تركيا: مقترح تمديد الطوارئ يهدد بإسقاط حالة الإجماع

01 أكتوبر 2016
أردوغان لمح لإمكان تمديد الطوارئ لعام (آدم ألتان/فرانس برس)
+ الخط -
تحوّل موضوع تمديد حالة الطوارئ في تركيا إلى ملف خلافي يهدد بإسقاط حالة الإجماع والتوافق التي شهدتها البلاد بعد الانقلاب الفاشل، في ظل خلافات في صفوف المعارضة التركية بين مؤيد للتمديد كحزب الحركة القومية (يميني قومي متطرف) واعتراض كل من حزب الشعب الجمهوري (أكبر أحزاب المعارضة) وحزب الشعوب الديمقراطي (الجناح السياسي للعمال الكردستاني).
وتنفيذاً لتوصيات مجلس الأمن القومي التركي، بدأت التحركات الحكومية لتمديد حالة الطوارئ التي تم إقرارها في يوليو/تموز الماضي، والتي تنتهي في العشرين من أكتوبر/تشرين الأول الحالي، وعلمت "العربي الجديد" أن الحكومة التركية تعمل على تمديد حالة الطوارئ مدة ثلاثة أشهر أخرى، لغاية 20 يناير/كانون الثاني من العام المقبل، مع احتمال تمديدها لفترة ثالثة.
وأشار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، يوم الخميس الماضي، في كلمة له في القصر الرئاسي بالعاصمة التركية أنقرة، إلى احتمال الحاجة لتمديد حالة الطوارئ لمدة عام كامل، مقارناً الوضع التركي بعد المحاولة الانقلابية بما حصل في فرنسا إثر الهجمات التي تعرضت لها العاصمة الفرنسية باريس من قبل تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش).
وقال أردوغان: "في فرنسا تم إعلان حالة الطوارئ لمدة ثلاثة أشهر ومن ثم تمديدها لثلاثة أشهر أخرى، وأخيراً تم تمديدها لمدة ستة أشهر بما بات مجموعه عاماً كاملاً، هل يقول أحد لفرنسا لمَ قمت بإعلان حالة الطوارئ لمدة عام"؟ مضيفاً:" ينصحوننا بعدم تمديد حالة الطوارئ لمدة ثلاثة أشهر أخرى، بحجة أن ذلك غير صحيح بالنسبة لتركيا، لكن انتظروا قليلاً، قد لا يكفينا 12 شهراً".
وتبرر الحكومة التركية رغبتها بتمديد حالة الطوارئ بعمق المحاولة الانقلابية وتمدد حركة الخدمة، المتهمة بإدارتها، ضمن مؤسسات الدولة، وحاجة الحكومة للعمل بسرعة واتخاذ القرارات لتصفية الحركة. بينما يرى مراقبون أن عدم تمديد حالة الطوارئ، قد يُعرّض جميع المراسيم التشريعية التي أصدرت بموجب حالة الطوارئ للنقض في المحكمة الدستورية، التي ستستعيد دورها بمجرد انتهاء حالة الطوارئ، وسط خلاف قانوني في تفسير صلاحية المراسيم التشريعية، حول إن كان مفعولها يُبطل بمجرد انتهاء حالة الطوارئ أم يستمر.
يأتي ذلك بينما تستمر الخلافات بين الحكومة وحزب الشعب الجمهوري حول إمكانية الاستعاضة عن تمديد حالة الطوارئ بتحويل المراسيم إلى قوانين صادرة عن البرلمان، الأمر الذي أكده الرئيس التركي، قائلاً: "أنا لا أوافق على الاطلاق على آراء أكبر أحزاب المعارضة حول قدرة البرلمان على تحويل المراسيم التشريعية إلى قوانين عادية، إن القوانين الداخلية الحالية للبرلمان لا تسمح لمثل هكذا قوانين بالمرور، وتمديد حالة الطوارئ لمدة ثلاثة أشهر أخرى هو من مصلحة تركيا".


ويبدو أن تمرير التمديد في البرلمان التركي لن يحتاج إلى الكثير من الجهود من قِبل الحكومة بحكم الغالبية البرلمانية التي يتمتع بها حزب العدالة والتنمية إضافة إلى الدعم الذي تلقّاه من قبل حزب الحركة القومية، الذي أكد رئيسه دولت بهجلي، يوم الخميس الماضي، تأييد حزبه لتمديد حالة الطوارئ. وفي مؤتمر صحافي عقده في مقر الحزب في أنقرة، قال بهجلي: "اعتقد أن تمديد حالة الطوارئ ثلاثة أشهر إضافية، واتخاذ تدابير استثنائية لاستعادة الثقة والسلام لكل من عاش ليلة منتصف يوليو/تموز الماضي أو يتذكره، يعد أمراً مفيداً لبلادنا"، مضيفاً: "فليعلم من يسعى أو يخطر بباله القيام بانقلاب آخر، أن عليه أن يسحق جسدنا أولا".
من جهته أبدى حزب الشعب الجمهوري، بعد الاجتماع الذي عقدته لجنته المركزية يوم الخمس، اعتراضه الشديد على توصية مجلس الأمن القومي بتمديد حالة الطوارئ، كما أعلنت المتحدثة باسم الحزب سلين سايك بوكة، قائلة: "لم ينجحوا بالقيام بانقلاب عسكري ولكن الآن يتم العمل على انقلاب مدني، لتمكين الديكتاتورية في هذه البلاد، نحن لن نسمح على الإطلاق بالاعتداء على إرادة الأمة والنظام القانوني الدستوري"، مضيفة: "لم ينجح الانقلاب الذي قصف البرلمان، ولكنهم الآن يحاولون النجاح بذلك عبر تفخيخ الديمقراطية بالمراسيم التشريعية، ونحن لن نسمح بذلك. لن ننحني أمام القصر الرئاسي".
وعلى الرغم من أنه لا يحق للمحكمة الدستورية العليا اتخاذ أي قرارات تجاه المراسيم التشريعية الصادرة بموجب قانون الطوارئ، إلا أن حزب الشعب الجمهوري كان قد تقدّم في وقت سابق، باعتراض للمحكمة الدستورية العليا على بعض المواد التي تضمنتها بعض المراسيم التشريعية التي أصدرتها الحكومة، ليتم النظر فيها بعد انتهاء حالة الطوارئ.
في غضون ذلك، تستمر الاجتماعات بين برلمانيي حزب العدالة والتنمية وحزب الشعب الجمهوري وحزب الحركة القومية، للتوصل إلى اتفاق بشأن تمرير بعض التعديلات الدستورية الخاصة بإعادة تنظيم عمل السلطة القضائية والمؤسسة العسكرية، وتعديل بعض القوانين الداخلية الناظمة لعمل البرلمان، وسط الحديث عن الاتفاق على الكثير من النقاط الخلافية.

المساهمون