تبدأ فصائل العمل الوطني والإسلامي الفلسطينية، اليوم الثلاثاء، جلسات مكثفة في القاهرة لبحث خطوات تمتين اتفاقيات المصالحة الوطنية، والبحث في سبل تطبيق اتفاقية "الوفاق الوطني" الموقعة من قِبلها في 4 مايو/أيار 2011، والتي لم يتم تنفيذ أي من بنودها على أرض الواقع.
ومن المقرر أنّ تمتد جلسات الحوار ليومين، إذ سيغادر المجتمعون، وهم الموقعون على الاتفاقية في 2011، مصر في 23 نوفمبر/تشرين الثاني الحالي. ويشارك في الحوارات قيادات فلسطينية من الضفة الغربية وقطاع غزة ولبنان وسورية وقطر. ووقعت الفصائل اتفاقية "الوفاق الوطني" عقب حوار فلسطيني شامل رعته القاهرة في 2011، واختُلف على تفسير نصوصه ما عطله في حينه، إلى جانب التدخلات الدولية والإسرائيلية التي عطلته، والتغيرات في الإقليم التي لم تدفع أحداً من المتخاصمين في الساحة الفلسطينية لتطبيق الاتفاق. والاتفاقية تشمل كل الملفات الخلافية الفلسطينية، وهي الأوسع من خلافات "حماس" و"فتح"، بدءاً بمنظمة التحرير الفلسطينية وتطويرها وتوسيعها لضم "حماس" و"الجهاد الإسلامي" لها، إضافة إلى تفعيل مواعيد الانتخابات الرئاسية والتشريعية والمجلس الوطني، وعقيدة الأمن، وملف الاعتقالات السياسية، والمصالحات المجتمعية.
وتؤكد مصادر مطلعة، لـ"العربي الجديد"، أنّ قيادة جهاز الاستخبارات المصري ستضع الفصائل في صورة الاتفاق الأخير بين حركتي "حماس" و"فتح"، والذي يجري تطبيقه حالياً على أرض الواقع في قطاع غزة. وسيكون للفصائل موقف من الإجراءات التي تتم. وستبحث اللقاءات أيضاً سبل تفعيل اتفاقية 2011، بما يضمن استمرار العمل الفلسطيني المشترك حتى إنهاء الانقسام وآثاره وتبعاته، وفق ذات المصادر، التي تؤكد أيضاً أنّ المهمة أمام المشاركين في الحوارات ستكون صعبة، خصوصاً أنّ القيادة الفلسطينية غير معنية حالياً بأي تغييرات في منظمة التحرير، والتي تسعى "حماس" بالذات للدخول فيها وتطويرها. وستقدم الفصائل الفلسطينية لمصر، ولحركتي "حماس" و"فتح" ملاحظاتها على مجريات تمكين حكومة الوفاق الوطني من استلام مهامها في غزة، والملاحظات التي أخذت على الطرفين، خصوصاً السلطة الفلسطينية خلال وعقب تسلمها المعابر والحدود. كذلك، ستُقدم ورقة موقف مشتركة من الفصائل، باستثناء "فتح"، تعلن رفضها عودة تشغيل معبر رفح البري بين غزة ومصر وفق اتفاقية المعابر في 2005، والتي وقعها القيادي الأمني السابق، المطرود من حركة "فتح" محمد دحلان، ويجري الحديث عن إعادة تفعيلها حالياً، بما يشمل رقابة أوروبية وإسرائيلية على المعبر وشروطاً تجاوزها الزمن.
ووفق معلومات "العربي الجديد"، فإنّ الاستخبارات المصرية ستقدم جدولاً زمنياً مشابهاً للجدول الزمني الخاص بتمكين حكومة الوفاق الوطني واستعادة الوحدة، لتنفيذ بنود اتفاقية 2011، وهو إنّ تم التوافق عليه سيسهل الطريق أمام جميع الأطراف، وسيضع الاتفاقية موضع تنفيذ حقيقي. لكنّ الرهان على قدرة السلطات المصرية في إقناع الأطراف ذات العلاقة بالجدول الزمني، وتنفيذ البنود، قد يكون أصعب من الجدول الزمني الخاص بتمكين الحكومة واستلام غزة، إذا دخلت أطراف جديدة في الملف الفلسطيني، تضغط على السلطة الفلسطينية والرئيس محمود عباس للذهاب للمفاوضات مع إسرائيل من دون شروط، وقطع المصالحة مع "حماس" إنّ استمرت في علاقاتها مع إيران.
وقال مسؤولون في غزة، لـ"العربي الجديد"، إنّ "حماس" ستطالب السلطات المصرية بموقف من استمرار العقوبات المالية التي يتعرض لها القطاع من قبل السلطة الفلسطينية. كما ستقدم الحركة ملاحظات للمصريين والفصائل على ما جرى خلال تسليم المعابر وبعض الوزارات في القطاع. لكن الأهم من ذلك، أنّ المتغيرات المتسارعة في المنطقة العربية قد تلقي بظلالها على الملف الفلسطيني، خصوصاً في ظل حالة الهرولة غير المسبوقة تجاه التطبيع مع إسرائيل، وفي ظل الضغوط الواضحة التي يتعرض لها عباس والقيادة الفلسطينية للدخول في محور السعودية، والتي تسارع خطواتها للتطبيع وإتمام صفقة تسوية غير واضحة المعالم. وأمام ذلك، فإنّ الوضع الفلسطيني قد يراوح مكانه، بلا مصالحة كاملة، ولا خلاف مستمر. وإنّ نجحت مصر في التصدي لمحاولات السعودية الدخول على خط المصالحة، فإنّ الوفاق الفلسطيني قد يعبر المرحلة الثانية، في انتظار مراحل طويلة، طولها بعمر الانقسام الذي استمر 11 عاماً.