ما بين تحميل مسؤولية الإخفاق للثوار في 25 يناير/كانون الثاني 2011 تارة، وللرئيس المصري المعزول محمد مرسي، وجماعة "الإخوان المسلمين" التي حكمت مصر على مدار عام، تارة أخرى، قام مقدّمو أبرز برامج الحوارات المصرية بتوزيع الاتهامات بالمسؤولية عن الفشل في مواجهة بناء سد النهضة الإثيوبي الذي يهدد الحصة التاريخية المصرية من المياه. ولم يتطرق أيّ من هؤلاء، المعروفين بالأذرع الإعلامية التابعة لمؤسسة الرئاسة، لأي مسؤولية للنظام الحالي ورئيسه عبد الفتاح السيسي، الذي تسبّبت سياسته في تهديد حقيقي لأمن مصر المائي ومغامرته به لحساب مصالح سياسية لها علاقة بالاعتراف بانقلابه على الحكم.
البداية كانت عند الإعلامي أحمد موسى، عبر برنامجه المذاع على فضائية "صدى البلد"، والذي طالب بمحاكمة نشطاء ثورة 25 يناير، محمّلاً إياهم المسؤولية عن الفشل، خصوصاً بعد اعتراف وزير الري الحالي محمد عبد العاطي بالفشل، الذي جاء في أعقاب جولة المفاوضات الـ17 للجنة الفنية لدراسات السد على مستوى الوزراء لدول مصر والسودان وإثيوبيا والتي استضافتها القاهرة على مدار يومي 11 و12 نوفمبر/تشرين الثاني الحالي، وتأكيده تعنّت ممثلي أديس أبابا بشأن المطالب المصرية. وقال موسى "لولا الثورة وحالة الفوضى التي عمّت البلد، ما كانت إثيوبيا لتجرؤ على بناء السد بعد أن كان مبارك (في إشارة للرئيس المخلوع حسني مبارك) مانعهم من بنائه".
وعلى المنوال نفسه، سار الإعلامي عمرو أديب عبر برنامجه المذاع على فضائية "أون إي"، والذي حمّل مسؤولية فشل التحركات المصرية لمواجهة السد، إلى مرسي، والاجتماع الذي عقده في مطلع 2013 مع رؤساء عدد من الأحزاب المصرية بشأن التوصل لتصوراتهم لحل الأزمة، والذي أذيع بشكل خاطئ على الهواء مباشرة وقتها وحمل تهديدات لإثيوبيا.
كما وجدت الأذرع الإعلامية في زيارة رئيس الوزراء الإثيوبي ميريام ديسالين لدولة قطر مادة خصبة لإبعاد تهمة الفشل عن النظام المصري، بعد تلميحات إلى دور قطري في تعنّت الموقف الإثيوبي تجاه مصر، للدرجة التي دفعت صحيفة "الدستور"، التي باتت تابعة لمؤسسة الرئاسة، إلى نشر خبر على لسان مصادر وصفتها بالمطلعة بأن الدوحة اتفقت مع أديس أبابا على استثمارات بقيمة 86 مليار دولار في بناء سد النهضة، في حين أن التكلفة الكاملة للسد بحسب الجهات الرسمية الإثيوبية المسؤولة لا تتجاوز 6 مليارات دولار.
الأذرع الإعلامية كما هو متعارف عليه في مصر، والتي تدار من قِبل اللواء عباس كامل مدير مكتب رئيس الجمهورية، بحسب مراقبين كانت تهدف بتوزيع الاتهامات إلى إبعاد أصابع الاتهام عن الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي. وترى مصادر سياسية وفنية ذات علاقة وثيقة بملف السد أن السيسي هو المسؤول الأول عن الأزمة الكبرى التي تواجهها مصر حالياً بسبب الموقف الإثيوبي بشأن السد، بعدما وقّع على اتفاق المبادئ الذي حمل اعترافاً مصرياً رسمياً بالسد، ما ساعد أديس أبابا على جلب تمويل دولي من عدد من الجهات المانحة لاستكمال بناء السد، بعد أن كان هناك رفض لتلك الخطوة، إذ ترفض تلك المؤسسات تمويل أنشطة عليها تنازع.
اقــرأ أيضاً
وتم توقيع الاتفاق المكوّن من عشرة بنود في الخرطوم من قِبل الرئيس المصري، ونظيره السوداني عمر البشير، ورئيس الوزراء الإثيوبي ميريام ديسالين، في 23 مارس/آذار 2015، وينص البند العاشر من الاتفاق والذي جاء تحت عنوان "مبدأ التسوية السلمية للمنازعات" على: "تقوم الدول الثلاث بتسوية منازعاتها الناشئة عن تفسير أو تطبيق هذا الاتفاق بالتوافق من خلال المشاورات أو التفاوض وفقاً لمبدأ حسن النوايا. إذا لم تنجح الأطراف في حل الخلاف من خلال المشاورات أو المفاوضات، فيمكن لهم مجتمعين طلب التوفيق، الوساطة أو إحالة الأمر لعناية رؤساء الدول/رئيس الحكومة". فيما ينص البند السادس والذي جاء تحت عنوان "مبدأ بناء الثقة على أنه "سيتم إعطاء دول المصبّ (مصر والسودان) الأولوية في شراء الطاقة المولدة من سد النهضة".
وقالت مصادر رسمية مصرية إن "اتفاق المبادئ الذي وقّعه السيسي، على الرغم من التحذيرات التي تلقّاها بشأن تلك الخطوة، كان هو نقطة التحوّل الرئيسية في مسار أزمة السد، بعد منْحِ أديس أبابا الحق في استكمال بنائه، ونزع أهم ورقة ضغط كانت في يد مصر". وكشفت المصادر أن "الوزيرة السابقة فايزة أبو النجا، مساعدة الرئيس لشؤون الأمن القومي، كانت لديها اعتراضات شديدة على خطوة التوقيع على اتفاق المبادئ، وأبلغت الرئيس بذلك، إلا أنه رفض الأخذ بتلك التحذيرات، ومن يومها تم تهميش دور أبو النجا لتكتفي بالتواجد الشرفي فقط".
وأشارت المصادر وثيقة الصلة بملف السد، إلى أنه "اتضح بعد ذلك أن خطوة التوقيع على الاتفاق كانت ضمن حزمة تعهّدات مصرية لإثيوبيا سابقة للتوقيع، بعد عودة مصر إلى الاتحاد الأفريقي بعدما ظلت عضوية القاهرة معلقة في أعقاب 30 يونيو/حزيران 2013 بسبب رفض الاتحاد للإجراءات التي تمّت في أعقاب الثالث من يوليو والإطاحة بمرسي". وأوضحت المصادر أن "التوقيع على الاتفاق الذي كان لصالح إثيوبيا التي تستضيف مقر الاتحاد الأفريقي وتملك نفوذاً كبيراً به، كان مقابل إلغاء تجميد عضوية مصر".
من جهة أخرى، تقدّم النائب هيثم الحريري بطلب إحاطة لكل من رئيس الوزراء شريف إسماعيل، ووزير الموارد المائية محمد عبد المعطي، بشأن استكمال إثيوبيا للسد من دون أي اعتبار للملاحظات المصرية، وكذلك الاتفاقيات الدولية المنظمة لقواعد استخدام الأنهر العابرة للحدود.
اقــرأ أيضاً
البداية كانت عند الإعلامي أحمد موسى، عبر برنامجه المذاع على فضائية "صدى البلد"، والذي طالب بمحاكمة نشطاء ثورة 25 يناير، محمّلاً إياهم المسؤولية عن الفشل، خصوصاً بعد اعتراف وزير الري الحالي محمد عبد العاطي بالفشل، الذي جاء في أعقاب جولة المفاوضات الـ17 للجنة الفنية لدراسات السد على مستوى الوزراء لدول مصر والسودان وإثيوبيا والتي استضافتها القاهرة على مدار يومي 11 و12 نوفمبر/تشرين الثاني الحالي، وتأكيده تعنّت ممثلي أديس أبابا بشأن المطالب المصرية. وقال موسى "لولا الثورة وحالة الفوضى التي عمّت البلد، ما كانت إثيوبيا لتجرؤ على بناء السد بعد أن كان مبارك (في إشارة للرئيس المخلوع حسني مبارك) مانعهم من بنائه".
كما وجدت الأذرع الإعلامية في زيارة رئيس الوزراء الإثيوبي ميريام ديسالين لدولة قطر مادة خصبة لإبعاد تهمة الفشل عن النظام المصري، بعد تلميحات إلى دور قطري في تعنّت الموقف الإثيوبي تجاه مصر، للدرجة التي دفعت صحيفة "الدستور"، التي باتت تابعة لمؤسسة الرئاسة، إلى نشر خبر على لسان مصادر وصفتها بالمطلعة بأن الدوحة اتفقت مع أديس أبابا على استثمارات بقيمة 86 مليار دولار في بناء سد النهضة، في حين أن التكلفة الكاملة للسد بحسب الجهات الرسمية الإثيوبية المسؤولة لا تتجاوز 6 مليارات دولار.
الأذرع الإعلامية كما هو متعارف عليه في مصر، والتي تدار من قِبل اللواء عباس كامل مدير مكتب رئيس الجمهورية، بحسب مراقبين كانت تهدف بتوزيع الاتهامات إلى إبعاد أصابع الاتهام عن الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي. وترى مصادر سياسية وفنية ذات علاقة وثيقة بملف السد أن السيسي هو المسؤول الأول عن الأزمة الكبرى التي تواجهها مصر حالياً بسبب الموقف الإثيوبي بشأن السد، بعدما وقّع على اتفاق المبادئ الذي حمل اعترافاً مصرياً رسمياً بالسد، ما ساعد أديس أبابا على جلب تمويل دولي من عدد من الجهات المانحة لاستكمال بناء السد، بعد أن كان هناك رفض لتلك الخطوة، إذ ترفض تلك المؤسسات تمويل أنشطة عليها تنازع.
وتم توقيع الاتفاق المكوّن من عشرة بنود في الخرطوم من قِبل الرئيس المصري، ونظيره السوداني عمر البشير، ورئيس الوزراء الإثيوبي ميريام ديسالين، في 23 مارس/آذار 2015، وينص البند العاشر من الاتفاق والذي جاء تحت عنوان "مبدأ التسوية السلمية للمنازعات" على: "تقوم الدول الثلاث بتسوية منازعاتها الناشئة عن تفسير أو تطبيق هذا الاتفاق بالتوافق من خلال المشاورات أو التفاوض وفقاً لمبدأ حسن النوايا. إذا لم تنجح الأطراف في حل الخلاف من خلال المشاورات أو المفاوضات، فيمكن لهم مجتمعين طلب التوفيق، الوساطة أو إحالة الأمر لعناية رؤساء الدول/رئيس الحكومة". فيما ينص البند السادس والذي جاء تحت عنوان "مبدأ بناء الثقة على أنه "سيتم إعطاء دول المصبّ (مصر والسودان) الأولوية في شراء الطاقة المولدة من سد النهضة".
وقالت مصادر رسمية مصرية إن "اتفاق المبادئ الذي وقّعه السيسي، على الرغم من التحذيرات التي تلقّاها بشأن تلك الخطوة، كان هو نقطة التحوّل الرئيسية في مسار أزمة السد، بعد منْحِ أديس أبابا الحق في استكمال بنائه، ونزع أهم ورقة ضغط كانت في يد مصر". وكشفت المصادر أن "الوزيرة السابقة فايزة أبو النجا، مساعدة الرئيس لشؤون الأمن القومي، كانت لديها اعتراضات شديدة على خطوة التوقيع على اتفاق المبادئ، وأبلغت الرئيس بذلك، إلا أنه رفض الأخذ بتلك التحذيرات، ومن يومها تم تهميش دور أبو النجا لتكتفي بالتواجد الشرفي فقط".
من جهة أخرى، تقدّم النائب هيثم الحريري بطلب إحاطة لكل من رئيس الوزراء شريف إسماعيل، ووزير الموارد المائية محمد عبد المعطي، بشأن استكمال إثيوبيا للسد من دون أي اعتبار للملاحظات المصرية، وكذلك الاتفاقيات الدولية المنظمة لقواعد استخدام الأنهر العابرة للحدود.