خلصت دراسة صادرة عن "مركز أبحاث الأمن القومي" الإسرائيلي إلى أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب يهدف من خلال مقترحاته لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، التي يطلق عليها "صفقة القرن"، إلى توفير ظروف إقليمية تسهم في تحقيق أهداف استراتيجية الأمن القومي الأميركي التي أعلن عنها أخيراً.
وحسب الدراسة التي أعدها الجنرال شمعون عراد، ونشرها المركز على موقعه أمس الخميس، فإن إدارة ترامب كلّفت أنظمة حكم عربية بالعمل على جلب الفلسطينيين لطاولة المفاوضات مع إسرائيل وأن تضفي، في الوقت نفسه، شرعية على التنازلات التي سيتوجب عليهم تقديمها لإسرائيل. وأوضحت الدراسة أنه حسب مخطط ترامب، فإنه يتوجب على الدول العربية توفير الغطاء المالي الذي يسمح بإغراء الفلسطينيين بالعودة للمفاوضات وتقديم تنازلات.
ووفقاً للدراسة، فإن إدارة ترامب تنطلق من افتراض مفاده أن تحقيق المصالح القومية للولايات المتحدة يتطلب قيامها بدور طويل الأمد في منطقة الشرق الأوسط، ما يوجب عليها تهيئة البيئة الإقليمية التي تكفل القيام بهذا الدور في ظروف مناسبة.
وأشارت الدراسة إلى أنه حسب استراتيجية الأمن القومي الأميركي، يتوجب على الدول العربية "السنية" المتحالفة مع واشنطن أداء دور مركزي في تحقيق أهداف هذه الاستراتيجية من خلال الإسهام في توفير ظروف تسمح باستئناف المفاوضات بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية. ولفتت إلى أن حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي يوفر بيئة تسمح بتعزيز العلاقات بين تل أبيب والدول الخليجية. وتوضح الدراسة أن تعزيز العلاقات الإسرائيلية الخليجية يؤدي دوراً مهماً في استراتيجية الأمن القومي الأميركي، على اعتبار أن تقوية هذه العلاقات تعد متطلباً أساسياً لإضعاف إيران. وأشارت إلى أنه على الرغم من أن إدارة ترامب تدعي أن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي لا يؤدي دوراً مهماً في عدم استقرار المنطقة، إلا أنها في المقابل ترى أن إنجاز حل لهذا الصراع سيفضي إلى بلورة ميزان قوى جديد يحسن من قدرة واشنطن على تحقيق مصالحها، لأن هذا التطور سيفضي إلى تسويغ التعاون بين إسرائيل والدول العربية في مواجهة التهديدات المشتركة. ولفتت الدراسة إلى أن إدارة ترامب تحاول دفع إسرائيل للعودة للمفاوضات من خلال الإغراءات، في حين تفرض العقوبات على الجانب الفلسطيني من أجل إقناعه بأنه سيخسر الكثير في حال ظل يرفض التجاوب مع المبادرة الأميركية.
ويشير معد الدراسة إلى أنه على الرغم من أنه لم يتم الإعلان رسمياً عن بنود المبادرة الأميركية إلا أنه من الواضح أنها ترفض إدارة المفاوضات على مراحل بهدف التوصل لحلول مؤقتة، بل تهدف إلى التوصل لحل دائم بشكل مباشر. ويستنتج عراد أن إدارة ترامب تنطلق من افتراض مفاده أن التوصل لتسويات مؤقتة يطيل أمد المفاوضات بشكل قد يؤدي إلى توفر ظروف تفضي إلى المسّ بعلاقات إسرائيل مع الدول الخليجية.
وأشارت الدراسة إلى أن إدارة ترامب تعتقد أن حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي سيسهم في استقرار المنطقة وسيحدث تحولاً على موازين القوى بشكل يساعد في تحقيق المصالح الأمنية والاقتصادية الأميركية. وشددت الدراسة على أن إدارة ترامب تنطلق في جهودها للدفع نحو التوصل لتسوية للصراع من حرصها على تحقيق مصالح واضحة ولا تعطي وزناً لمنظومات القيم التي ضبطت سلوك الإدارات السابقة، لافتة إلى أن ترامب يبدو غير مستعد للخوض في جدل حول الحقوق التاريخية. وحثت الدراسة صناع القرار في تل أبيب على تحديد الأهداف الاستراتيجية لأية مفاوضات مع الفلسطينيين، بحيث تتم صياغة هذه الأهداف بشكل يشي بأنها تتقاطع مع الأهداف الأميركية.
وحسب الدراسة، فإن إدارة ترامب، من خلال الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل وقرار نقل السفارة الأميركية للمدينة وفرض عقوبات على الفلسطينيين، تريد أن ترسل رسالة لقيادة السلطة في رام الله أنه في حال واصلت رفض مركبات صفقة القرن فإنها ستخسر، فيما إسرائيل تكسب. ويرى معد الدراسة أن تجنب ترامب دعم فكرة حل الدولتين يأتي في إطار الضغط على الفلسطينيين لإقناعهم بأن هناك الكثير مما يخسرونه في حال لم يقبلوا الأفكار الأميركية.