حذر جزائري من تسلل إرهابيين بين مهاجرين أفارقة وهجمات جنوبي البلاد

15 يونيو 2017
أنشأت الجزائر مراكز عسكرية متقدمة على حدودها الجنوبية (Getty)
+ الخط -


شددت السلطات الجزائرية مراقبة حدودها الجنوبية مع مالي والنيجر وموريتانيا، تزامناً مع ورود تقارير عن محاولات تنظيم إرهابي استهداف مراكز أمنية وعسكرية ومنشآت حيوية في الجزائر، عبر استغلال تسلل عناصر مسلحة، على أساس أنهم من المهاجرين الأفارقة.

وحذرت تقارير أمنية في الجزائر من تسلل إرهابيين، ضمن قوافل المهاجرين السريين القادمين من دول أفريقية إلى داخل الجزائر، بهدف استطلاع وتنفيذ عمليات إرهابية، وذلك بعد اعتقال عدد من المهاجرين الأفارقة يشتبه بصلتهم بتنظيمات مسلحة. وذكرت التقارير أن السلطات الجزائرية اعتقلت 28 مهاجراً أفريقياً في منطقة غرداية وتمنراست، جنوبي البلاد، تشتبه بدوافع وصولهم إلى الجزائر عبر الصحراء، أو احتمال صلاتهم بمجموعات مسلحة. وقال مصدر أمني، لـ"العربي الجديد"، إن "السلطات الأمنية تحقق مع عدد من المهاجرين المفترضين، كونه من الوارد أن تلجأ تنظيمات إرهابية إلى الدفع بعناصر منها في صفوف المهاجرين الذين يتسللون يومياً إلى الجزائر عبر الصحراء. ومن الوارد أن تعتمد على عناصر كهؤلاء، إما لاستطلاع الوضع وتقدير الموقف الأمني، أو تمهيداً لربطهم مع خلايا محلية لتنفيذ عمليات مسلحة". وكشف قائد عسكري في القيادة العسكرية الرابعة في منطقة ورقلة أنه "تم منذ مارس/ آذار (الماضي)، إحباط أكثر من 200 عملية تسلل لجماعات إرهابية خطيرة من رعايا أفريقيين تم استقطابهم وتجنيدهم من قلب المجمعات في شمال مالي، التي تمثل في الوقت نفسه منطلقاً لقوافل الهجرة السرية".

وكشف الناشط الحقوقي الممثل لمجلس أممي لحقوق الإنسان في الجزائر، عبد السلام عليلي، الذي يتابع الملف، لـ"العربي الجديد"، أن "ما يؤسف له هو التداخل بين اللاجئين الأفارقة والعمل الإرهابي. الحقيقة أنه يوجد تسلل، وتم توقيف أكثر من شخص منخرط في جماعة إرهابية، وكثفت مصالح الأمن المشتركة نشاطها من أجل الوصول إلى المتسللين، وتم كشف التسلل عن طريق أحد الأفارقة بعد أن تخلى عنه رفاقه الذين يجري البحث عنهم من قبل الأجهزة الأمنية. والمعلومات الأولية التي بحوزتنا تشير إلى اعتقال عدد منهم". ومنذ فترة بات تواجد المهاجرين الأفارقة في مدن الجنوب الجزائري يشكل، إضافة إلى الأعباء الاجتماعية وظواهر التسول والجريمة وغيرها، هاجساً أمنياً مقلقاً بالنسبة إلى السلطات الجزائرية، التي تتخوف من إمكانية لجوء تنظيمات إرهابية لاستغلال المهاجرين الأفارقة في عمليات إرهابية، أو التستر وراءهم لتنفيذ عمليات كهذه. وتربط هذه التقارير بين هذه المخاوف وعمليات الكشف عن مخابئ للأسلحة قرب مدن الصحراء الجزائرية. ففي التاسع من يونيو/ حزيران الحالي عثرت قوات الجيش الجزائري على مخبأ للأسلحة في منطقة بج باجي مختار، في أقصى جنوب الجزائر، قرب الحدود مع مالي. وسبق ذلك، في 25 مايو/ أيار الماضي، العثور على مخبأ يحوي كمية من الأسلحة والمتفجرات والذخيرة الحربية في منطقة عين قزام الحدودية، جنوبي الجزائر.


ومنذ سيطرة مجموعات مسلحة، بينها تنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" و"كتيبة الجهاد والتوحيد في غرب أفريقيا"، على مدن شمال مالي، وأبرزها مدينة غاو، في مارس 2012، والهجوم الدامي على منشأة الغاز في ولاية أليزي في يناير/ كانون الثاني 2013، وجهت الجزائر مجهودها الأمني لتأمين حدودها الجنوبية، إذ تم نقل أكثر من 35 ألف جندي وإنشاء مراكز عسكرية متقدمة على الحدود. لكن توتر الأوضاع في ليبيا، أخيراً، وإعلان ثلاثة تنظيمات مسلحة الاندماج في تنظيم "جامعة المسلمين وأنصار الإسلام" في مارس الماضي، والذي يضم "إمارة الصحراء"، التابعة لتنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي"، و"كتيبة المرابطون"، وتنظيم "أنصار الدين"، بالإضافة إلى فرع التنظيم في النيجر، ويسمى "كتائب ماسينا"، بقيادة زعيم تنظيم "أنصار الدين"، إياد غالي، والذي كان بين 1996 إلى 2001 سفيراً لمالي في الرياض، زاد من القلق الأمني الجزائري. ومثّل الإعلان عن التنظيم المسلح الجديد تحدياً أمنياً جديداً بالنسبة إلى القيادة العسكرية والأجهزة الأمنية في الجزائر، في المناطق الجنوبية القريبة من مالي والنيجر، خصوصاً أن التنظيم الجديد أعلن مبايعته لزعيم تنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي"، عبد المالك درودكال، المعروف باسم أبي مصعب عبد الودود، والذي يقاتل الجيش في مناطق تمركزه في بومرداس – البويرة – تيزي وزو، على محور يمتد إلى 120 كيلومتراً شرقي العاصمة الجزائرية. ويعني ذلك وضع الجزائر ضمن خطة استهداف من قبل التنظيم الجديد.

وفي مارس الماضي، قام قائد أركان الجيش، الفريق أحمد قايد صالح، مباشرة بعد الإعلان عن ميلاد هذا التنظيم المسلح، بتفقد الحدود الجنوبية، لحث القيادات العسكرية الميدانية على مزيد من الحذر واليقظة بشأن مراقبة الحدود والاستعداد لمواجهة أي خطة قد يكون التنظيم بصدد تنفيذها لاستهداف منشآت داخل الجزائر. وفي سياق التدابير الاحترازية لحماية منطقة الجنوب، أوقفت السلطات الجزائرية، أخيراً، خطاً جوياً كان يربط مطار قرطاج في العاصمة تونس بمدينة ورقلة، جنوبي الجزائر، وهي منطقة وجود النفط، منعاً لتسهيل أي تسلل لإرهابيين ومتشددين محتملين من تونس إلى هذه المنطقة النفطية، خصوصاً مع استمرار التهديدات الإرهابية ضد المنشآت النفطية جنوبي الجزائر، منذ اقتحام مجموعة مسلحة لمنشأة الغاز تيقنتورين بولاية أليزي، أقصى الجنوب، في يناير/ كانون الثاني 2013. وقال مصدر جزائري، لـ"العربي الجديد"، إن تقريراً أعده جهاز الاستخبارات انتقد إقدام الخطوط الجوية الجزائرية على فتح خط بين العاصمة التونسية ومدينة ورقلة الجزائرية من دون استشارة الأجهزة الأمنية والأخذ بتقديراتها وموقفها بشأن هذه القرارات التي تخص حركة النقل باتجاه منطقة حساسة. ولفت المصدر إلى أن المخاوف الأمنية تتعلق أيضاً بتجنب سيناريوهات تنفيذ محاولات خطف طائرات وتفجيرها داخل المنطقة النفطية، وهي السيناريوهات التي ظلت في حسابات الأجهزة الأمنية الجزائرية، وتدفع باتجاه إبعاد أي نشاط جوي قرب المنطقة النفطية، عدا الطائرات التي تنطلق من المطارات الجزائرية المتحكم في أمنها. وقبل نحو أسبوعين، كان قائد أركان الجيش الجزائري، الفريق أحمد قايد صالح، قد حذر، خلال زيارته المنطقة العسكرية الرابعة في ورقلة، جنوبي الجزائر، القيادات العسكرية الميدانية من التساهل في التدابير الأمنية والاحترازية لمواجهة تحركات المجموعات المسلحة في المناطق الجنوبية والنفطية.