عودة عنان لكواليس المشهد المصري... والهدف رئاسيات 2018

18 مارس 2017
عنان خلال رئاسيات 2014 (أحمد اسماعيل/الأناضول)
+ الخط -

أفادت مصادر سياسية وحكومية قريبة من الدائرة الشخصية للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أن "الأجهزة الأمنية التابعة للنظام رصدت اتصالات بين رئيس هيئة أركان الجيش المصري سابقاً، الفريق سامي عنان، وبين عدد من رجال الأعمال ومالكي القنوات الفضائية وبعض المسؤولين الحكوميين السابقين"، في خطوة فسّرتها الدائرة الاستخباراتية – الرقابية، التي يديرها مدير مكتب السيسي بأنها تعكس "رغبة عنان في الترشح للرئاسة إذا أجريت انتخابات رئاسية عام 2018، أو مساومة النظام على مسألة الترشح كما حدث عام 2014".

في هذا السياق، ذكر مصدر في مصلحة الأمن العام بوزارة الداخلية، أن "عنان التزم خلال الأشهر الثلاثة الماضية الإقامة في أحد قصوره في منطقة الساحل الشمالي، بعدما صدرت قرارات عسكرية بإحالة العشرات من ضباط سلاح الدفاع الجوي بالجيش إلى التقاعد المبكر، نظراً لعلاقتهم الوطيدة بعنان الذي كان قائداً لهذا السلاح في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك، وتلاها قرار الإطاحة بقائد السلاح الفريق عبد المنعم التراس، الذي كانت تجمعه بعنان علاقة شخصية قوية".

وأضاف المصدر أن "الأسبوعين الماضيين شهدا تحركات مفاجئة لعنان، من بينها التواصل مع عدد من رجال الأعمال المعروفين بعدم انحيازهم للنظام الحاكم، وفي الوقت ذاته عدم إعلان معارضتهم بصراحة للسيسي. كما تواصل مع رجل الأعمال أحمد بهجت، مالك قنوات دريم، الذي ساءت علاقته بالنظام بعد صدور حكم قضائي بوضع ممتلكاته تحت الحراسة القضائية تمهيداً لتصفيتها وسداد مستحقات المصارف، وتواصل أيضاً مع رجل الأعمال والإعلانات طارق نور، صاحب قناة القاهرة والناس، والذي توترت علاقته بالنظام بعد إلغاء بعض أنشطته الترويجية وإجباره على وقف برنامج الإعلامي إبراهيم عيسى مما أفقد قناته أبرز مواردها الإعلانية".

وأوضح المصدر أن "التقارير الأمنية التي رُفعت للسيسي أكدت سعي عنان لاستمالة بعض الإعلاميين المتحفظين على أداء النظام، أو التابعين لأجنحة مناوئة للسيسي داخل الأجهزة الأمنية والسيادية، لإعادة ترويج اسمه كمرشح محتمل للرئاسة، أو بديل كفء للسيسي في حالة انقلاب هذه الأجنحة ضده".



وأشار المصدر إلى أن "التقارير الأمنية أكدت أن عنان فشل في تحقيق اختراق ضد السيسي على مستوى المؤسسة العسكرية، بسبب سرعة التعامل مع الضباط التابعين له في سلاحي الدفاع الجوي والطيران، مما دفعه للبحث عن مجال آخر يمكن من خلاله أن يشكل قلقاً للسيسي، وصولاً إلى منافسته المباشرة في الانتخابات أو مساومته على عدم المشاركة مقابل مكاسب سياسية معينة، قد يكون منها مساعدة حزبه المسمى (مصر العروبة) الذي مني بفشل ذريع في الانتخابات السابقة".

من جهته، لفت مصدر في حزب المؤتمر (أحد أحزاب الأكثرية النيابية)، إلى أن "تحركات عنان لا تقتصر على المجال الإعلامي، بل بدأ في عقد لقاءات مع شخصيات تنتمي للحزب الوطني المنحل للتفاوض معها من أجل خوض الانتخابات المحلية المقبلة، أياً كان موعدها، لصالح حزبه مصر العروبة، وأن بعض هذه الشخصيات أبلغت الأحزاب القريبة من النظام بذلك رغبة منها في الانضمام لتلك الأحزاب بدلاً من حزب عنان، وللظهور بمظهر المرشحين المرغوب فيهم، ليظفروا بمقاعد في الانتخابات المحلية". ولفت إلى أن "تحركات عنان بعد إثارة موضوع التعديل الدستوري لتمديد فترة الرئاسة ليست صدفة"، مشيراً إلى أن "عنان يحاول ترويج نفسه مبكراً كمنافس محتمل للسيسي، للضغط على النظام بغية إحراجه واضطراره لتعديل الدستور، أو بغية مساومته للحصول على مكاسب لقاء انسحابه من الانتخابات".

في الإطار عينه، أكد مصدر بوزارة العدل أن "عنان تواصل مع عدد من المسؤولين الحكوميين والقضائيين السابقين الذين عمل معهم في أوقات سابقة لاستطلاع رأيهم في مسألة خوض الانتخابات، وما إذا كان النظام جاداً في إجراء انتخابات رئاسية العام المقبل من عدمه، مما يؤكد رغبته في العودة للساحة السياسية".



وأضاف المصدر أنه "كان لافتاً للنظر أن عنان لم يتحدث مطلقاً، حتى عندما بثت قناة صدى البلد، المقرّبة من جهاز الأمن الوطني تسجيلاً صوتياً لمكالمة بينه وبين محمد البرادعي، فيما اعتبره المراقبون ضغطاً سياسياً على عنان". وأرجع المصدر هذا الصمت إلى "طبيعة عنان المراوغة إلى حد ابتلاعه مثل هذه الإساءات ثم الخروج في الوقت المناسب للحصول على مكاسب".
 
وشدّد المصدر على أن "المشكلة أمام النظام الحاكم هي أن عنان ليست له أي قضايا أو سقطات تمكن مساومته عليها أو الضغط عليه بها، خصوصاً أنه يتمتع بوضع قانوني وعسكري محصّن، لارتباط جميع قراراته بعضويته في المجلس الأعلى للقوات المسلحة، مزاملاً السيسي والمشير حسين طنطاوي الذي يعامل حالياً معاملة رئيس جمهورية أسبق".

ورجّح المصدر أن "يكون نشر صحيفة اليوم السابع المتحدثة بلسان الدائرة الاستخباراتية - الرقابية الخاصة بالسيسي، تقريراً يقرن عنان بشخصيات معارضة، كأيمن نور، محاولة للإساءة لعنان بالتزامن مع محاولاته للعودة إلى الظهور الإعلامي، أو للضغط عليه ليكف عن تحركاته الحزبية أو الشخصية".

والعلاقة بين السيسي وعنان متوترة لدرجة أن بعض المصادر وصفتها بـ"السيئة" وطبيعتها معروفة في أوساط الجيش، على خلفية رفض عنان تولي السيسي وزارة الدفاع بعد الإعلان الدستوري الذي أصدره الرئيس المعزول محمد مرسي وإقالته لطنطاوي وعنان في 12 أغسطس/آب 2012. وقبل ذلك كان عنان والسيسي يتنافسان على مساحات التحكم والتحرك والتواصل مع القوى السياسية خلال عضويتهما في المجلس العسكري بعد ثورة يناير/ كانون الثاني 2011. وحاول السيسي عرقلة إشهار حزب عنان ووصل الأمر إلى ساحات القضاء حتى صدر حكم نهائي بإشهار الحزب، لكن الأجهزة الأمنية والدائرة السياسية للسيسي عاملته بازدراء ملحوظ بدرجة أكبر من معاملتها السيئة لحزب المرشح الرئاسي الأسبق أحمد شفيق "الحركة الوطنية". كما أعلن عنان عزمه الترشح للرئاسة عام 2014 ثم انسحب فجأة بعد اتصالات وضغوط من بعض مؤيدي السيسي من الإعلاميين والسياسيين.