رهان سعودي ضد إيران في زيارة سلمان إلى روسيا

09 أكتوبر 2017
قد تؤسس زيارة سلمان لولادة محور سعودي روسي(ميخائيل سفيتلوف/Getty)
+ الخط -
على الرغم من التزام تل أبيب الصمت إزاء زيارة العاهل السعودي، الملك سلمان بن عبد العزيز، إلى موسكو، إلا أن نتائج هذه الزيارة يمكن أن تؤثر إيجاباً على خارطة المصالح الاستراتيجية والإقليمية لإسرائيل. فتشديد سلمان، أثناء الزيارة، على أن حل الأزمة السورية يتطلب "توقف إيران عن سياستها التوسعية" يلتقي مع موقف إسرائيل، التي تشن، منذ شهرين ومن دون انقطاع، حملة دبلوماسية دولية للتحذير من مخاطر السماح بتعاظم النفوذ الإيراني في سورية، خصوصاً في ظل المؤشرات على اتجاه نظام بشار الأسد لحسم المواجهة في سورية.

ونظراً لأن روسيا، بحكم تواجدها العسكري الكبير على الأرض ودورها الحاسم في إنقاذ نظام الأسد من السقوط، تعد الجهة الوحيدة القادرة على التأثير في مصير التواجد الإيراني في سورية، فإن النجاح في التأثير على موقف موسكو من هذه القضية يكتسب أهمية كبيرة. من هنا، فإنه سيكون من مصلحة إسرائيل أن تُفضي رهانات موسكو على عوائد التقارب مع الرياض إلى أن تأخذ روسيا بعين الاعتبار الموقف السعودي من مظاهر "التوسع" الإيراني، خصوصاً في سورية. ويستدل مما نشرته صحيفة "أرغومينتي إي فاكتي" الروسية، ولقي اهتماماً من قبل الإعلام الإسرائيلي، أن السعودية في محاولتها إغراء روسيا بالابتعاد عن إيران، لم تتردد في التوقيع على صفقات سلاح مع موسكو خلال زيارة الملك، مع إدراكها أنها ليست بحاجة لهذا السلاح، على اعتبار أن لديها فائضا من السلاح الأميركي والفرنسي والبريطاني. ويتضح أن الرياض، من خلال التوسع في التوقيع على صفقات السلاح مع موسكو، والتوصل إلى تفاهمات معها بشأن الشراكة في مجال الطاقة، والاستعداد لضخ أموال كبيرة في استثمارات داخل روسيا، تحاول تقليص قيمة الاعتبارات الاقتصادية التي تحكم العلاقات بين موسكو وطهران، بشكل يدفع الروس إلى الابتعاد عن الإيرانيين.

ومما يعزز من أهمية الرهان الإسرائيلي على الدور السعودي في إحداث تغيير على الموقف الروسي من التواجد الإيراني في سورية، حقيقة أن وسائل الإعلام في تل أبيب قد أجمعت على أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، فشل فشلاً ذريعاً في إقناع الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، أثناء اجتماعهما الأخير في منتجع سوتشي، بعدم السماح بحصول إيران على موطئ قدم في سورية بعد حسم الصراع الدائر هناك. ومما فاقم الأمور تعقيداً بالنسبة إلى تل أبيب حقيقة أن إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، لم تبدِ حماساً للتدخل ضد النفوذ الإيراني في سورية، إذ إن الوفد الإسرائيلي، برئاسة رئيس الموساد يوسي كوهين، الذي توجه قبل شهر ونصف الشهر إلى واشنطن، لم ينجح في الحصول على التزام أميركي بالعمل على تضمين أي اتفاق مستقبلي بشأن سورية بندا يتعلق بوضع حد للوجود الإيراني هناك. ومما يزيد من الرهان الإسرائيلي على الدور السعودي في دفع روسيا إلى إعادة تقييم موقفها من التواجد الإيراني في سورية، حقيقة أن تل أبيب تنطلق من افتراض مفاده أنه على الرغم من التقاء المصالح بين روسيا وإيران في الحفاظ على نظام الأسد، إلا أن هناك اختلافات كبيرة بين الجانبين في كل ما يتعلق بشكل الحل النهائي للصراع هناك. إلى جانب ذلك، فإن هناك في تل أبيب من يراهن على أن يسهم التقارب السعودي الروسي في تحسين البيئة الإقليمية لإسرائيل، لأنه يحمل في طياته أيضاً إمكانية إضعاف محور روسيا إيران تركيا.

ويرى المعلق الإسرائيلي سيث فرانتسمان، أن التقارب بين موسكو والرياض قد يمنح روسيا هامش مناورة أكبر في تصميم مستقبل علاقتها بكل من طهران وأنقرة. وفي تحليل نشرته صحيفة "جيروزاليم بوست"، أول من أمس، لا يستبعد فرانتسمان أن تؤسس زيارة الملك سلمان لولادة محور سعودي روسي يوازن المحور التركي الإيراني، الذي تجسد بفاعلية كبيرة في أعقاب تفجّر الأزمة الخليجية، وإجراء إقليم كردستان العراق الاستفتاء على الانفصال عن بغداد. ونظراً لالتقاء المصالح بين كل من السعودية وإسرائيل في التصدي للمشروع النووي الإيراني، فإن تل أبيب ستنظر بارتياح كبير في حال أفضى التقارب بين الرياض وموسكو إلى إقناع بوتين بتقليص اعتراضه على الإجراءات العقابية ضد إيران، المتوقع أن تقدم عليها الإدارة الأميركية بعدما يعلن ترامب عن موقفه النهائي من الاتفاق النووي مع طهران.

المساهمون