وزير إسرائيلي سابق: زيارة شكري للقدس تحاكي مبادرة السادات

24 يوليو 2016
قراءة إسرائيلية لزيارة شكري لإسرائيل (Getty)
+ الخط -
أجرى وزير العدل الإسرائيلي السابق، يوسي بيلين، أحد حمائم حزب العمل وزعيم ميرتس، مقاربة تاريخية بين مبادرة السادات، واللقاء الذي جمع بين حسن التهامي وبين موشيه ديان، وبين زيارة وزير الخارجية المصري الحالي سامح شكري، قبل أسبوعين تقريبا، إلى إسرائيل، ولقائه برئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، والبحث معه فيما يسمى بالمبادرة المصرية (على أساس خطاب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في مايو/أيار الماضي)، أو السعي إلى عقد مؤتمر سلام إقليمي بمشاركة دول عربية، بدلا من مؤتمر دولي.

وكتب يوسي بيلين، في مقالة نشرها الجمعة في صحيفة "يسرائيل هيوم" تحت عنوان "يوجد شريك ولكن بشرط"، كتب يقول: "إن زيارة شكري القصيرة للقدس والجهد المصري لعقد مؤتمر إقليمي في القاهرة، سعيا للتوصل إلى اتفاق إسرائيلي فلسطيني، تعيد إلى الأذهان ما حدث في منطقتنا عام 1977، عندما سارعت كل من إسرائيل ومصر إلى التوصل، من وراء ظهر الطرف الأميركي، إلى اتفاق، وذلك لمنع انعقاد المؤتمر الدولي للسلام في جنيف، الذي خافت الدولتان من نتائجه".

واستعرض بيلين، في مقالته، الظروف الداخلية التي مر بها رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي، آنذاك، مناحيم بيغن، بعد تغلب الليكود، لأول مرة، في الانتخابات على حزب العمل، بقيادة رابين آنذاك، ومحاولات بيغن لجس النبض بشأن اتفاق سلام مع مصر ينطوي على تسوية إقليمية، لكن يتم فيها دفع ثمن لمصر، ولا يشمل بأي حال التنازل عن شبر من أراضي الضفة الغربية، وألا يتم إلزامه بالتعهد بالقبول بمبدأ تسوية في الضفة الغربية المحتلة.

وأشار بيلين إلى ما بات معروفا لاحقا بشأن دور الرئيس الروماني، نيكولاي تشاوشيسكو، في التوسط بين بيغن والسادات، وما تبع ذلك من لقاء بين التهامي وديان في المغرب، تحت رعاية الملك الحسن الثاني، مؤكدا أن كل هذه التحركات تمت عمليا من وراء ظهر الرئيس الأميركي في حينه، جيمي كارتر.

ومثلما كان كارتر لا يحبذ التعامل مع إسحاق رابين، بحسب بيلين، فإنه كان ينفر من بيغن بدرجة أكبر، وكان يعتقد أنه لا يمكن دفع الحلم الأميركي لتحقيق السلام في الشرق الأوسط بدون مؤتمر دولي يُملي على مختلف الأطراف ما يجب القيام به.

ويستعرض بيلين، في هذا السياق، ما كان كارتر عرضه على بيغن خلال أول لقاء بينهما، بعد تشكيل حكومة بيغن الأولى، واقتراح كارتر استئناف مداولات مؤتمر جنيف الدولي، التي كانت تعطلت بفعل سقوط حكومة رابين، واتجاه إسرائيل إلى انتخابات جديدة.

وأكد كارتر، في محادثاته مع بيغن، يومها، أن المؤتمر سيعقد على أساس قراري مجلس الأمن الدولي 242 و338، وأنه سيطلب من إسرائيل أن تعلن استعدادها للتنازل عن أراض احتلتها عام 67، والقبول بمبدأ حق تقرير المصير.



وبحسب بيلين، فإن تلك الظروف لم تكن تختلف عن الوضع السائد اليوم، فبيغن كان يرفض، رغم إقراره بأهمية العلاقة بين إسرائيل والولايات المتحدة، أن يقدم أي تنازل إقليمي يعني الانسحاب من أراض فلسطينية، وفيما كان يسعى إلى تخفيف حدة المقترحات الأميركية، فوجئ، في غضون ذلك، بالبيان المشترك للرئيس كارتر ورئيس الحكومة السوفييتي، ليونيد برجينف، بعقد المؤتمر الدولي للسلام في الشرق الأوسط.

في هذه النقطة، رصد بيلين تقاطع مصالح داخلية لبيغن والسادات، فبيغن لم يكن يريد تقديم أي تنازل في الضفة الغربية، والسادات لم يكن يرغب في عودة السوفييت كلاعب في المنطقة بعد طردهم من مصر. وقد دفع التقاء المصالح هذا بالرجلين إلى حث وتسريع المحادثات بينهما لسد الطريق أمام مؤتمر دولي، وهو ما عزز لدى السادات الدافع بلقاء مباشر مع القيادة الإسرائيلية من دون إطلاع كارتر على ذلك، ووضعه أمام الأمر الواقع. في المقابل، كان بيغن مسرورا من التغير المتوقع في علاقات إسرائيل مع أكبر وأهم دولة عربية، ولم يأبه بتجاوز الدولتين العظميين في سبيل ذلك.

وكما كان متوقعا، عندها، فإن زيارة السادات تركت نتائج بعيدة الأمد، فقد ألغي المؤتمر الدولي نهائيا، وتوصلت إسرائيل إلى معاهدة سلام مع مصر، وإن كانت تنازلت عن سيناء وانسحبت منها كليا، إلا أنها لم تدفع ثمنا في الضفة الغربية، باستثناء تصريح، بالإنجليزية وليس بالعبرية، عن الاعتراف بالحقوق المشروعة للفلسطينيين، على لسان بيغن.




في هذه النقطة، ينتقل بيلين إلى زيارة سامح شكري لإسرائيل وعلاقاتها بالمبادرة الفرنسية، فيلفت في هذا السياق أولا إلى أن المبادرة الفرنسية التي أطلقت قبل عدة أسابيع لم تقابل بفرح أو بسرور في المنطقة، والأمر نفسه ينطبق على نوايا منظمي المؤتمر في طرح اقتراحات لمقررات في نهاية المؤتمر الدولي الذي تقترحه المبادرة (بدون مشاركة إسرائيل والفلسطينيين)، على هيئة قرارات لمجلس الأمن الدولي، يمتنع الرئيس الأميركي، باراك أوباما، عن استخدام حق النقض "الفيتو" ضدها.

ويذهب بيلين إلى القول إن الظروف الحالية شبيهة جدا بتلك التي سادت عام 77، فهناك التقاء مصالح مثير للغاية: رئيس الحكومة الإسرائيلي الحالي، نتنياهو، الذي يخشى من إملاءات دولية، يرفض المبادرة الفرنسية، ويفضل بدلا منها لقاء إقليميا برعاية مصرية وبمشاركة أردنية. في المقابل، فإن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يعاني هو الآخر من ظروف خاصة، فمصر عضو غير دائم في مجلس الأمن، وفي حال عرض على المجلس قرار سياسي تعارضه إسرائيل ويؤيده الفلسطينيون بشدة، سيكون السيسي مضطرا إلى تأييد قرار لا يرغب فيه، ويعرض بذلك العلاقات الجيدة مع إسرائيل. وهذا ما يفسر سبب تصريحات السيسي مؤخرا بأن القرار 242 من عام 67 يكفي لمبادرة سياسية، ولا حاجة لقرار جديد (مع أن القرار المذكور لا يذكر وجود الفلسطينيين على الإطلاق)، فاستئناف المحادثات بين إسرائيل والفلسطينيين برعاية مصرية، وربما بمشاركة أردنية، يشكل مخرجا مريحا لكافة الأطراف، بمن فيهم الرئيس الفلسطيني محمود عباس، الذي يحتاج إلى كل دعم مصري ممكن.

لكن يوسي بيلين يخلص مع ذلك إلى القول، إن هذا لا يعني أن بمقدور إسرائيل أن تشارك في مثل هذا المؤتمر، أو مثل هذا الائتلاف الإقليمي بأياد خالية، وأن تطالب بعد ذلك من العرب والفلسطينيين بأن يوافقوا اليوم على ما سبق لهم أن رفضوه في الماضي، ومن يعتقد أن مثل هذا ممكن سيفاجأ عندما يرى دولا عربية، شريكتنا الأمنية، تصطف إلى جانب الفلسطينيين وتؤيد مطالبهم.