تحولات الجيش الحر

21 أكتوبر 2017
تم توقيف الدعم مبكراً عن الجيش الحر (محمود فيصل/الأناضول)
+ الخط -
منذ تحول الثورة السورية نحو العمل العسكري المسلح، ظهر مفهوم الجيش الحر كنواة لمؤسسة عسكرية بديلة لجيش النظام. وكان التصور لهذه المؤسسة أن تقوم على العناصر والضباط المنشقين عن جيش النظام، بالإضافة إلى الثوار المدنيين الذين اختاروا حمل السلاح للدفاع عن المدنيين في مدنهم وقراهم. وعقدت الآمال على هذا الجسم العسكري ليكون الممثل العسكري للثورة السورية، وليشكل نقطة استقطاب لمن يفكر بالانشقاق عن جيش النظام ليلتحق بهذه المؤسسة، التي فيما لو نجحت لما كان يخطط لها من قبل الضباط الأحرار لأفرغت معظم المؤسسة العسكرية للنظام من عناصرها البشرية، وكونت جيشاً وطنياً يتبنى أهداف الثورة السورية، ويعمل بشكل متناغم مع الجهة التمثيلية في الثورة.

إلا أن هناك العديد من الأسباب التي أدت إلى تحول منظومة الجيش الحر من مؤسسة عسكرية فعلية إلى مفهوم نظري لا وجود فعلي له على الأرض، أهمها عدم توافر الإرادة الدولية لقيام مثل هذا الجيش، وتوقيف الدعم خلال فترة مبكرة جداً عن كل الفصائل التي تعمل ضمن هذا المفهوم، وتحويل الدعم بشكل مباشر إلى بعض الفصائل، وتحويل قادتها إلى أمراء حرب يأتمرون بأوامر خارجيات الدول التي تدعمهم، بالإضافة إلى مساهمة النظام بتشكيل فصائل إسلامية سلفية، من خلال إطلاق سراح السجناء السلفيين في سجن صيدنايا، كي يكون له مبرر لاستمراره، وليتحول من نظام يقمع ثورة إلى نظام يحارب الإرهاب، وتحويل معظم الدعم الدولي إلى تلك التنظيمات السلفية، سواء بطرق مباشرة أو عن طريق تلميع صورتها لدى التجمعات والتنسيقيات التي تقدم دعماً للثورة السورية من الخارج، كفصائل داعمة للثورة وتتمتع بمنظومة أخلاقية وموثوقية عالية. هذا الأمر وضع الفصائل، التي حملت فكرة الجيش الحر أمام ثلاثة خيارات، إما أن تحل نفسها أو أن تبايع الفصائل السلفية من أجل محاربة النظام، وإما تأمين تمويل لها بطرق حرفتها عن مسارها، كشرعنة سرقة المنشآت الحكومية والمنشآت التجارية، أو القبول بأن تكون وسائل لدى بعض الدول المتدخلة بالشأن السوري.

إن تهميش الضباط المنشقين، وتحويل الجيش الحر إلى مجرد مفهوم بلا فاعلية، كان السبب الرئيسي لعدم فعالية المعارضة ككل، وتحويل الصراع في سورية من صراع شعب ضد استبداد إلى حرب على الإرهاب، تمت إعادة هيكلة المستبد ليكون شريكاً فيها.
المساهمون