في المقابل يُقدَّر عدد أفراد الجالية اليهودية في بريطانيا بين 263 ألف نسمة، حسب الإحصاء السكاني في بريطانيا لعام 2011، وبين 350 ألف نسمة، حسب الأرقام التي توردها مراكز أبحاث يهودية.
وعلى الرغم من عددهم القليل (حوالى 0.5% من سكان بريطانيا)، مقارنة بالجالية المسلمة (حوالى 3 ملايين – 4.5% من مجموع السكان)، يتمتَّع أفراد الجالية اليهودية بنفوذ واضح في معظم نواحي الحياة العامة. وقد تعاقبت شخصيات يهودية على مدى السنوات المائة الماضية في مناصب مرموقة في الحياة السياسية البريطانية، بدءاً من رئيس الوزراء، بنجامين دزرائيلي (1868)، الذي يتحدر من أسرة يهودية، وصولاً الى زعيم حزب العمال السابق، إيد ميليباند، الذي نافس في الانتخابات العامة لعام 2015 للوصول إلى منصب رئيس الوزراء. ويمثل الجالية اليهودية في البرلمان البريطاني 24 نائباً من أصل 650 نائباً، في مقابل 8 نواب فقط يمثلون الجالية المسلمة.
وعلى خلاف الجالية اليهودية التي خرج أبناؤها من "الغيتو"، وأخذوا يتغلغلون في مراكز صنع القرار السياسي، ويمسكون بمراكز التأثير الاقتصادي، ويتحكمون بمؤسسات الإعلام، تشير الدراسات الى أن مسلمي بريطانيا أصبحوا بمثابة أمة داخل الأمة، منعزلين بأفكارهم عن باقي مكونات المجتمع البريطاني الذي يتميز بالتعددية والانفتاح. وتظهر هامشية الجالية المسلمة، رغم كثرتها العددية، في العجز عن التأثير في القرار البريطاني تجاه أي من القضايا الإسلامية، لا سيما "قضية المسلمين الأولى"، قضية فلسطين. فقد عجزت الجالية المسلمة عن دفع الحكومات البريطانية المتعاقبة على اتخاذ أي موقف جدي إزاء الاحتلال الإسرائيلي، وتهويد "أولى القبلتين وثالث الحرمين ومسرى الرسول الكريم".
وإن كان يطيب لبعض مسلمي بريطانيا اجترار التغني بانتخاب المسلم صادق خان عمدة للعاصمة لندن، فإن الموضوعية تقتضي القول، إن فوز خان العام الماضي، كان نصراً لقيم التعددية والانفتاح، والديمقراطية، أكثر منه إنجازاً للجالية المسلمة.