حسن توران لـ"العربي الجديد": مصير كركوك يقرره أهلها

15 سبتمبر 2016
توران: غياب التركمان عن صناعة القرار مرفوض (العربي الجديد)
+ الخط -
تعتبر القومية التركمانية الثالثة في ترتيب مكونات الشعب العراقي بعد العربية والكردية قياساً للتعداد السكاني والمساحة التي يقطنها أفرادها، إلا أن ممثلي التركمان يؤكدون أنهم يتعرضون للتهميش المستمر من قبل الحكومات العراقية المركزية المتعاقبة منذ الاحتلال الأميركي للبلاد عام 2003، وهم ينتشرون بمحافظات كركوك، ونينوى، وصلاح الدين، وبغداد، وواسط.

"العربي الجديد" التقت نائب رئيس الجبهة التركمانية، مقرر اللجنة القانونية البرلمانية حسن توران الذي يعتبر أحد أهم قادة المكون التركماني في العراق. شغل لسنوات منصب رئيس مجلس محافظة كركوك (شمال)، وتلاه الترشيح إلى عضوية مجلس النواب في انتخابات 2014. انتمى سابقاً إلى حزب العدالة التركماني وله دور كبير في قضية محافظة كركوك والمناطق المتنازع عليها بين بغداد وأربيل. يتحدث توران عن تهميش دور التركمان في كل المجالات بالبلاد، ويعتبر أنّ قانون العفو العام ليس مثالياً، لكن إقراره خطوة هامة. ويرى أنّ أهالي كركوك هم وحدهم من يقررون مصير محافظتهم.  

باعتباركم مقرّر اللجنة القانونية، هل جرى تمرير قانون العفو العام في البرلمان عبر صفقة ما؟

قانون العفو جزء من الاتفاق السياسي والبرنامج الحكومي المتفق عليه بين الكتل قبل تشكيل الحكومة عام 2014 الحالية. والنسخة التي وصلت من الحكومة عن القانون هزيلة. وشهد هذا المشروع مناقشات كثيرة في اللجنة القانونية، لكن بالمجمل لا يساعد القانون على إخراج الكثير من السجناء وفق الصيغة الحالية. كان هناك رفض وتأييد له. نحن نرى أنه ليس مثالياً، لكن إقراره خطوة مهمة لإطلاق سراح جزء من المعتقلين الأبرياء من السجون. لكن لا توجد صفقة بمعنى الكلمة لتمرير قانون العفو العام لأنه أقر ودخل حيز التنفيذ، أما قانون هيئة "الحشد الشعبي"، فقد تم عرضه ولم يصوت عليه بعد.

تشتكون دائماً كما باقي القيادات التركمانية من التهميش، ما حقيقة ذلك؟

حكومة حيدر العبادي بل شخص العبادي نفسه مقصّر في رؤية الأهمية الاستراتيجية للتركمان، ولولا هذا التقصير لما همشت الحكومة التركمان. وحتى عندما قرر إلغاء وزارات فإنه ألغى وزارة من حصة التركمان وهي وزارة حقوق الإنسان. الحكومة اليوم باتت خالية من أي وزير تركماني. الحكومة العراقية تغيّب وتتفنن في تهميش وإضعاف التركمان والموضوع ليس فقط حقيبة وزارية سحبت منا، بل نحن نريد أن يكون لنا دور في مجلس الوزراء؛ لأنه عند صناعة القرار يكون هناك غياب للتركمان؛ وهذا مرفوض. ولو يعلم العبادي أهمية التركمان لأسند أكثر من حقيبة وزارية لهم.

طالبتم مراراً بتشكيل قوات عسكرية حكومية؟

الحكومة لم تستطع تشكيل قوات تمثل جميع مكونات الشعب العراقي، ولم تفسح المجال للتركمان في تشكيل قوات لحماية نفسها، كما لم تطوع أبناء المكون في صفوف قوات الأمن، وهذا خلل سنعاني منه بعد انتهاء مرحلة تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش). ولهذا نريد أن تكون هناك قوة تحمي القومية التركمانية أو أن يمثل التركمان بشكل صحيح في قوات الأمن.

ما هو تصوركم لكركوك ما بعد داعش؟

قضية كركوك تكمن في مشكلتين رئيسيتين: الأولى غياب الحكومة العراقية في بغداد عنها بشكل كامل، سواء المشهد الإداري، أو الأمني، أو الاقتصادي، أو النفطي. تعزز ذلك بعد سيطرة "داعش" على مناطق كثيرة منها قبل عامين. أما المشكلة الثانية تكمن في تفرد حزب واحد بجميع قرارات المحافظة. وهذا الحزب لا يسمع أي رأي ولا يشارك باقي المكونات في إدارة المحافظة (في إشارة إلى حزب الاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة رئيس العراق السابق جلال الطالباني). وينتهج سياسة التفرد بعيداً عن نهج جلال الطالباني. يطلب الأخير ترسيخ مبادئ الحوار والإدارة المشتركة في كركوك، ويؤيد الحوار بين مكونات المحافظة؛ التركمان، والكرد، والعرب. بعد مرض الرئيس وغيابه عن المشهد السياسي شاهدنا تفرداً في الكثير من القرارات، ويجب على الحزب العودة للحوار والإدارة المشتركة، لأن أي قرار من غير موافقة باقي المكونات لن يمرر في بغداد.


ماذا عن نزاعات الأراضي الخاصة بالتركمان؟


تعتبر أراضي التركمان المسجلة كأملاك خاصة بأسماء تركمان العراق في كركوك، والتي صودرت قبل عقود، إحدى المشاكل التي لا تزال عالقة لغاية هذا اليوم. نعمل على إعادة الأراضي لأصحابها. اللجنة القانونية في البرلمان أنجزت التعديل الأول لقانون هيئة النزاعات الملكية وتم إرساله إلى رئاسة البرلمان لإدراجه في جدول أعمال المجلس. ونحن مستمرون بجهود الدفاع عن حقوق أبناء محافظة كركوك وأبناء المكون التركماني.

ماذا عن مصير كركوك؟
موضوع كركوك والمناطق المتنازع عليها في مناطق أخرى من العراق تعتبر من الملفات الحساسة، ولا يمكن تقرير مصير كركوك وغيرها من دون توافق الجميع. مصير كركوك سيقرره أهلها، وحتى قادة إقليم كردستان العراق يؤكدون على هذا الأمر. كانت الأمم المتحدة في السنوات السابقة تقوم بمهمة إيجاد تقاربات وحوارات بين مكونات كركوك حول الكثير من القضايا، ومنها الاستفتاء. عام 2009، كتبت الأمم المتحدة تقريراً عن كركوك، ومنها الاستفتاء ومسح رأي كل مكونات المدينة من عرب وكرد وتركمان، فلا نريد تكرار تجارب فاشلة كما حدث في البوسنة والهرسك. وللحقيقة، فإن إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما تحاول سحب نفسها من هذا الملف طيلة الفترة الماضية، ونأمل أن يكون للإدارة الجديدة المقبلة دور في ذلك.

كيف ترون علاقات العراق بدول الجوار؟

علاقات دول الجوار هامة في استقرار العراق، ويجب أن تكون متوازنة، وأفضل الحلول هو عقد اجتماعات دورية للعراق مع جميع الدول المجاورة لمتابعة جميع الملفات، ومنها الأمني. نحتاج إلى إعادة نظر في السياسة الخارجية، وإيجاد آليات لجمع دول الجوار في اجتماعات تساهم في استقرار العراق؛ لأن مرحلة ما بعد داعش ستكون صعبة.

كيف تصفون علاقتكم بالحكومة التركية؟

نشترك مع الأتراك بعلاقات نسب وثقافة وتاريخ. وإن كنت تقصد الموقف من الانقلاب الفاشل فبالتأكيد نحن مع الشرعية وضد الانقلاب، والحكومة التركية منتخبة ونؤيد إرادة الشعب في اختيار حكومته ونظامه.

هناك حديث عن موافقة تركيا على منح جنسيتها لتركمان العراق
لم أسمع بهذه الأنباء. معاهدة لوزان عام 1924 أعطت تركمان العراق الحق بالحصول على الجنسية التركية، لكن التركمان بقوا في العراق ولم يذهبوا للحصول عليها، في إشارة إلى تمسكهم بالهوية العراقية.