"تحرير الشام" تقترب من باب الهوى وترقب للموقف التركي

22 يوليو 2017
اتهمت "الأحرار" الهيئة بالتجهيز للهجوم منذ فترة (فرانس برس)
+ الخط -
تجددت الاشتباكات في قرى وبلدات عدّة بريف إدلب بالشمال السوري، خصوصاً القرى الحدودية مع تركيا، في ظلّ محاولة "هيئة تحرير الشام" الوصول إلى معبر "باب الهوى" الذي أكدت "حركة أحرار الشام" استمرار سيطرتها عليه، في وقت برزت تساؤلات حول موقف تركيا إزاء ما يجري، وما إذا كانت ستسمح بسيطرة "هيئة تحرير الشام"، المصنّفة في خانة الإرهاب على المعبر الذي يعتبر بوابتها الرئيسية إلى الشمال السوري. ومع تسارع التطورات والاصطفافات، دخلت دفعة من قوات "درع الفرات" العاملة في ريف حلب الشمالي، إلى محافظة إدلب، عبر معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا.

في هذا السياق، أفاد المتحدث باسم "حركة أحرار الشام" محمد أبو زيد، في تصريحات صحافية بأن "دفعة أولى من عناصر الحركة دخلوا إلى إدلب عبر الأراضي التركية، وهم نحو 150 مقاتلاً"، متوقعاً وصول دفعات أخرى. كما كشفت "هيئة تحرير الشام"، أن عناصرها سيطرت على "نقطة 106" المطلة على معبر باب الهوى عند الحدود السورية التركية. وقالت مصادر محلية إن "الاشتباكات انتقلت إلى نقاط قريبة من المعبر الذي باتت الهيئة تحاصره من جميع الجهات". وأضافت المصادر أن "الهيئة استعادت السيطرة أيضاً على نقطة حطين، بعد سيطرة حركة أحرار الشام عليها ليومين، كما أعلنت سيطرتها على بلدتي أطمة وبابسقا، من دون التعرض لمقرات الفصائل الأخرى فيهما".

من جهته، أوضح متحدث عسكري باسم "حركة أحرار الشام" أن "مستودعات تحوي مواد إغاثية في معمل الأزرق ضمن المعبر، احترقت نتيجة الاشتباكات وقصف "هيئة تحرير الشام بقذائف الدبابات والرشاشات الثقيلة"، نافياً أن "تكون الحركة قامت بحرق المستودعات عمداً قبل انسحابها منها". وقال ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي، إن "الاشتباكات بين الطرفين وصلت إلى كاراج المعبر، كما تمكنت الهيئة من التقدم داخل المعبر".

وكان مدير العلاقات الإعلامية في "هيئة تحرير الشام" عماد الدين مجاهد، قد اعتبر أن "الهيئة طلبت تسليم إدارة المعبر لجهة مدنية مستقلة، الأمر الذي رفضته حركة أحرار الشام". وقد وجّهت "هيئة تحرير الشام"، نداء إلى قادة ومقاتلي "حركة أحرار الشام" في معبر باب الهوى، لترك المعبر والعودة إلى بيوتهم متعهدة بألا يمسهم أي ضرر. وبدأت "هيئة تحرير الشام" محاولات التقدم نحو المعبر، يوم الخميس، بعد رفضها مبادرةً أطلقها بعض علماء الدين من أجل وقف القتال. وقد أصيب مدنيون بجروح جراء سقوط قذائف أطلقتها الفصائل المتقاتلة، على مخيمات النازحين في بابسقا، وعقربات، وكفرلوسين، والتريمسة، والنواعير، والعاصي في ريف إدلب الشمالي، وسط اتهامات متبادلة بين الطرفين المتقاتلين بالمسؤولية عن استهداف المخيمات.



في غضون ذلك، أعلنت فصائل من الجيش السوري الحر تحركها للتدخل كقوات فصل بين الجانبين. وأبدى كل من "فيلق الشام" وحركة "نور الدين الزنكي" في بيان مشترك، استعدادهما للتحرّك تجاه المعبر من أجل الفصل بين الجانبين، من دون توضيح آليات ذلك والمناطق التي سينتشرون فيها. كما قال ناشطون إن "هيئة تحرير الشام استهدفت رتلاً لقوات الفصل التابعة لفيلق الشام وحركة نور الدين الزنكي، في قرية معارة الأتارب، في ريف حلب الغربي، بينما خرجت تظاهرة في مدينة الأتارب منددة بهذا الاستهداف. وقد رحّبت "حركة أحرار الشام" بالبيان الذي أصدره الفصيلان، معتبرة أن "استمرار المواجهة العسكرية مع هيئة تحرير الشام، سيكون مرتبطاً بوقف بغي الهيئة على قوات الحركة في الشمال السوري".

كما رحّبت الحركة بانسحاب "حركة نور الدين الزنكي" من "هيئة تحرير الشام"، وتمنّت أن تكون هذه الخطوة "عودة إلى حضن الثورة بزخم وقوة". مع العلم أن عديد عناصر "حركة نور الدين الزنكي" نحو 8 آلاف عنصر. ومع الانتقادات الموجهة إلى "حركة أحرار الشام"، بسبب ضعف حضورها السياسي والاعلامي في هذه التطورات، وجّه القائد العام للحركة، علي العمر كلمة قال فيها إن "اعتداء هيئة تحرير الشام يهدف لإنهاء الثورة السورية وتحويل مناطق أهل السنة إلى رقة وموصل جديدة".

وظهر العمر في شريط فيديو بثه المكتب الإعلامي للحركة يوم الجمعة، على أحد محاور الاشتباك مع هيئة تحرير الشام في ريف إدلب. وكشف العمر أن "لديه معلومات تؤكد تجهيز تحرير الشام للهجوم على الحركة منذ أكثر من شهر، مع إقامة معسكرات خاصة لعناصرها من أجل ذلك"، مطالباً الشعب السوري بـ"الدفاع عن الثورة".



وقال الصحافي التركي اوكتاي يلماظ، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "تركيا تصنّف "هيئة تحرير الشام" منظمة إرهابية، وإذا ما تمكّن هذا الفصيل من توسيع سيطرته في إدلب أو السيطرة على معبر باب الهوى، فهذا بالتأكيد لن يريح تركيا التي لا يمكن أن تتعامل معه". وعن احتمال تحرك تركيا عسكرياً لمواجهة هذه الاحتمالات، استبعد يلماظ أن تكون هناك عملية عسكرية مباشرة لأنقرة، "لأن لديها أولويات أخرى متعلقة بمواجهة المليشيات الكردية في الشمال السوري التي تهدد الأمن التركي بشكل مباشر"، مرجحاً أن تلجأ تركيا إلى دعم حركة "أحرار الشام" والفصائل الأخرى الحليفة لها في إدلب والشمال السوري لمواجهة "هيئة تحرير الشام". وأضاف أن هناك مشاورات مستمرة مع روسيا لتطبيق اتفاق أستانة الخاص بـ"مناطق خفض التصعيد" في إدلب، وفي حال تم الاتفاق قد ترسل تركيا قوات إلى إدلب، لكن ما يجري حالياً يعقّد الموقف، ولا شك أن أنقرة تدرس الخيارات الممكنة للتعامل معه.

في غضون ذلك، يغيب صوت القائد العام لـ "هيئة تحرير الشام"، هاشم الشيخ (أبو جابر)، حول ما يجري من اقتتال في الشمال السوري، وسط شائعات عن منعه من اتخاذ القرارات من جانب فريق أبو محمد الجولاني داخل الهيئة. ولم يصدر عن الشيخ أي موقف علني في القتال المتواصل منذ أيام مع "حركة أحرار الشام"، الفصيل الذي قاده الشيخ سابقاً خلفاً لحسان عبود، بعدما قُتل مع عدد من القادة في ريف إدلب، في سبتمبر/أيلول 2014. وسبق أن وصف مبعوث الولايات المتحدة إلى سورية مايكل راتني في مارس/آذار الماضي الشيخ وغيره من المنتمين إلى الهيئة، من خارج "جبهة النصرة" بأنهم "كومبارس ولا دور لهم في التشكيل الجديد"، معتبراً أن "صاحب السلطة الحقيقية، هو الجولاني المتحكم من الناحية العمليّاتية، ومنهجه ومنهج جماعته هو التغلب، الذي ما هو إلا وجه آخر للاستبداد". من جهته، اعتبر الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية أن "هيئة تحرير الشام ارتكبت أعمال قتل بحق المدنيين، إضافة للتضييق والملاحقة".

 

 

المساهمون