ضغوط لضمان تقاسم عبء طالبي اللجوء في أوروبا: النظام الطوعي غير فعال

18 مايو 2017
أطفال يلهون داخل أحد مخيمات اللجوء في اليونان(بانايوتيس تزاماروس/Getty)
+ الخط -
وضع سياسة هجرة عادلة وفعالة وإنسانية لا يزال يشكل أولوية رئيسية بالنسبة للاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء، بحسب النواب الأوروبيين الذين يستعدون لاعتماد توصية، اليوم الخميس، للضغط على الدول الأوروبية لتقاسم عبء استقبال طالبي اللجوء. وينتظر أن تحظى توصية البرلمان الأوروبي بأصوات الأغلبية.

ووفقاً لقرارين تم اعتمادهما من قبل الاتحاد الأوروبي في سبتمبر/ أيلول 2015، تعهدت الدول الأعضاء بتقاسم عبء 160 ألفاً من طالبي اللجوء لتخفيف الضغط على بلدان ما يسمى "خط المواجهة"، أي إيطاليا واليونان، وذلك بحلول سبتمبر/ أيلول 2017. إلا أنه تم نقل 18418 شخصاً فقط حتى 11 مايو/ أيار الحالي، بحسب إحصاءات أوروبية. لذا شدد أعضاء البرلمان الأوروبي، في نقاش جمعهم بممثلين عن المفوضية الأوروبية، قبيل إصدار التوصية، على ضرورة احترام الدول الأعضاء للالتزامات التي وافقت عليها.


انتقادات البرلمانيين

واعتبر النائب الديمقراطي المسيحي الهولندي، جيروين لينايرس، أن عدم مشاركة ممثلين من المجلس الأوروبي في النقاش يمثل عاراً حقيقياً. وأضاف في مداخلته أمام النواب "لم أكن مع فكرة الحصص الإلزامية، لكننا شهدنا على مدى العامين والنصف الماضية، أن النظام الطوعي غير فعال".

أما النائبة الليبرالية النمساوية، أنجيليكا ملينار، فقد قدمت مقارنة بين جهود الاتحاد الأوروبي الهزيلة وتلك التي تقدمها دول مثل الأردن ولبنان وتركيا التي تستضيف ملايين اللاجئين. وأشارت إلى أنه قد "حان الوقت لكي تفي الدول الأعضاء بالتزاماتها".
وحول سؤال للنائبة الاشتراكية الديمقراطية الإيطالية، سيسيل كينج، حول ما سيحدث في سبتمبر/ أيلول في حال عدم حصول أي تقدم في الملف، أوضح المفوض الأوروبي للهجرة، ديميتريس أفراموبولوس، أن المفوضية الأوروبية ستكون مضطرة لاتخاذ إجراءات عقابية ضد الدول الأعضاء.
من جهته، قال النائب اليساري الإسباني، ميبيل أوربان كريسبو، في حديث مع "العربي الجديد"، إنه "في جميع أنحاء العالم هذا العام، سيكون علينا أن نستوعب حوالي مليون لاجئ. لكن أوروبا لا تفعل ما ينبغي القيام به، وهذه علامة على أزمة سياسية داخل المشروع الأوروبي". ولفت إلى أن "إسبانيا أفضل مثال على هذا التعامل. إذ استقبلت مدريد حوالي خمسة في المائة من عدد الأشخاص الذين كان من المفترض أن يتوجهوا إلى إسبانيا، وهذا أمر غير مقبول، لذا فنحن بحاجة إلى إجراءات عقابية". وذكّر بأنه "في مؤسسات الاتحاد الأوروبي، يتم دائماً ترديد أن التقشف إلزامي، ومن لا يمتثل له سيعاقب، فلماذا لا نجعل من حقوق الإنسان أيضاً مسألة إلزامية، وبالتالي معاقبة أولئك الذين لا يمتثلون للمبدأ؟".

النقل وحده ليس كافياً
وأكد عدد من أعضاء البرلمان الأوروبي أن النقل إلى دول أخرى وحده لن يحل أزمة الهجرة. وبحسب الكثيرين منهم، فإن إعادة النظر في نظام دبلن واعتماد قواعد مشتركة وفتح قنوات قانونية للوصول إلى أوروبا تشكل جزءاً من الحلول التي يجب اتخاذها. تضاف إلى ذلك ضرورة وضع نظام أوروبي موحد للجوء. وفي السياق، قالت النائبة الألمانية عن حزب الخضر، سكا كيلر، إنه "لا توجد مشكلة في القدرة على استقبال اللاجئين، بل في عدم وجود إرادة سياسية حقيقية. فنحن أمام فارين من الحرب والاضطهاد، ومنهم القاصرون غير المصحوبين الذين يهيمون لوحدهم في مخيمات مكتظة". وخلال العام الماضي، طلب 63300 من القاصرين غير المصحوبين الحماية الدولية في الاتحاد الأوروبي. وتم تسجيل 57 في المائة من الحالات في ألمانيا. وطالب المفوض الأوروبي للهجرة، ديميتريس أفراموبولوس، بضرورة التوصل إلى اتفاق بين كل أعضاء الاتحاد من أجل تعاون أفضل على المستوى الأوروبي، مذكراً بأنه " كثيراً ما تختزل عملية النقل في أرقام، ولكن يجب علينا ألا ننسى أننا نتحدث عن الناس الذين يجب حمايتهم. ومن واجبنا السياسي والأخلاقي أن نضمن لهم هذه الحماية في أقرب وقت ممكن وبطريقة جيدة".

إعادة التوطين
تنفيذ برنامج إعادة التوطين على عكس عملية النقل يتم بشكل جيد حتى الآن، بحسب الإحصائيات الأوروبية. فحتى يوم 12 مايو/ أيار، أعيد توطين 16163 شخصاً في 21 بلداً. وهو ما يعني أن أكثر من ثلثي طالبي اللجوء الذين تم الاتفاق على توطينهم اعتماداً على الاتفاق بين الدول الأعضاء قد تم بالفعل. ومنذ 10 إبريل/ نيسان 2017، أعيد توطين 671 شخصاً، معظمهم من تركيا، وأيضا من الأردن ولبنان.

ويمثل هذا الرقم تحسناً بالمقارنة مع العدد القليل من الأشخاص الذين أعيد توطينهم في عامي 2014 و2015 في البلدان الأوروبية.
وبحسب المفوضية الأوروبية، فإنه إذا كانت بعض الدول الأعضاء والدول الأخرى التي تشارك في البرنامج قد أوفت بالتزاماتها، كإستونيا وألمانيا وإيرلندا وهولندا وفنلندا والسويد والمملكة المتحدة وإيسلندا وليشتنشتاين وسويسرا، فلا تزال جهود إعادة التوطين متفاوتة. ولم تبدأ بعد تسع دول أعضاء، هي بلغاريا وقبرص واليونان وكرواتيا ومالطا وبولندا ورومانيا وسلوفاكيا وسلوفينيا، بتنفيذ تعهداتها المتفق عليها على مستوى الاتحاد الأوروبي.
وعلى الرغم من التقدم الملموس، فقد اعتبر النواب الأوروبيون أن الدول الأعضاء لا تزال بعيدة عن تحقيق الأهداف المرجوة. لذا طالبوا الدول التي لم تبدأ بعد بالمشاركة في عملية إعادة التوطين في إطار برامج الاتحاد الأوروبي بضرورة تكثيف جهودها في أقرب وقت ممكن للمساهمة في الجهود المشتركة لتوفير قنوات آمنة وقانونية لدخول الاتحاد الأوروبي للأشخاص الذين يحتاجون إلى الحماية الدولية وتنفيذ الاتفاق الموقع بين الاتحاد وتركيا.

اليمين المتطرف على الخط
وإذا كان هناك إجماع من قبل النواب الأوروبيين على ضرورة إيجاد حلول إنسانية لملف طالبي اللجوء، فإن العديد من النواب المحسوبين على اليمين المتشدد لم يترددوا في توجيه انتقادات للسياسة الأوروبية في مجال الهجرة. وعندما أثار بعض الأعضاء مسألة شبكات المهربين وتجار المخدرات، اعتبرت النائبة المحافظة البلجيكية، هيلغا ستيفنز، أن "جميع طالبي اللجوء الذين يصلون إلى أوروبا بطريقة غير مشروعة، وذلك بفضل المهربين، يجب أن يعادوا إلى مكان آمن". أما بالنسبة للنائب البريطاني، ريمون فينش، فإنه وفقاً لطريقة استجابة الاتحاد الأوروبي لأزمة الهجرة، سيحدد مستقبل الاتحاد. وتوجه إلى أعضاء البرلمان الأوروبي بالقول "أطلب منكم أن تأخذوا في الاعتبار مصالح شعوبكم ودولكم".