مليشيات "الحشد" تفرض قانونها الخاص داخل دولة العراق

19 اغسطس 2016
قرارات مرتقبة بشأن المليشيات العراقية (العربي الجديد)
+ الخط -

أصبحت مليشيات "الحشد الشعبي" في العراق تمارس دور الدولة بشكل كامل، بعد أن امتلكت السلاح والقوة، وحظيت بالدعم المحلي الحكومي والإيراني على حد سواء، خلال المعارك التي شاركت فيها هذه المليشيات، إلى جانب القوات العراقية النظامية.

الدعم غير المحدود لمليشيات "الحشد" في العراق توّجته الحكومة العراقية مؤخراً بإعلانها بشكل رسمي تحويل مليشيات "الحشد الشعبي" إلى كيان عسكري قانوني، باعتباره جيشاً حكومياً ثانياً، موازياً للقوات الأمنية الموجودة.

وقد وعدت الحكومة العراقية بموجب المرسوم الحكومي الذي أصدره رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، نهاية الشهر الماضي أنها ستقوم بتسليح مليشيات الحشد، على غرار التسليح الذي حصلت عليه القوات الحكومية الأخرى، مثل الجيش العراقي وقوات جهاز مكافحة الارهاب، مع التأكيد على ضمان صرف رواتب شهرية لمنتسبي المليشيات".



ونظراً للصفة الرسمية الجديدة، التي باتت تتمتع بها مليشيات الحشد الشعبي في العراق، فإنها باتت تسن القوانين، وتتدخل بشكل كبير في الملفات السياسية والأمنية والدينية في العراق، مستفيدةً من الصبغة الدينية والطائفية، وفتوى المرجعيات الدينية التي أنشأتها.

وانتشرت مؤخراً تعليمات تلك المليشيات في المدن الجنوبية والوسطى، والعاصمة بغداد التي تنظم عمل الملاهي الليلية، وارتداء الحجاب وقيادة السيدات للمركبات، فضلاً عن جباية الأموال من أصحاب المحال التجارية، والشركات تحت عنوان دعم الحشد أو المقاومة. وفي أحيان أخرى تمويل المجاهدين الذين يقاتلون "داعش"، وسط عجز واضح للشرطة في الحد من تلك الأعمال التي بدأت أصوات شعبية تطالب بتدخل الحكومة لوقفها.

وبحسب مصادر أمنية، تشهد العاصمة بغداد والمحافظات الجنوبية التي تنشط فيها مليشيات الحشد، انتشار حوادث السطو المسلح والخطف وانتحال الصفة، التي تنفذها مليشيات مسلحة تحمل الهويات التعريفية الخاصة بمليشيات الحشد الشعبي.

هذا الأمر دفع الناطق باسم مليشيات الحشد الشعبي، أحمد الأسدي لإصدار بيان الجمعة تلقى "العربي الجديد" نسخةً منه جاء فيه أنّ "الحشد الشعبي" هو مؤسسة كباقي مؤسسات الدولة العراقية، لها ضوابطها وقوانينها وآليات يُلزم العمل بها، ولها قياداتها المعروفة ومجاهدوها الذين يتفانون من أجل تحرير الوطن".

وحول ظاهرة انتحال الصفة، أشار إلى أنّ "الانتصارات العظيمة والقاعدة الجماهيرية الكبيرة لأبناء الحشد الشعبي، والحب الكبير المزروع في قلب كل عراقي شريف، أدى إلى استغلال الاسم المقدس من بعض ضعاف النفوس، ومنتحلي الصفة ليمارس هؤلاء المندسون بعض الأفعال والتصرفات غير المهذبة، والإجرامية أحيانا "على حد تعبيره.



كما أكد تبرؤ مليشيات الحشد ممن سماهم منتحلي الصفة، في إشارة إلى بروز أحد قادة المليشيات في بغداد والمدعو، سيد علي الباقري، والذي اصبح محل حديث وتندر العراقيين في مواقع التواصل الاجتماعي، إذ أثارت المنشورات والصور التي نشرها الباقري على حسابه في موقع "فيسبوك" سخرية العراقيين بسبب أخطائه الإملائية، وكذلك بسبب شكله المشابه لحد كبير لزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر.

وجاء بيان الناطق باسم مليشيات الحشد الشعبي، على خلفية تنامي ظاهرة المليشيات المسلحة في العاصمة العراقية بغداد، وفي المحافظات الجنوبية، حتى بلغ عدد هذه المليشيات قرابة المائة فصيل بأسماء وعناوين مختلفة تحمل بعدا طائفياً، وتمتلك مقرات وسجونا خاصة بها وتفرض قوانين وتعليمات على السكان، بحسب ما أفادت مصادر محلية.

كذلك، أعلن مصدر أمني لـ"العربي الجديد" أن "الشرطة العراقية في العاصمة بغداد، تتلقى بشكل يومي بلاغات من أفراد حول تعرضهم لعمليات سطو مسلح، واختطاف لغرض المساومة من مليشيات تستقل عربات حكومية، وتحمل الهويات التعريفية الخاصة بمليشيات الحشد" .

وأكد المصدر أن "الشرطة العراقية والسلطات القضائية، تتعمد تجاهل النظر في القضايا التي تشير كل الدلائل فيها لتورط أفراد تابعين للمليشيات المسلحة بسبب الخشية من تعرض الضباط وقضاة التحقيق، لبطش المليشيات والتي عادة ما ترتبط بجهات سياسية متنفذة في الحكومة".

وبحسب مسؤول عراقي حكومي، فإنه من المقرر أن يشهد ليل اليوم، اجتماعاً أمنياً مشتركاً بين رئيس الوزراء حيدر العبادي، وقادة امنيين وزعماء مليشيات الحشد، لوضع حد لتدخل المليشيات في عمل الشرطة والجيش، وفرض قوانين وأوامر على المواطنين في المدن الجنوبية وبغداد وظاهرة انتشارهم المسلح.

ورجّح المسؤول أن يخرج الاجتماع بقرارات تتعلق بإبعاد المليشيات عن الأحياء السكنية وإصدار هويات خاصة بهم، وتحديد صلاحياتهم التي يجب أن تكون محصورة في مناطق القتال وليس بمناطق تخضع لسلطة الدولة.