رحيل رضا مالك... مفاوض استقلال الجزائر ورئيس حكومة الانقلاب في التسعينيات

29 يوليو 2017
ترأس الحكومة خلال فترة الأزمة في التسعينيات (أحمد كمال)
+ الخط -
توفي في الجزائر، اليوم السبت، رئيس الحكومة الجزائرية الأسبق، رضا مالك، وأحد أبرز المفاوضين في الوفد الجزائري في مفاوضات "إيفيان" مع السلطات الفرنسية لإقرار استقلال الجزائر.

وأعلن اليوم عن وفاة رئيس الحكومة الأسبق عن عمر يناهز 86 عامًا، إثر وعكة صحية طفيفة ألمت به في آخر أيامه، بعد عمر نضالي كبير قضاه الفقيد في الحركة الطلابية الجزائرية وقت الاستعمار الفرنسي، حين كان عضوًا في لجنة إدارة "الاتحاد العام للطلبة المسلمين الجزائريين"، وفي صفوف الثورة الجزائرية، إذ تولّى منصب مدير أسبوعية "المجاهد"، لسان حال "جبهة التحرير الوطني" التي كانت تقود ثورة التحرير حينها، قبل أن يتقلّد في الفترة من مايو/ أيار 1961 إلى مارس/ آذار 1962 منصب المتحدث الرسمي للوفد الجزائري في مفاوضات "إيفيان"، التي انتهت بإقرار وقف إطلاق النار واستقلال الجزائر.


ويعد رضا مالك أحد أبرز محرري "ميثاق مؤتمر طرابلس"، عام 1962، والذي وضع الأسس الأولى للدولة الجزائرية بعد الاستقلال. عُيّن لاحقًا سفيرًا للجزائر في كثير من العواصم العالمية، كباريس وواشنطن وموسكو ولندن، وفي عام 1977، عيّنه الرئيس الراحل، هواري بومدين، وزيرًا للإعلام والثقافة.

لكن أكثر المواقف السياسية المثيرة للجدل في حياة رضا مالك، والذي يُحسب على جناح "التيار الديمقراطي"، دعمه وتبنيه قرار الجيش في 12 يناير/ كانون الثاني 1992 وقف المسار الانتخابي، وإلغاء نتائج الانتخابات البرلمانية التي كان قد جرى دورها الأول في 26 ديسمبر/كانون الأول 1991، على أن يجري دورها الثاني في 16 يناير/ كانون الثاني 1992. وقتذاك، عيّن الجيش رضا مالك رئيسًا للمجلس الاستشاري الوطني الذي شُكّل من قبل الجيش في إبريل/ نيسان من سنة 1992، كهيئة صورية تعوض البرلمان الملغى، قبل أن يعيّن رضا مالك عضوًا خامسًا في المجلس الأعلى للدولة في يوليو/ تموز 1992، بعد اغتيال رئيس الدولة محمد بوضياف، ثم وزيرًا للشؤون الخارجية بداية من فبراير/ شباط 1993، ورئيسًا للحكومة بداية من أغسطس/ آب 1993، حتى إبريل/ نيسان 1994.

وخلال رئاسته الحكومة في عزّ الأزمة الأمنية الدموية التي شهدتها الجزائر منذ انقلاب الجيش على المسار الديمقراطي، وسلسلة الاغتيالات التي مسّت مثقفين وصحافيين وكوادر سياسية من قبل مجموعات مسلحة، اشتهر رضا مالك بتصريحه الشهير "على الخوف أن يغير موقعه"، وكان ذلك إيحاءً سياسيًّا ترجم على الأرض بسلسلة من التجاوزات التي استهدفت المدنيين والعائلات والمناطق التي كانت محسوبة على الإسلاميين، وينسب المتابعون لرضا مالك مسؤوليته السياسية، كرئيس حكومة، وبسبب هذا التصريح، عن موجة العنف الجنوني الذي شهدته الجزائر في منتصف التسعينيات.

عام 1995، أسس رضا مالك حزب "التحالف الوطني الجمهوري"، وقبلها كان قد حصل على شهادات جامعية في الآداب والفلسفة من جامعات في الجزائر وباريس، وقدّم شهادات تاريخية عن سيرة نضاله السياسي، من ضمنها كتاب "الرهان الحقيقي رهان العصرنة في الجزائر وفي الإسلام"، و كتاب "الجزائر في إيفيان"، وآخر حول المفاوضات السرية بين الجزائر وفرنسا لأجل الاستقلال في كتاب "تاريخ المفاوضات السرية 1956 /1962".