جاء التعديل الوزاري الواسع في تونس أخيراً ليؤكد مرة جديدة أن الفصل بين رأس السلطة التنفيذية، الرئاسة والحكومة، قد انتهى تماماً وفعلياً، وأن النظام السياسي التونسي يُعدّل واقعياً شيئاً فشيئاً في اتجاه نظام رئاسي قبل أن يصبح الأمر حقيقة دستورية. ولم يكن خافياً منذ تعيين يوسف الشاهد على رأس الحكومة منذ نحو عام، أن الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي لا يحبذ التعامل مع رئيس حكومة منفلت ويعمل لحسابه الخاص، خصوصاً أن جزءاً كبيراً من التونسيين يحمّلون الرئيس شخصياً مسؤولية تدهور الأوضاع، على الرغم من عدم امتلاكه صلاحيات واسعة تمكّنه من التغيير في مجرى الأحداث، وهو ما عبّر عنه صراحة في أكثر من حوار صحافي.
ويؤكد استبعاد رئيس الحكومة السابق، الحبيب الصيد، هذا التوجّه، بعدما عبّرت قيادات في حزب "نداء تونس" عن امتعاضها من تجاهل الصيد للحزب وقياداته في التعيينات وفي صياغة البرامج. وقرر السبسي تعيين الشاهد، وهو شخصية مقربة منه سياسياً وعائلياً (ولو من بعيد)، ليضمن حداً أدنى من السلاسة في التعامل بين قصري قرطاج والقصبة. ولكن مع مرور الأيام عادت الأسئلة والمشاكل نفسها بين "النداء" والسبسي والشاهد، بل كانت أكثر حدة من الخلافات مع الصيد الذي لم يكن يملك طموحات سياسية كبيرة، عكس الشاب يوسف الشاهد الذي يخطو خطواته الأولى في عالم السياسة.
وتشير مصادر حزبية في تونس، إلى أن الخلاف حُسم تماماً بين الرجلين، وأن التعديل الأخير لم يكن إلا محطة عابرة وأخيرة في وجود الشاهد على رأس الحكومة، لن تتجاوز بضعة أشهر، على الرغم من أن كثيرين يعتبرون أن حكومة الشاهد قد مدت في أنفاسها وأطالت في عمرها بهذا التعديل.
ولكن التعديل نفسه حمل مؤشرات كثيرة تبيّن أن الرئيس التونسي أصبح الأكثر حضوراً في الحكومة، فوزراء الدفاع والداخلية والخارجية والعدل، هم حصيلة اقتراح السبسي، بالإضافة إلى وزراء التعليم والصحة والمالية، فيما يدين البقية بولائهم إلى أحزابهم، ما يعني أن الشاهد لم يعيّن فعلياً في حكومته إلا بضعة أسماء، وأبقى على مستشارَيه، مهدي بن غربية وإياد الدهماني، اللذين تتقاذفهما اتهامات أحزاب الائتلاف من كل جانب.
اقــرأ أيضاً
وتذكر المصادر لـ"العربي الجديد" أن الرجل القوي العائد للحكومة، وزير الدفاع عبد الكريم الزبيدي، كان وراء الإبقاء على وزير العدل، غازي الجريبي، الذي كان راحلاً حتى آخر لحظة، وهو من رجَّح أيضاً كفة وزير الداخلية الجديد، لطفي براهم من بين أسماء أخرى، لكفاءته في إدارة الحرس الوطني. وجاءت عودة الزبيدي، الذي رفض رئاسة الحكومة التونسية أكثر من مرة، لتلمّح إلى أن تغيرات مهمة حدثت في الأسابيع الأخيرة، وأنه جرى إقناعه بالعودة إلى التشكيل الوزاري، بسبب عدم رغبته المعروفة في المسؤولية.
وتلمّح المصادر إلى أن الشاهد بهذا التعديل أصبح "أول الوزراء"، أي أنه لم يعد رئيساً للحكومة أو حتى وزيراً أول (كما في النظام الرئاسي)، وأن الخيوط أصبحت فعلياً بيد الرئيس ورهينة التوافقات بين حركة "النهضة" والسبسي في المقام الثاني.
وعلى الرغم من أن الشاهد لم يقل كلمته الأخيرة في ظل هذه العواصف المحيطة به، إلا أن الخناق يضيق عليه تدريجياً، خصوصاً مع أوضاع اقتصادية متدهورة، سيكون عليه تغييرها بسرعة لقلب المعادلات، ولكنه يبقى أمراً صعباً بالنظر إلى الشروع في إعداد موازنة يقول كل العارفين إنها ستتضمن إجراءات قاسية في العام المقبل.
ولكن السبسي وأطرافاً حزبية أخرى، أصبحوا مقتنعين بأن النظام السياسي الحالي (برلماني معدّل) لم ينجح في تغيير الأوضاع، وشتّت القرار بين جهات عديدة تتفادى جميعها تحمّل المسؤولية وتتبادل الاتهامات في ما بينها، ما بات يدعو بالفعل إلى إحداث تغيير حقيقي، بحسب رأي هذه الأطراف، وهو ما دفع قيادات "نداء تونس" إلى الدعوة لتغيير النظام السياسي عبر استفتاء. ولكن هذا الأمر يعني تغيير الدستور لتبديل النظام، وهو ما يتطلّب شروطاً أخرى غير متوفرة في الوقت الحالي، ولكنها قد تتوفر في مارس/آذار المقبل، بعد الانتخابات البلدية.
ويؤكد استبعاد رئيس الحكومة السابق، الحبيب الصيد، هذا التوجّه، بعدما عبّرت قيادات في حزب "نداء تونس" عن امتعاضها من تجاهل الصيد للحزب وقياداته في التعيينات وفي صياغة البرامج. وقرر السبسي تعيين الشاهد، وهو شخصية مقربة منه سياسياً وعائلياً (ولو من بعيد)، ليضمن حداً أدنى من السلاسة في التعامل بين قصري قرطاج والقصبة. ولكن مع مرور الأيام عادت الأسئلة والمشاكل نفسها بين "النداء" والسبسي والشاهد، بل كانت أكثر حدة من الخلافات مع الصيد الذي لم يكن يملك طموحات سياسية كبيرة، عكس الشاب يوسف الشاهد الذي يخطو خطواته الأولى في عالم السياسة.
ولكن التعديل نفسه حمل مؤشرات كثيرة تبيّن أن الرئيس التونسي أصبح الأكثر حضوراً في الحكومة، فوزراء الدفاع والداخلية والخارجية والعدل، هم حصيلة اقتراح السبسي، بالإضافة إلى وزراء التعليم والصحة والمالية، فيما يدين البقية بولائهم إلى أحزابهم، ما يعني أن الشاهد لم يعيّن فعلياً في حكومته إلا بضعة أسماء، وأبقى على مستشارَيه، مهدي بن غربية وإياد الدهماني، اللذين تتقاذفهما اتهامات أحزاب الائتلاف من كل جانب.
وتذكر المصادر لـ"العربي الجديد" أن الرجل القوي العائد للحكومة، وزير الدفاع عبد الكريم الزبيدي، كان وراء الإبقاء على وزير العدل، غازي الجريبي، الذي كان راحلاً حتى آخر لحظة، وهو من رجَّح أيضاً كفة وزير الداخلية الجديد، لطفي براهم من بين أسماء أخرى، لكفاءته في إدارة الحرس الوطني. وجاءت عودة الزبيدي، الذي رفض رئاسة الحكومة التونسية أكثر من مرة، لتلمّح إلى أن تغيرات مهمة حدثت في الأسابيع الأخيرة، وأنه جرى إقناعه بالعودة إلى التشكيل الوزاري، بسبب عدم رغبته المعروفة في المسؤولية.
وتلمّح المصادر إلى أن الشاهد بهذا التعديل أصبح "أول الوزراء"، أي أنه لم يعد رئيساً للحكومة أو حتى وزيراً أول (كما في النظام الرئاسي)، وأن الخيوط أصبحت فعلياً بيد الرئيس ورهينة التوافقات بين حركة "النهضة" والسبسي في المقام الثاني.
ولكن السبسي وأطرافاً حزبية أخرى، أصبحوا مقتنعين بأن النظام السياسي الحالي (برلماني معدّل) لم ينجح في تغيير الأوضاع، وشتّت القرار بين جهات عديدة تتفادى جميعها تحمّل المسؤولية وتتبادل الاتهامات في ما بينها، ما بات يدعو بالفعل إلى إحداث تغيير حقيقي، بحسب رأي هذه الأطراف، وهو ما دفع قيادات "نداء تونس" إلى الدعوة لتغيير النظام السياسي عبر استفتاء. ولكن هذا الأمر يعني تغيير الدستور لتبديل النظام، وهو ما يتطلّب شروطاً أخرى غير متوفرة في الوقت الحالي، ولكنها قد تتوفر في مارس/آذار المقبل، بعد الانتخابات البلدية.