جمعت جزيرة رودس في اليونان، الأسبوع الماضي، مؤتمراً تطبيعياً جمع ليبيين وإسرائيليين، في مقدّمتهم شخصيات موالية لبرلمان طبرق وخليفة حفتر، ووزير الإعلام في حكومة بنيامين نتنياهو، أيوب قرا، وذلك بحجة بحث مسألة يهود ليبيا. وفي وقت كان الغرض من المؤتمر أن يكون سرياً، فضحته الصور والمقاطع المصورة التي نشرها المطبّعون والشخصيات الإسرائيلية المشاركة.
وفيما لم يظهر بين الحضور مشاركة غير ليبية أو إسرائيلية، كشفت مصادر لـ"العربي الجديد"، عن دور أساسي لمحمد معين الكيخيا، أبرز رجال دولة الإمارات في ليبيا، وسفير حكومة البرلمان في الأردن، من أجل إنجاح المؤتمر، الذي هدف إلى "الاستفادة من يهود ليبيا للحصول على دعم إسرائيلي رفضت أطراف عربية التوسط بشأنه لدى إسرائيل"، وذلك وفق المصادر نفسها.
وفيما لم يظهر بين الحضور مشاركة غير ليبية أو إسرائيلية، كشفت مصادر لـ"العربي الجديد"، عن دور أساسي لمحمد معين الكيخيا، أبرز رجال دولة الإمارات في ليبيا، وسفير حكومة البرلمان في الأردن، من أجل إنجاح المؤتمر، الذي هدف إلى "الاستفادة من يهود ليبيا للحصول على دعم إسرائيلي رفضت أطراف عربية التوسط بشأنه لدى إسرائيل"، وذلك وفق المصادر نفسها.
الغويل ينفي صلته
وفي الوقت الذي رحّب فيه رئيس اتحاد يهود ليبيا، رفائيل لوزون، على صفحته في موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، ليل الجمعة الماضي، بالرسالة التي أرسلها رئيس حكومة الإنقاذ الوطني، خليفة الغويل، إلى مؤتمر اليهود الليبيين، الذي عُقد فى جزيرة رودس اليونانية، على مدى 3 أيام؛ نفى خليفة الغويل، نفيًا قاطعًا، علمه بهذا المؤتمر، أو تكليف أي شخصية ليبية بالتحدث فيه باسم حكومة الإنقاذ.
وأكد الغويل، في تصريح صحافي لـ"العربي الجديد"، عدم صحّة ما تناقلته وسائل إعلام محلية ودولية، قائلًا إنه "لم يكلف أي شخصية بالحديث نيابة عنه، أو عن حكومته، في لقاء اليونان"، مضيفًا: "ليس بيننا وبين إخوتنا في ليبيا أي خلاف، ونمدّ أيدينا للمصافحة إليهم، وخلافنا معهم أشرف من أن نضع أيدينا في يد غيرهم، وهو ما نعتبره خيانة للوطن".
وفي الوقت الذي رحّب فيه رئيس اتحاد يهود ليبيا، رفائيل لوزون، على صفحته في موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، ليل الجمعة الماضي، بالرسالة التي أرسلها رئيس حكومة الإنقاذ الوطني، خليفة الغويل، إلى مؤتمر اليهود الليبيين، الذي عُقد فى جزيرة رودس اليونانية، على مدى 3 أيام؛ نفى خليفة الغويل، نفيًا قاطعًا، علمه بهذا المؤتمر، أو تكليف أي شخصية ليبية بالتحدث فيه باسم حكومة الإنقاذ.
وأكد الغويل، في تصريح صحافي لـ"العربي الجديد"، عدم صحّة ما تناقلته وسائل إعلام محلية ودولية، قائلًا إنه "لم يكلف أي شخصية بالحديث نيابة عنه، أو عن حكومته، في لقاء اليونان"، مضيفًا: "ليس بيننا وبين إخوتنا في ليبيا أي خلاف، ونمدّ أيدينا للمصافحة إليهم، وخلافنا معهم أشرف من أن نضع أيدينا في يد غيرهم، وهو ما نعتبره خيانة للوطن".
وبيّن الغويل أنه "بصدد تقديم شكاوى قضائية لملاحقة الشخصية التي ادعت أنها تمثله في ذلك المؤتمر"، قائلًا: "لا يمكن أن تجلس حكومتي ومن يمثلها مع غير الليبيين في هذا الوطن. شركاؤنا في الوطن هم الذين نسعى معهم لإنهاء الخلافات من دون طلب أو استعانة بأي طرف خارجي".
وكان المؤتمر المشار إليه انعقد في سرية تامة، أيام الأربعاء والخميس والجمعة الماضية، في جزيرة رودس اليونانية، بمشاركة شخصيات ليبية وأخرى ممثلة ليهود من أصول ليبية، برعاية منظمة اتحاد يهود ليبيا، التي يترأسها اليهودي ذو الأصول الليبية، رفائيل لوزون، حيث ألقى محمد التريكي كلمة في المؤتمر، مدّعيًا أنه يتحدّث ممثلًا عن رئيس حكومة الإنقاذ.
مؤيّدو حفتر: مشاركة وترويج
لكن اللافت في الحدث أن شخصيات بارزة في حكومة البرلمان المنعقد في طبرق، وأخرى محسوبة على مؤيدي اللواء المتقاعد خليفة حفتر، كانت قد شاركت وسعت لإنجاح المؤتمر، ثمّ لم تنفِ صلتها به، ومنها وزير الثقافة السابق في الحكومة، عمر القويري، الذي دافع عن مشاركته، قائلًا في تصريح لصحيفة "المرصد" الليبية، المقربة من حفتر، عقب موجة الجدل الليبي مساء الجمعة الماضية: "اجتماعاتنا علنية، وتصريحاتنا واضحة، ولقاءاتنا مصورة بالصوت والصورة، وليست في غرف مظلمة تباع وتشترى فيها اﻷوطان مقابل المناصب والكراسي للمرتزقة. ليس لنا هدف أو مطمع سوى إخراج ليبيا من ورطتها ومأساتها، وسنعمل المستحيل من أجل ذلك".
وعن مشاركة وزراء من إسرائيل بينهم وزير الإعلام في حكومة نتنياهو، أيوب قرا، واعتراض نشطاء ليبيين على الأمر؛ قال القويري: "اﻻعتراض على مشاركة وزراء من إسرائيل لم تقابله حفاوة من أبطال الجهاد الفيسبوكي بممثل السلطة الفلسطينية، الدكتور زياد درويش، ابن عم الشاعر الوطني الكبير محمود درويش... ولا حفاوة بعضو البرلمان العراقي السيد (مثال) الألوسي، وهو المواطن العربي السني، والخصم الشديد لإيران وحلفائها في العراق".
دور "رجل الإمارات في ليبيا"
ودار جدل حول المؤتمر الذي يبدو أنه كان سينعقد سرًّا في الجزيرة النائية، قبل أن تكشف عنه الأديبة الليبية المقيمة في المنفى، وفاء البوعيسي، بصور وفيديو لمشاركتها في المؤتمر، نشرتها مساء الجمعة على حسابها في موقع "فيسبوك"، وأخرى تظهر صور وكلمات مسؤولين ليبيين آخرين، من بينهم القويري.
لكن مصادر خاصة لـ"العربي الجديد" أكدت أن أبرز الشخصيات التي شاركت في تفعيل المؤتمر وسعت لإنجاحه؛ هو محمد معين الكيخيا، أبرز رجال دولة الإمارات في ليبيا، وسفير حكومة البرلمان في الأردن.
ويعتبر الكيخيا من أبرز الشخصيات التي تحلقت حول مشروع سيف الإسلام القذافي الإصلاحي، قبل أن ينضم لثورة فبراير التي أطاحت بحكم القذافي، ضمن تيار يقوده السياسي الليبي محمود جبريل، والمعروفة عنه أيضًا صلاته الوثيقة بعارف النايض، سفير ليبيا السابق لدى الإمارات.
ورغم عدم حصول "العربي الجديد" على معلومات كافية حول دور الكيخيا في هذا المؤتمر، والذي لم يظهر في الصور المتداولة، فإن المصادر التي أكدت على دوره قللت من أهمية دور القويري، معتبرة أن الجهات الليبية التي سعت للمشاركة في المؤتمر اختارته، كونه مسؤولًا سابقًا في الحكومة، ويمكن التخلي عن أي نتائج ليست في صالح الحكومة، كونه لا يمثلها بشكل رسمي.
ذلك ما أشار إليه القويري نفسه أيضًا، حين صرّح أنه "شارك بصفته الشخصية وليس ممثلًا للحكومة التي لم يعد يمتلك فيها منصبًا"، بحسب قوله. لكن المصادر ذاتها اعتبرت أن المؤتمر هدَف إلى ربط الصلة مع يهود ليبيا؛ من أجل الاستفادة منهم في الحصول على دعم إسرائيلي رفضت أطراف عربية، لم تسمها، التوسط بشأنه لدى إسرائيل.
وحملت تصريحات القويري الكثير من الإشارات حول هذه المساعي، إذ قال لـ"المرصد": "ليس لنا هدف أو مطمع سوى إخراج ليبيا من ورطتها ومأساتها، وسنعمل المستحيل من أجل ذلك".
تعويض يهود ليبيا
وعن نتائج هذا اللقاء، قالت المصادر ذاتها لـ"العربي الجديد" إن "مساعي ممثلي البرلمان فشلت بكل المقاييس؛ فطلب اليهود من أصول ليبية واضح: وهو الاعتراف بحق المواطنة والحصول على تعويض عن ممتلكاتهم السابقة في ليبيا، وهو ما يرفض البرلمان التورط فيه.
ورغم إنكار القويري أن يكون المؤتمر له علاقة بإسرائيل؛ فإن صحفًا ومصادر إعلامية إسرائيلية أكدت علاقته بشكل رسمي بدولة إسرائيل.
ومن بين تلك المواقع، موقع "المصدر" الإسرائيلي، شبه الرسمي، والذي أكّد أن ممثلين رسميين من الجانبين شاركوا في المؤتمر، مضيفًا أن "وزير الإعلام الإسرائيلي، أيوب قرا، التقى خلال المؤتمر، الذي استغرق ثلاثة أيام، بوزير الإعلام الليبي عمر القويري، خلال المؤتمر الذي يستغرق 3 أيام"، مشيرًا إلى أن المؤتمر الذي عقد برعاية اتحاد يهود ليبيا، انعقد لـ"إحياء ذكرى مرور 50 عامًا على طرد يهود ليبيا من بلدهم".
وكشف الموقع، نقلًا عن رئيس ما يسمّى "اتحاد يهود ليبيا في إسرائيل"، أن المؤتمر "تم التحضير له منذ شهرين"، مبيّنًا أن من أبرز الشخصيات التي عملت على التحضير له، "المرشح لرئاسة الحكومة الليبية، معين الكيخيا، وسفير ليبيا في البحرين، ووزارة الداخلية السابق، فوزي عبد العال".
رغبة مشاركين في بناء علاقات مع إسرائيل
وأكد لوزون، خلاله مقابلة مع موقع "المصدر"، أن "الشخصيات (المشاركة) أكدت له رغبتها في بناء علاقات مع إسرائيل، على الرغم من أنّ الدولة تعاني حالة الانقسام في الوقت الراهن".
وعن المشاركين من الجانب اليهودي، قال "المصدر" إن شخصيات سياسية ورسمية إسرائيلية، فضلًا عن قرا، حضرت إلى المؤتمر، ومن ضمنها وزيرة المساواة الاجتماعية، غيلا غمليئيل، وعضو الكنسيت حيليك بار، دون أن ينقل الموقع فحوى مشاركتهم.
ورغم تأكيد مصادر "العربي الجديد" على صلة ممثلي ليبيا في المؤتمر بحكومة البرلمان والإمارات، فإن المعلومات لم تبدُ كافية حول إمكانية تورط حفتر في التشجيع عليه، أو صلته به؛ لكن مراقبين رأوا أن حديث صحيفة "معاريف" الاسرائيلية عن مشاركة قائد المنطقة الجنوبية في إسرائيل، اللواء احتياط يوم توف ساميا، خلال المؤتمر، قد تشي بعلاقته بالجانب العسكري لدى البرلمان، والذي يقوده حفتر، كما أن موقع "نون بوست" العربي نقل عن مصادر إعلامية إسرائيلية قول أيوب قرا إن "الاتصالات بينه وحكومة السراج وحفتر موجودة، وهناك رغبة لتوطيد العلاقات والتعامل بين الجانبين"، مضيفًا أن "الإدارة الأميركية تبذل جهودًا لعقد مؤتمر سلام هذه السنة بين إسرائيل ومعظم الدول العربية". وعن لقاء رودس الأخير، قال إن "اللقاء يدعو إلى المصالحة بين ليبيا وإسرائيل، وفتح صفحة جديدة بين البلدين، وضرورة مشاركة يهود ليبيا في بناء بلدهم ليبيا والحضور في المشهد السياسي".
يهود ليبيا
وحضر ملف اليهود الليبيين على الدوام ضمن سياسات معمر القذافي. فرغم التسريبات الإعلامية للاتصالات التي أجراها القذافي باليهود ذوي الأصول الليبية، فإنها كانت قد طفت على السطح بشكل متزايد إثر زيارته لإيطاليا، في يونيو/حزيران من عام 2009، عندما التقى عددًا من ممثلي اليهود الليبيين.
وإثر رجوعه من الزيارة ذاتها، كان القذافي قد أعلن في الشهر نفسه، خلال كلمته أمام فعاليات مؤتمر الشعب العام (البرلمان) ترحيبه باليهود الليبيين، وإمكانية مناقشة حقوق مواطنتهم الليبية، ومنحهم تعوضيات عن ممتلكاتهم السابقة، معربًا عن رغبته في الاستفادة منهم لتشكيل أحزاب في إيطاليا وإسرائيل ليكونوا "لوبي ضاغطًا" لمصالحه.
وخلال احتفالات سبتمبر/أيلول من عام 2010، التي كان يقيمها القذافي في كل عام لذكرى انقلابه العسكري، نقلت الفضائية الرسمية الليبية صورًا لاستقبال القذافي عددًا من الشخصيات اليهودية الليبية المشاركة في الاحتفالات.
وكان الناشط الإسرائيلي ذو الأصول الليبية، لوزون، قد أعلن منذ عام 2006 عن وجود مساعٍ مع نظام القذافي لتعويض اليهود الليبيين عن ممتلكاتهم في ليبيا، ناقلًا، خلال حديث له مع صحيفة "صنداي تايمز"، أن "سيف الإسلام القذافي قد يفتح ملف التعويضات الليبي لليهود الذين تمت السيطرة على أموالهم وأملاكهم، لأنهم ليبيون"، وذلك في إطار مساعي القذافي الابن لتصفية ملفات ليبية عالقة، كانت تقض مضجع والده آنذاك. وطالب لوزون، في حينها، "اليهود والأصدقاء في بريطانيا وأميركا بألا يثيروا أي استفزازات".
وعُرف لوزون، المقيم بصفة شبه رسمية في إيطاليا، بعلاقات وثيقة مع عدد من الليبيين، كما أنه زار طرابلس في عام 1992 للقاء قيادات اللجان الثورية التابعة للقذافي، وقد انتشرت صورة له تجمعه برئيس جهاز المخابرات الخارجي في حينها، بوزيد دورة، ورئيس مكتب الاتصال باللجان الثورية، عبد القادر البغدادي. تلك اللقاءات أعقبها، بشكل مفاجئ ولافت، زيارة عدد من الحجاج الليبيين من المنتمين للجان الثورية لبيت المقدس في فلسطين، إظهارًا لاحتجاج القذافي على موقف الدول العربية من الحصار الذي فرضته دول غربية كبرى، وقتذاك، على نظامه في ليبيا.
وشكّل اليهود الليبيون، المقيمون في البلاد منذ ما قبل الفتح الإسلامي، شريحة ليبية تعايشت بشكل سلمي مع محيطها، لكن أحداث النكسة العربية عام 1967 حرّكت تظاهرات محلية بلغت حدّ تدمير وحرق ممتلكات يهود البلاد، الذين يتركز أغلبهم في طرابلس وبنغازي ومصراتة والزاوية، ليتم طردهم من ليبيا؛ الأمر الذي اضطر رئيس وزراء ليبيا في العهد الملكي وقتها إلى جمع الأفراد والأسر اليهودية، من معظم المدن، ووضعهم في معسكرات تحت حراسة أمنية مشددة، قبل أن تسيّر إيطاليا أسطولًا جويًّا لنقل الأسر اليهودية تباعًا إلى روما في مراكز إيواء مؤقتة، وفي أعقابها انتقل عدد منهم إلى إسرائيل، وبقي جزء منهم مقيمًا في إيطاليا حتى الآن.
ورغم تصاعد الحديث عن ملف اليهود الليبيين، فإن التقديرات الدقيقة لأعدادهم لا تزال غائبة، بالإضافة إلى حجم التعوضيات عن ممتلكاتهم، في الوقت الذي تتحدّث فيه مصادر إعلامية عن أن عدد المهجّرين من ليبيا يناهز 7000 يهودي. لكن المؤكد، على أية حال، أن ملف هذه القضية يتجه، على ما يبدو، للمساومات السياسية من قبل قادة البرلمان، وربما يكون الأمر برمّته إكمالا لمشوار القذافي، الذي يعمل الكثير من أعوانه ضمن معسكر حفتر، ويرون فيه ذكرى لفقيدهم السابق.