أعلنت أكثر من 70 منظمة سورية غير حكومية وقفها التعاون مع الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة التابعة لها في سورية، بعد الاتهامات الأخيرة للأمم المتحدة بمساعدة النظام السوري عن طريق برامج المساعدات الإنسانية، التي من المفترض أن تخدم المدنيين.
وفي أول رد فعل رسمي على الرسالة التي وجهتها المنظمات السورية، قال المتحدث الرسمي باسم الأمين العام للأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، خلال مؤتمر صحافي، اليوم الخميس، "يمكنني أن أؤكد وصول الرسالة لمكتبنا في تركيا. إننا نشيد بالعمل الإنساني والمساعدات التي تقدمها المنظمات السورية غير الحكومية وبمجهوداتها. ولقد أكدنا مراراً وتكراراً أن هذه المنظمات هي التي تقف في الصفوف الأمامية لتقديم المساعدة لملايين السوريين. ستكمل الأمم المتحدة عملها معها من أجل تحسين مجهودنا والوصول إلى أكبر عدد ممكن من الناس".
وتطالب الرسالة بـ"تشكيل لجنة تحقيق مستقلة للتحقيق في هذه القضايا، وتغيير آليات التعاون مع نظام الأسد".
وكانت صحيفة "ذا غارديان" البريطانية قد نشرت، الأسبوع الماضي، تحقيقاً اتهمت فيه الأمم المتحدة بتورطها ودعمها، عن طريق المساعدات الإنسانية، للنظام السوري بعشرات الملايين من الدولارات بشكل مباشر وغير مباشر، بما في ذلك إعطاء عقود لجمعيات وأشخاص مقربين من النظام ورئيسه.
وعن مطلب المنظمات السورية بتغيير آليات التعاون وتشكيل لجنة تحقيق مستقلة، قال دوجاريك "أريد التأكيد أن هوية المنظمات التي نعمل معها معلنة ومنشورة وتتم بشفافية".
كما أوضح أن "السياق الذي نتحرك فيه داخل سورية يضعنا أمام كثير من التحديات. إن تركيزنا بشكل أساسي على إيصال المساعدات لأكبر عدد ممكن من السوريين، وهذا بدوره يرتبط بالعديد من الأمور، من بينها انخفاض مستوى العنف والتنسيق مع الأطراف المختلفة المسيطرة على الأرض".
وفي ما يخص عمل الأمم المتحدة، ومنظمات الإغاثة الدولية في دمشق، أشار المتحدث الأممي إلى أن الحكومة السورية، كغيرها من الحكومات في هذه الحالات، تصر على أن تعمل الأمم المتحدة على أراضيها عن طريق منظمات محلية مرخصة من الحكومة.
وأضاف "نختار من تلك القوائم التي تقدمها الحكومة بناء على تقديرنا للموقف، ومقدرة تلك المنظمات لتوصيل المساعدات، وطبعاً نحن نعمل في مناخ حساس ودقيق جداً. أريد أن أذكّر هنا، أننا قدمنا كماً هائلاً من المساعدات عبر الحدود لمناطق لا تقع تحت سيطرة الحكومة السورية".
وذكّر دوجاريك، أن أولوية منظمات الإغاثة هي إيصال المساعدات الإنسانية الأساسية للسوريين جميعاً، دون الأخذ بعين الاعتبار انتماءاتهم السياسية، على حد قوله.
وأضاف "كي نعمل في أي منطقة أو دولة نحتاج موافقة النظام المسؤول. كثير من الدول، بما فيها سورية، تصر على أن نعمل مع منظمات وشركاء معتمدين لديها. ما يبقى أمامنا هو الخيار من تلك القوائم. أمر مشابه ينطبق حول الحديث عن الأغذية والمواد الأساسية وكيفية الحصول على خطوط هواتف أو وقود مثلاً. ونحن في منطقة صراع، أي إن عدد الذين يمكنهم تقديم خدمات يبقى محدوداً. في المقابل نعمل في مناطق خارج سيطرة الحكومة السورية، ونعمل هناك مع منظمات لا يوافق النظام على أن نعمل معها".
إلى ذلك، لفت إلى أن "وقف التعاون سيتم على مستوى تبادل المعلومات، ولكن ما زلنا ندرس الرسالة ونرغب بالاستمرار في الحديث مع تلك المنظمات والحوار حول الموضوع. أريد أن أكرر، إن الذين يخاطرون بحياتهم في سورية من أجل تقديم المساعدات الإنسانية هم بالدرجة الأولى سوريون".
ورأى أنّه "بعد خمس سنوات على الصراع في سورية، فإنه من غير المفاجئ أن يشعر السوريون بهذا الإحباط، وكل ما نقوله، إن الأمم المتحدة ليست منظمة غير حكومية، بل هي منظمة تعمل ضمن أطر معينة وتعمل بالتعاون مع الدول الأعضاء. هذه هي الطريقة التي نعمل بها في 193 دولة حول العالم، وعلى الرغم من تلك التحديات فإننا مستمرون في تقديم المساعدات للملايين".