينه أنّ العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، الثمانيني، استأنف دوراً "أكثر فاعلية" في الحكومة، مع تصاعد الضغوط الدولية بشأن قضية خاشقجي.

وأشارت الصحيفة إلى وجود مساعٍ لتقليص سلطة ابنه البالغ من العمر 33 عاماً، على حد قول هؤلاء الأشخاص.


كذلك لفتت إلى أنّ هناك مؤشرات أيضاً على أنّ الملك سلمان وولي عهده أكثر انفتاحاً للاستماع إلى أصوات من العائلة المالكة على نطاق أوسع، بعد سنوات من العمل على تركيز السلطة.

وأوردت الصحيفة أنّ الأمير أحمد بن عبد العزيز، أحد الأخوة الأصغر للملك سلمان، الذي عارض ترقية الأمير محمد إلى منصب ولي العهد، عاد، في وقت مبكر أمس الثلاثاء، إلى المملكة العربية السعودية، في خطوة اعتبرها أشخاص مقرّبون من العائلة الحاكمة، ومسؤولون أجانب "محاولة لتقديم الدعم والمساندة للملكية".

خوف وهلع

وقال أحد كبار أفراد العائلة المالكة، لـ"وول ستريت جورنال"، إنّ "هناك تقديراً بأننا متحدين معاً نقف، ومنقسمين نسقط"، مضيفاً أنّ "هناك درجة من الخوف والهلع هنا".

وذكّرت الصحيفة بأنّ قضية مقتل خاشقجي انعكست على بن سلمان، الذي أشرف منذ أن عُين ولياً للعهد، في العام الماضي، على حملة ضد المعارضين، مشيرة إلى إقالة اثنين من أقرب مساعديه من منصبيهما، بسبب الاشتباه في تورطهما في المؤامرة لقتل الصحافي السعودي المعارض.

وبينما نفى المسؤولون السعوديون بشدة أن يكون ولي العهد على علم بعملية قتل خاشقجي، كشفت الصحيفة أنّه من المتوقع أن يتم أيضاً تهميش أو التخلّص من عدد من مستشاري بن سلمان، وفقاً لأشخاص مطلعين على المسألة.

وكشفت "وول ستريت جورنال" أنّ "هناك استياء وإحباطاً" داخل العائلة المالكة من "العثرات الشديدة" لولي العهد، غير أنّ أفراد العائلة يقولون إنّ هناك أيضاً اعترافاً بأنّهم أفضل حالاً معه من أن يكونوا بدونه.

وقال أحد أفراد العائلة الحاكمة، للصحيفة، "نحن لا نحب أسلوبه (محمد بن سلمان)، وهو يعرّض المملكة لهزات بطريقة جريئة للغاية، لكن إقالته ستزيد الأمور سوءاً".

وكشفت الصحيفة، نقلاً عن أفراد في العائلة المالكة، وأشخاص مقربين من الحكومة، أنّه وفي أعقاب قتل خاشقجي مباشرة، بحثت القيادة السعودية في إمكانية تنازل الملك سلمان عن العرش لصالح الأمير محمد "كطريقة لتوطيد منصبه محلياً ودولياً"، غير أنّ هذا الخيار قد تم التراجع عنه، منذ ذلك الحين.

عودة الأمير أحمد

يُعتبر الأمير أحمد بن عبد العزيز، الشقيق الأصغر للملك سلمان، ووزير الداخلية السابق، واحداً من كبار أفراد العائلة المالكة الذين عارضوا ترقية الأمير محمد إلى منصب ولي العهد، في العام الماضي.

وبعد التفاف المعارضين لصعود ولي العهد حول الأمير أحمد، فرضت الحكومة في العام الماضي قيوداً محدودة على تحركاته، لينتقل بعد ذلك إلى الإقامة في العاصمة البريطانية لندن.

وانتشر فيديو للأمير أحمد بن عبد العزيز على الإنترنت، ولا سيما في السعودية، وهو يخاطب متظاهرين في لندن معترضين على الحرب في اليمن، ويلقي مسؤولية "الكارثة الدموية" واللوم على الملك سلمان وابنه محمد.

وقال أفراد في العائلة المالكة، لـ"وول ستريت جورنال"، إنّ عودة الأمير أحمد إلى المملكة "هي أوضح إشارة حتى الآن على التأثير العميق لأزمة خاشقجي، داخل العائلة المالكة".

وأشارت الصحيفة إلى أنّ الأمير أحمد حط في الرياض قادماً من لندن، في الساعات الأولى من يوم الثلاثاء، وكان في استقباله وفد كبير يضم ولي العهد الأمير محمد، وشقيقه الأصغر الأمير خالد بن سلمان السفير السعودي في واشنطن، وفقاً لأشخاص مطلعين على المسألة.

وقبيل عودته إلى المملكة، تلقّى الأمير أحمد تأكيدات من الحكومة البريطانية بأنّه لن يكون في خطر، وفقاً ما ذكر مستشار لدى الملك في الديوان الملكي، للصحيفة.


وتُعتبر عودة الأمير أحمد إلى المملكة، بحسب الصحيفة، إشارة أيضاً على أنّ حكام البلاد قد يكونون منفتحين على نموذج قيادة "أكثر توافقية"، اعتادته العائلة المالكة، على مدى عقود، والذي "تآكل" بعد وصول الملك سلمان إلى السلطة في مطلع عام 2015، وتركيزه وابنه بشكل تدريجي على السلطة داخل فرع واحد من العائلة؛ ألا وهو فرعهما الخاص.

ونقلت الصحيفة عن مسؤول غربي يتابع شؤون الخليج قوله إنّ "العائلة توحدت وراءه (محمد بن سلمان). لا يريدون إبعاده. لكن هناك في الوقت عينه ثمناً يجب دفعه: سيبعدون مستشاريه ويستبدلونهم بأفراد أكبر سناً. التفكر الحالي في المملكة هو: الأمير محمد سيحكم على مدى الخمسين سنة المقبلة، وسوف يتعلّم من أخطائه. سيصبح أكثر حكمة مع الوقت".

المساهمون