تقارب الصدر وعلاوي و"التيار المدني": تمهيد لتحالفات عراقية جديدة

09 فبراير 2017
لقاء سابق بين إياد علاوي ومقتدى الصدر(صافن حامد/فرانس برس)
+ الخط -
تشهد الساحة السياسية العراقية دينامية اتصالات جديدة بين ثلاثة قوى متنافسة ومتناقضة في ما بينها، تتمثل في التيار الصدري، والتيار المدني العراقي، وائتلاف العراقية بزعامة رئيس الوزراء الأسبق ذي التوجهات العلمانية، إياد علاوي.
وأكدت مصادر سياسية عراقية مطلعة في بغداد، في حديث مع "العربي الجديد"، أن الأمر لم يعد مجرد اتصالات بل بات هناك تقارب كبير بين الأطراف الثلاثة، قد يفضي إلى تشكيل تحالف سياسي جديد لخوض الانتخابات المحلية والبرلمانية المقبلة في البلاد. وإذا قدّر لتحالف انتخابي كهذا أن يبصر النور فعلاً، سيكون هناك احتمال جدي في أن تتمكن هذه القوى الثلاث من تشكيل الحكومة العراقية المقبلة، وأن تكسر بالتالي الاحتكار الذي فرضه حزب "الدعوة الإسلامية" المسيطر على سدة الحكم منذ نحو 12 عاماً. وذكرت المصادر نفسها أن "التيار الصدري" و"التيار المدني العراقي" و"ائتلاف العراقية" عقدت لقاءات جانبية عدة على مستوى أعضاء بارزين في القوى الثلاث.

ورأى مراقبون أن انتخابات مجالس المحافظات في سبتمبر/أيلول 2017، ستكون بمثابة رسم صورة مبكرة للانتخابات البرلمانية العامة في البلاد مطلع عام 2018، والتي ينتج عنها اختيار رئيس الوزراء ورئيس الجمهورية، وفقاً للدستور العراقي الذي أقر بعد الغزو الأميركي عام 2003.

وتجري كتل سياسية عراقية متعددة التوجهات مباحثات ولقاءات مستمرة ببغداد منذ أيام بحثاً عن تحالفات جديدة تحاول تقديم صورة مختلفة للشارع العراقي في انتخابات مجالس المحافظات. ويأتي ذلك بعد تقارير تحدثت عن توقعات بشأن عزوف كبير للمواطنين عن المشاركة في الانتخابات بسبب تكرار الوجوه والأحزاب ذاتها منذ 13 عاماً بلا تغيير مع تكرار لنفس الشعارات الانتخابية، وفق ما ذكرت التقارير.

ويبرز التقارب الجديد بين التيار الصدري، والتيار المدني، وائتلاف العراقية الذي يقوده علاوي، في وقت يتسابق فيه كل من حزب "الدعوة" بزعامة رئيس الوزراء السابق، نوري المالكي، و"المجلس الأعلى" بزعامة عمار الحكيم، على كسب أطراف معينة لضمها في ائتلاف انتخابي. ويرغب الطرفان في استقطاب فصائل مليشيات "الحشد الشعبي" التي تحظى بقبول نسبي في محافظات الجنوب، وكتل كردية داخل "التحالف الكردستاني"، فضلاً عن جذب أحزاب صغيرة في بغداد طمعاً بالأغلبية التي تمنحهما أحقية تشكيل الحكومات المحلية للمحافظات العراقية الخمسة عشر.


وفي هذا السياق، قال عضو "التيار الصدري" في بغداد، طه الأعرجي، في حديث مع "العربي الجديد"، إن "التحالف الوطني لم ينجح في تحقيق وعوده للعراقيين منذ سنوات طويلة، ومن حق أي كتلة في كتل التحالف الذهاب لأي تشكيل عراقي سياسي آخر". ولفت إلى أن "التيار الصدري يرغب بكسر التخندق الطائفي في كل انتخابات والانفتاح على تحالفات سياسية غطاءها الوطن قبل كل شيء"، على حد قوله.
ووفقاً للأعرجي فإن "التقارب مع التيار المدني موجود منذ مدة طويلة والدليل الفعاليات المشتركة بيننا وبينهم والسيد علاوي الذي نلتقي معه في ملفات عدة مهمة تخص العراق".

من جهته، قال القيادي في التيار المدني العراقي، عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي، جاسم الحلفي، في حديث مع "العربي الجديد"، إنه "لا يستبعد التحالف مع أي طرف باستثناء تلك التي فشلت في إدارة الدولة في المرحلة السابقة وتسببت بانتشار الفساد". وبيّن أن "الوقت لا يزال مبكراً للحديث عن التحالفات". وتابع "العمل الديمقراطي لن يكون سليماً والتحالفات لن تجدي نفعاً ما لم يتم تغيير مفوضية الانتخابات التي يتظاهر ضدها المدنيون ومختلف قطاعات المجتمع العراقي". ولفت إلى "وجود خيارات عدة لدى تياره سيقوم بالإفصاح عنها مستقبلاً". وأوضح أن الأمر الآخر الذي يجب أن تتم مناقشته قبل التحالفات هو قانون الانتخابات، مؤكداً أن القوى الكبيرة تريد أن تأتي بقانون لا يسمح للكتل الأخرى بالوصول إلى السلطة، إذ إن "القانون الجديد هو الذي سيحدد طبيعة تحالفات التيار المدني"، بحسب قوله.

وفي سياق متصل، أكد برلماني عراقي بارز، في حديث مع "العربي الجديد"، "اختمار التحالف" بين "التيار المدني" و"التيار الصدري" بشكل نهائي في حين لا تزال اللقاءات المستمرة مع ائتلاف العراقية. ورأى البرلماني نفسه أنه في حال تحقق التحالف مع علاوي، سيكون التحالف الثلاثي الجديد "جاذباً لكتل سياسية أخرى صغيرة وقد تنضم لهم كتل سياسية كبيرة مثل تحالف القوى العراقية". وأشار إلى أن أياً من تلك الأطراف لن تعلن عن هذا التحالف في الوقت الحالي بل قبل الانتخابات بشهر أو شهرين، حين تبدأ عملية التنافس الانتخابي رسمياً.

واعتبر الخبير بالشأن السياسي العراقي، أحمد السعدي، أن سعي كتل التحالف الحاكم في العراق إلى البحث عن تحالفات خارجية يمثل دليلاً على أزمته الداخلية والتناحر في صفوف قادته ما قد يؤدي بالنهاية إلى تفككه، وفق تعبيره. وأضاف السعدي لـ"العربي الجديد" أن "دخول مقاطعة المرجع الديني الأعلى في البلاد، علي السيستاني، للتحالف عامه الثاني على التوالي وامتناعه عن لقاء قادته أو التدخل في حل المشاكل التي تعصف به بعد رعايته وتأييده لنحو عشر سنوات، يؤكد خيبة أمله بهم وبعدم نجاحهم في إدارة البلاد". ولفت إلى أن الانتخابات المقبلة قد تشهد تفككا حقيقيا للتحالف وولادة تحالفات جديدة قد تغير من المشهد العراقي بشكل تام سيكون فيها حزب الدعوة بزعامة نوري المالكي هو الخاسر الأكبر"، وفق قوله.