44 قتيلاً في بغداد... و"داعش" يصدّ "الحشد" بتلعفر

03 يناير 2017
قوات عراقية تتقدم شرق الموصل (أحمد الربيعي/فرانس برس)
+ الخط -


على وقع تقدّم المسار الميداني في الموصل، شمال العراق، لصالح القوات العراقية مدعومة من التحالف الدولي، وصل الرئيس الفرنسي، فرانسوا هولاند، أمس الإثنين، إلى العاصمة العراقية بغداد، التي عاشت بدورها يوماً دموياً قتل فيه أكثر من 44 شخصاً في 6 تفجيرات. وقد استهدف الاعتداء الأعنف ساحة مكتظة بالعمال خلال وقت الذروة في مدينة الصدر، شرقي بغداد عندما فجر انتحاري نفسه وسط تجمع لعمال مياومين. وسارع "داعش" إلى تبنّي الاعتداء. وبعد وقت قصير، تم تفجير سيارة مفخخة ثانية، خلف مستشفى الكندي قرب شارع فلسطين، شرقي بغداد، وسيارة مفخخة ثالثة خلف مستشفى الجوادر في مدينة الصدر شرقي العاصمة أيضاً. وجرى تفجير السيارتين عن بعد.

والتقى هولاند نظيره العراقي، فؤاد معصوم الذي شدّد في مؤتمر صحافي مشترك على "ضرورة استمرار الدعم للعراق، وبعد الانتهاء من وجود (تنظيم الدولة الإسلامية) داعش، سيكون لفرنسا الصديقة وبقية الدول الأخرى دور هام في إعادة إعمار العراق". أما هولاند فاعتبر أن "البلدين يواجهان عدواً مشتركاً، وهو الإرهاب وداعش. هذا العدو نريد مطاردته في أماكن وجوده في العراق وفي سورية. لكننا نحتاج أيضاً لفهم الصلات الموجودة بين هذه الجماعات الإرهابية وعدد الأفراد الذين تستخدمهم ومن ينظم الهجمات في مختلف البلدان". ونوّه إلى أن "عودة المقاتلين الأجانب قضية مهمة. ويجب أن نتأكد من منع هؤلاء الأفراد من ارتكاب المزيد من الضرر واحتجازهم إذا عادوا. ثم ينبغي أن نكون قادرين على الالتزام بالقضاء على التشدد خاصة بالنسبة للأطفال".

كما أكد هولاند أن "القضاء على داعش في الموصل، قد يستغرق أسابيع وليس سنوات"، مبيّناً أن "التنظيم يتراجع أمام القوات العراقية". وأشار إلى أن "نهاية داعش أصبحت قريبة". وقبل انتقاله إلى مدينة أربيل، في إقليم كردستان العراق، التقى هولاند رئيس الحكومة حيدر العبادي، الذي أشاد بـ"دور فرنسا ضمن التحالف الدولي لمحاربة داعش"، مشدّداً خلال مؤتمر صحافي على "ضرورة التعاون الاستخباري مع باريس للحدّ من قوة التنظيم".

في سياق آخر، اضطرت فصائل مليشيا "الحشد الشعبي" المرابطة في محيط بلدة تلعفر، غرب الموصل، إلى التراجع عن مواقعها بضعة كيلومترات، بسبب الهجمات التي تعرّضت لها من عناصر تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، الذين استخدموا الأنفاق التي حفروها في وقت سابق لمباغتة "الحشد".

في هذا السياق، اضطرت القطعات العسكرية التابعة لـ"الحشد" للانسحاب كيلومترات عدة من مواقعها التي استولت عليها في وقت سابق بمحيط تلعفر، حسبما أكد مصدر في قيادة عمليات "قادمون يا نينوى"، لـ "العربي الجديد".



وأضاف المصدر أن "تراجع المليشيات جاء بسبب الضربات التي تلقتها على يد عناصر داعش"، مبيّناً أن "عناصر التنظيم بدأوا باستخدام استراتيجية جديدة في حربهم مع الحشد قرب تلعفر، تعتمد على الأنفاق السرية". ونوّه إلى أن "الأنفاق التي حفرها تنظيم داعش في المناطق المحاذية لتلعفر، منحت لعناصره حرية الحركة والوصول إلى عمق معسكرات الحشد"، مبيّناً أن "التنظيم تمكن من تنفيذ أكثر من عملية في هذه المناطق". وأشار إلى أن "الفرقة الذهبية التابعة لجهاز مكافحة الإرهاب التي كانت مرابطة في قرية تلعفر، تكبّدت خسائر كبيرة بسبب أنفاق داعش، ما اضطرها إلى الانسحاب إلى مواقع أكثر أمناً في المحور الغربي".

بدوره، كشف العميد في قيادة عمليات الجيش بالموصل، فالح الوائلي، أن "عمليات الحشد في قاطع تلعفر الغربي تراجعت بشكل واضح خلال الأسابيع الأخيرة، بسبب عدم قدرتها على الوقوف بوجه الهجمات المتكررة لداعش، من خلال الأنفاق التي تمثل حلقة مهمة لتنقله وشن هجماته بعيداً عن أنظار القوات العراقية، ومرمى نيران طيران التحالف الدولي، والقوة الجوية العراقية". وشدّد في حديث لـ"العربي الجديد" على "ضرورة إعادة رسم خطط الهجوم في المحور الغربي، والزج بقوات مقاتلة خاصة، لديها الخبرة الكافية للتعامل مع حرب الشوارع التي يحاول داعش جرّ القوات العراقية والحشد إليها".

واقترح الوائلي "الاستعانة بمقاتلين محليين من داخل بلدة تلعفر خلال عمليات التحرير، للاستفادة من خبرتهم بجغرافية البلدة"، متوقعاً ألا "يأتي إصرار مليشيا الحشد على القتال بتلعفر بأية نتائج إيجابية، في ظل عدم الرضا بدخولهم البلدة بعد تحريرها".

وعلى الرغم من عدم ذكر "الحشد" ضمن القوات التي تشترك في تحرير الموصل في بيان إعلان المعركة الذي تلاه رئيس الحكومة، حيدر العبادي، في 17 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، إلا أن المليشيا أعلنت انطلاق عملياتها العسكرية في 24 من الشهر ذاته، في خطوة اعتبرت في حينها تحدياً للعبادي.



وقال المتحدث باسم مليشيا "عصائب أهل الحق" المنضوية ضمن "الحشد" جواد الطليباوي، في وقت سابق، إن "المليشيا بانتظار تعليمات قائد فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني، للدخول إلى تلعفر". ونوّه إلى أن "التصريحات المعارضة لوجودهم لن تثنيهم عن استعادة البلدة".

تصريحات المليشيا قوبلت بالرفض من عضو البرلمان العراقي عن الموصل، عز الدين الدولة، الذي أكد أن "البلدة محاصرة بشكل كامل من داعش، كما أنها تتعرض إلى قصف يومي من المليشيات والقوات العراقية".

في مقابل التراجع الملحوظ للمليشيات في المحور الغربي للموصل، تقدّمت القوات العراقية المشتركة سريعاً في الجانب الشرقي للمدينة، من خلال الإعلان عن تحرير أحياء جديدة، وإطلاق وعود بتحرير الساحل الأيسر للموصل (شرقاً) في وقت قريب.



وفي الوقت الذي واصلت فيه القوات العراقية قصفها الأحياء التي لا تزال تحت سيطرة التنظيم في شرق الموصل، تقوم فرق الهندسة العسكرية بتطهير الأحياء المحررة من الألغام والعبوات الناسفة. وكشفت مصادر عسكرية أن "المرحلة الثانية لمعركة الموصل ستركز على استرداد جميع المناطق في الجانب الشرقي من سيطرة داعش، قبل الانتقال للساحل الأيمن الذي يقع في الجهة الغربية للمدينة".

في غضون ذلك، لفت المتحدث باسم جهاز مكافحة الإرهاب العراقي، صباح النعمان، إلى أن "المرحلة الثانية لمعركة الموصل تسير وفقاً للخطط الموضوعة"، مشيراً في بيان صحافي إلى أنه "تمّ تحرير نحو 40 حياً في الجانب الشرقي من قبل الجهاز".

وفي سياق متصل، قال آمر الفوج الثالث بالفرقة السادسة عشرة بالجيش العراقي، المقدم حسين الفياض، إن "قيادة عمليات قادمون يا نينوى، قررت زج قطعات جديدة من الجيش العراقي والشرطة الاتحادية في محوري القتال جنوب الموصل وشرقها، لتعزيز اندفاع القوات العراقية نحو عمق المدينة". وأكد أن "قيادة العمليات تخطط لشن هجوم واسع ومباغت على ما تبقى تحت سيطرة داعش من مناطق من خمسة محاور".