برامج مختلفة لقمة سوتشي السورية... وجبهات القتال تشتعل

18 نوفمبر 2017
ارتفاع حصيلة ضحايا قصف النظام على الغوطة الشرقية(عامر الموهباني/الأناضول)
+ الخط -


تتكثّف التحركات الدولية لرسم ملامح التسوية في سورية لمرحلة ما بعد تنظيم "داعش"، في ظل محاولات الثلاثي الراعي لاجتماعات أستانة، روسيا وإيران وتركيا، الاتفاقَ على خطوط عريضة بشأن مقوّمات هذه التسوية، مع شبه غيابٍ أميركي عن المسرح السياسي، فضلاً عن غياب الأطراف العربية التي كانت فاعلة في المشهد السوري. يأتي ذلك، بينما تشهد مختلف جبهات القتال تسخيناً متصاعداً في محاولة من الأطراف المتصارعة لتوسيع سيطرتها وتعزيز مواقفها قبل الحسم السياسي.

وفي سياق التحركات السياسية، ستشهد مدينة سوتشي الروسية يوم الأربعاء المقبل، قمة ثلاثية تجمع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بنظيريه التركي رجب طيب أردوغان والإيراني حسن روحاني. وسعى كلُّ طرف إلى تركيز الأضواء على النقاط التي تهمه في هذه القمة، إذ أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن الوضع في إدلب سيكون على رأس أولويات القمة، مشدداً على ضرورة التخلص مما سمّاه وجود المنظمات الإرهابية في مدينة عفرين السورية المحاذية للحدود التركية. وقال أردوغان في خطاب ألقاه أمام رؤساء الأقاليم في أنقرة، إن الولايات المتحدة لم تفِ بوعودها في سورية، وإن بلاده "لن تسقط في الفخ ذاته بعفرين"، في إشارة منه إلى إخلال واشنطن بوعودها بسحب المقاتلين الأكراد من مدينة منبج في ريف حلب. واعتبر أردوغان أن واشنطن أصبحت عائقاً أمام الحرب على الإرهاب بسبب دعمها بعض التنظيمات الإرهابية. وأضاف أن من قام بإنشاء "داعش" هو من قام بإنشاء وحدات الحماية الكردية، مؤكداً وجود تعاون بين الوحدات و"داعش".

وكان وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، أعلن أنه سيجتمع مع نظيريه الروسي سيرغي لافروف، والإيراني محمد جواد ظريف، يوم غد الأحد في مدينة أنطاليا التركية، لبحث تطورات الأزمة السورية. وأضاف جاويش أوغلو في مؤتمر صحافي عقده، مساء الخميس، مع نظيره اللبناني جبران باسيل، في أنقرة، أن القمة الثلاثية في سوتشي ستبحث الأعمال التي تم إنجازها في إطار مباحثات أستانة، والخطوات التي يتوجب اتخاذها في المرحلة المقبلة.

من جهته، أعلن النائب الأول لرئيس لجنة الشؤون الدولية في مجلس الاتحاد الروسي، فلاديمير جباروف، أن القمة ستتناول، بالخصوص، تصرفات الولايات المتحدة في سورية، من أجل طرح موقفٍ موحدٍ إزاء هذه المسألة. غير أن المتحدث باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف، قال إن قمة سوتشي ستتناول الأجندة السورية بكامل طيفها، خصوصاً عملية الانتقال السياسي. وذكر بيان صدر عن الكرملين أن الاجتماع سيبحث الخطوات الواجب اتخاذها من أجل تطبيع الأوضاع بعيدة المدى في سورية، "على خلفية النجاحات الأخيرة في مكافحة الإرهاب والخفض الملحوظ لحدة العنف في البلاد".


ويلاحظ مراقبون أن الدول الثلاث، روسيا وتركيا وإيران، وهي الدول الضامنة في مفاوضات أستانة والتي كانت توصلت في وقت سابق من العام الحالي إلى الاتفاق المبدئي بشأن إقامة مناطق "خفض التصعيد" في سورية، باتت في وضع "تحالف الضرورة" في ظل السلبية التي تهيمن على الموقف الأميركي. وفيما أشار أردوغان في تصريحاته أمس إلى تحقيق "تقدّم حقيقي في الموقف المشترك مع إيران وروسيا فيما يخص الوضع في سورية"، يبدو هذا التقدّم معرضاً للخطر في ظل الأهداف المتباينة لأطراف هذا "التحالف"، خصوصاً الطرف الإيراني، الذي يبدو متصادماً أو مرشحاً للتصادم مع مواقف الأطراف الأخرى بما فيها تركيا وروسيا، بينما تتعزز التفاهمات بين بوتين وأردوغان، اللذين التقيا قبل أيام في سوتشي.

في الأوضاع الميدانية، صعّد النظام السوري من قصفه الجوي والمدفعي لمناطق الغوطة الشرقية في ريف دمشق على خلفية الهجوم الذي تشنّه فصائل المعارضة باتجاه "إدارة المركبات العسكرية" في مدينة حرستا، حيث ما زالت تدور اشتباكات بين الطرفين داخل "إدارة المركبات". وقالت مصادر محلية إن قوات النظام استهدفت الأحياء السكنية في مدن دوما وحرستا ومديرا في الغوطة الشرقية، بالمدفعية وصواريخ تحمل قنابل عنقودية، ما أدى لوقوع قتلى وجرحى، فيما استهدفت غارات جوية حي جوبر الدمشقي. وقالت مصادر محلية لـ"العربي الجديد" إن حصيلة قتلى اليوم الثالث من الغارات على الغوطة ارتفعت إلى 19 شخصاً، بينما أصيب العشرات بجروح مختلفة. ودفع هذا القصف مديرية الأوقاف وشؤون المساجد في الغوطة إلى إلغاء صلاة الجمعة منعاً للتجمعات وحفاظاً على أرواح المصلين.

وفي شرق البلاد، سيطرت قوات النظام مدعومة بمليشيات أجنبية على قرية الحمدان ومطار الحمدان العسكري في محيط مدينة البوكمال بريف دير الزور الشرقي بعد اشتباكات مع تنظيم "داعش"، بينما واصلت الطائرات الروسية وأخرى تابعة للنظام السوري قصفها الأحياء السكنية في مدينة البوكمال بالريف الشرقي لدير الزور، حيث تسعى قوات النظام لبسط سيطرتها على مدينة البوكمال الحدودية مع العراق، بالتعاون مع المليشيات التي تدعمها إيران على طرفي الحدود السورية العراقية.

وظهر قائد "فيلق القدس"، التابع للحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني، برفقة مليشيا "النجباء" العراقية، خلال المعارك الدائرة للسيطرة على مدينة البوكمال. ونشر موقع لتلك المليشيا الصور، مشيراً إلى أن سليماني تفقد مقاتلي الحركة قرب المدينة.
من جهتها، سيطرت "قوات سورية الديمقراطية" على قريتي ذيبان والحوايج في ريف دير الزور الشرقي، فيما شنّت مقاتلات التحالف الدولي غارات جوية على منطقة الشعيطات في ريف دير الزور الشرقي.

وفي وسط البلاد، قالت فصائل المعارضة إنها تمكّنت من استعادة السيطرة على قرية سرحا الشمالية في ريف حماة الشرقي، وتكبيد قوات النظام خسائر كبيرة في الأرواح والعتاد. وفي المقابل، سيطرت قوات النظام والمليشيات المساندة لها على قرى عرفة وربدة بمنطقة الحمرا والكيكية والحزم وقصر علي وقصر شاوي في ريف حماة الشرقي بعد اشتباكات مع فصائل المعارضة. وأدت الاشتباكات إلى حركة نزوح كبيرة من قبل المدنيين باتجاه الشمال، حيث ارتفع عدد النازحين خلال الأيام الثلاثة الأخيرة من قرى ريف حماة الشرقي إلى أكثر من عشرة آلاف نسمة.

المساهمون