قالت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية، إنّ تعليق وزارة الدفاع (البنتاغون) بعض التدريبات العسكرية مع حلفاء الخليج، هو "توبيخ" لدول حصار قطر المتورطة في الأزمة الخليجية، والمستمرة منذ أربعة أشهر، والتي أدت إلى تآكل التعاون في مكافحة الإرهاب في المنطقة.
واعتبرت الصحيفة، في تقرير، اليوم السبت، أنّ خطوة البنتاغون بوقف التدريبات العسكرية في المنطقة، تمثّل تحوّلاً بموقف الولايات المتحدة، التي أبدت في البداية تأييدها لدول الحصار، في محاولة للضغط على قطر.
ونقلت "أسوشييتد برس"، عن المتحدّث باسم القيادة المركزية الأميركية جون توماس، قوله، أمس الجمعة: "لقد قررنا الخروج من بعض المناورات العسكرية، احتراماً لمفهوم الشمولية والمصالح الإقليمية المشتركة". وأضاف في بيان: "سنواصل تشجيع جميع الشركاء على العمل معاً من أجل التوصّل إلى حلول مشتركة تمكّن الأمن والاستقرار في المنطقة".
وبدأت الأزمة الخليجية، إثر إعلان السعودية والإمارات والبحرين ومصر، في 5 حزيران/ يونيو الماضي، عن قطع علاقاتها الدبلوماسية مع قطر، وفرضت عليها حصاراً برياً وجوياً، إثر حملة افتراءات، قبل أن تقدم، ليل 22 ــ 23 من الشهر نفسه، عبر الوسيط الكويتي، إلى قطر قائمة مطالب تضمّنت 13 بنداً تمسّ جوهر سيادة واستقلاليّة الدوحة.
وأشارت "وول ستريت جورنال"، إلى أنّ كبار المسؤولين الأميركيين، حاولوا إقناع الحلفاء العرب بإنهاء الحصار المفروض على قطر، لافتة إلى أنّ إغلاق الحدود البرية للبلاد الغنية بالطاقة، وطرقها الجوية والبحرية، أثر على اقتصادها.
ولفتت الصحيفة، إلى أنّ الدول الأربع المتورطة في قلب النزاع، تستضيف مع ذلك بعض أكبر القواعد العسكرية الأميركية خارج الولايات المتحدة، "حيث تعتمد البنتاغون على التعاون بين حلفائها الخليجيين، في جهودها لمكافحة الإرهاب، والتحقق من تأثير إيران في المنطقة".
ووصفت الصحيفة، تعليق واشنطن، التدريبات العسكرية، بأنّه "ضربة" لدول الخليج، والتي بمعظمها ملكيات عائلية سعت لشراكات وثيقة مع الولايات المتحدة، كوسيلة لتعزيز الأمن رغم ضعف جيوشها.
ورأت الصحيفة، أنّ "توبيخ" البنتاغون، "يلسع"، على وجه الخصوص، ولي العهد السعودي، ووزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان، والذي يعتبر أحد مهندسي الحصار القطري، وفق ما تنقل عن أندرياس كريغ الأستاذ المساعد في كلية "كينغز" في لندن للدراسات الدفاعية، والمستشار السابق للجيش القطري.
ولفت كريغ، إلى أنّ "التدريبات العسكرية المشتركة، ضرورية لإعادة بناء قدرات الجيش"، مشيراً إلى أنّ "جميع دول الخليج تنشد أن تبدو للولايات المتحدة، كشركاء فاعلين في تحقيق مصالح استراتيجية مشتركة، لذلك فإنّ هذا القرار يعد حقيقة صفعة في وجهها".
وذكّرت الصحيفة، بأنّ قطر هي المقر الرئيسي، للجهود العسكرية الأميركية لهزيمة تنظيم "داعش" الإرهابي، حيث يتم التنسق من خلالها، بين عشرات الحلفاء الذين يساهمون في حملة مكافحة الإرهاب، بما في ذلك السعودية والولايات المتحدة.
وأشارت الصحيفة، إلى أنّ كل الغارات الجوية تقريباً، التي يشنّها التحالف الدولي على التنظيم الإرهابي، يؤمر بها من قاعدة العُديد العسكرية في قطر، إحدى أكبر قواعد القوات الجوية الأميركية في العالم.
ولفتت الصحيفة، إلى أنّ وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس، وخلال جولة له على الهند وأفغانستان، الأسبوع الماضي، قد توقّف لمدة ساعتين في قاعدة العُديد، للقاء نظيره القطري خالد بن محمد العطية.
وأشارت إلى أنّه، خلال الزيارة، قام أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، بزيارة مفاجئة للقاعدة للانضمام إلى وزير دفاعه، وماتيس. وعلى الرغم من أنّ مسؤولي الدفاع لم يكشفوا عما تمت مناقشته في الاجتماع، إلا أنّ مسؤولين آخرين كشفوا أنّه كان جزءاً من الجهود الرامية للمساعدة في إنهاء بعض الانقسامات في المنطقة، بحسب الصحيفة.
وقالت الصحيفة، إنّ الرئيس الأميركي دونالد ترامب أعرب علناً، في بداية الأزمة، عن تأييده للحصار، منحرفاً بذلك عن مواقف أكثر حذراً من حكومته، بما في ذلك موقف وزير الخارجية ريكس تيلرسون، ووزير الدفاع جيمس ماتيس، الذي حذّر من أنّ الاضطرابات ستؤثر على الجهود الأميركية لمكافحة الإرهاب في المنطقة.
وفضلاً عن التدريبات العسكرية، والتعاون في مكافحة الإرهاب، بحسب الصحيفة، صاغت الولايات المتحدة أيضاً علاقات وثيقة مع حلفائها في الشرق الأوسط، من خلال بيعهم معدات عسكرية متطورة، مشيرة إلى أنّ البنتاغون، تجنّب، في إعلانه عن وقف التدريبات المشتركة، أي ذكر للمبيعات العسكرية في المستقبل.
بيد أنّ المحللين يقولون، وفق "وول ستريت جورنال"، إنّ تجميد مبيعات الأسلحة، يعد واحداً من أكثر الوسائل فعالية، والتي يمكن للولايات المتحدة أن تستخدمها في محاولة حل الأزمة الدبلوماسية في الخليج.
"خلاصة القول" يقول كريغ، للصحيفة، إنّ "الضغط من الولايات المتحدة يتصاعد، ولكن يمكن أن تتم إعاقته من قبل الإمارات"، مضيفاً أنّ "الضغط الأميركي يمكن أن يدفع كلاً من قطر والسعودية إلى إعادة بدء التقارب ولو على مستوى منخفض".