بغداد: انتشار أمني ومخاوف من اندلاع معارك داخلية

29 مارس 2016
قوات أمنية مدججة بالسلاح تتنتشر بشكل مكثّف في بغداد(Getty)
+ الخط -
تشهد العاصمة العراقية بغداد، منذ أمس الإثنين، تصعيداً في وتيرة التدابير الأمنية والتحوطات العسكرية في أكثر من مكان، أهمها على حدود المناطق التي تعرف بوجود كثافة سكانية من أتباع زعيم "التيار الصدري"، مقتدى الصدر.

وانتشرت قوات أمنية مدججة بالسلاح بشكل مكثّف، مدعومة بعجلات الـ"همفي" العسكرية، كما حفر عدد من الخنادق في محيط مدينة الصدر، شرق العاصمة، ومناطق شمال شرق، وجنوب شرق، وأيضاً في أحياء بغرب العاصمة، يسكنها أنصار الصدر.

ويأتي ذلك بعد يوم من بدء زعيم "التيار الصدري" اعتصاماً بمفرده، داخل أسوار المنطقة الخضراء، فيما يواصل أنصاره الاعتصام خارجه منذ الجمعة قبل الماضي؛ وذلك في إطار مطالباته بإجراء إصلاحات وتغيير الطاقم الوزاري.

وسط ذلك تفيد تسريبات من داخل المؤسسة الحكومية، بأنّ انقلاباً على الأبواب، تدعمه الولايات المتحدة الأميركية، فيما تتداول أوساط من داخل المؤسسة الأمنية، اقتراب ظهور اقتتال "شيعي - شيعي" في الأفق، طرفاه "التيار الصدري" وأنصار رئيس الوزراء السابق نوري المالكي.

وكان المالكي قد أشار إلى ذلك في تحذيرات علنية، في خطابه الأخير، قائلاً "نحذر من حصول اقتتال شيعي- شيعي". وفي عبارات دلّت في مضمونها على أنها موجهة للصدر، بحسب مراقبين، قال المالكي "كيف يستطيع أحد أن يحارب الفساد وهو فاسد"، وزاد "ليس كل من أراد أن يتحرك، يتحرك بطريقته الخاصة ويعرض البلد إلى ما يتعرض إليه حالياً".

وتابع "نريد الإصلاح ولا نريد ضرباً للدستور وضرباً للقواعد السياسية وضرباً للآخرين واستغفالاً للناس".

من جانبه، قال القيادي في المجلس الإسلامي الأعلى وزير النفط المستقيل، عادل عبد المهدي، إن البلاد الآن على عتبة "الانقلابات والثوريات والفوضى"، لافتاً في بيان، إلى أنّ "مسؤولاً رفيع المستوى أبلغه أنّه التقى أحد كبار المسؤولين المعنيين بشأن التغييرات الوزارية، وعلم منه أن الرأي الذي تقرر، أخيراً، هو الذهاب إلى التغيير الشامل".

وفي السياق، أفادت تسريبات من داخل المنطقة الخضراء، بوجود مخطط لتغيير شامل للحكومة، مؤيد من قبل جهات خارجية، أهمها الولايات المتحدة الأميركية، بحسب مصادر مقربة من سياسيين بارزين.

وأفادت المصادر، لـ"العربي الجديد"، بأن الذهاب إلى حكومة إنقاذ وطني، بعد حل مجلس النواب، هو ما يدور الحديث عنه بين المسؤولين في الحكومة، بعد أن تقطعت جميع الطرق لاتفاق بين الأطراف السياسية الحاكمة، في كيفية معالجة الفساد الذي صار مكشوفاً للجميع، وافتضاح ضلوع الأحزاب والشخصيات الحاكمة به.

ويرى مراقبون أنّ ما يجري الآن هو انقسام لمعسكرين، الأول يمثله المالكي، الذي يملك قوة عسكرية من مليشيات وقيادات وعناصر أمنية تتبعه بالولاء والطاعة، عمل على تأسيسها خلال فترة ولايته السابقة، أمّا المعسكر الثاني فيتبع الصدر الذي يملك قاعدة شعبية واسعة، أسس من خلاله أول المليشيات "الشيعية" المسلّحة، عقب غزو العراق 2003، تحت اسم "جيش المهدي"، تحول فيما بعد إلى "سرايا السلام".

ووفقاً للمراقبين، فإن الصدر يعلم جيداً قوة خصمه، وهو ما دعاه إلى تذكير أتباعه قبل دخوله، الأحد اعتصاماً داخل أسوار المنطقة الخضراء، بعدم الخروج عن أوامره، ناهياً أيا من المعتصمين عن القيام بأعمال عنف أو الانجرار إليها، ومشدداً على تطبيق تعليماته، وهو بهذا يؤكّد أن هناك من يحاول جر المعتصمين إلى أعمال عنف. ليأتي رد المالكي بأن من يطالب بالإصلاح، عليه أن يبدأ بنفسه.

وتطرق المالكي أيضاً، إلى اعتصامات محافظة الأنبار، التي تم إنهاؤها بالقوة، موجهاً رسالة إلى الصدر، بأن مصير الاعتصامات التي يقودها سيكون مشابهاً لما جرى لاعتصامات الأنبار.

وشهد الشارع العراقي حالة ترقب لما سيجري، وسط توقعات بحصول مواجهات، وهو ما أدى إلى كساد واضح في الأسواق خلال اليومين الأخيرين، فيما شهدت الشوارع حركة أقل بكثير مما هي عليه قبل أيام؛ نتيجة مخاوف من وقوع مفاجآت أمنية.

وقال مواطنون، لـ"العربي الجديد"، إنّهم رأوا في انتشار القوات الأمنية، لا سيما على حدود الأحياء التي تعرف بأنها ذات كثافة سكانية مؤيدة لمقتدى الصدر، ما يشير إلى "حصول خروقات أمنية، ربما تكون تفجيرات أو مواجهات مسلّحة".

وقال أحد المواطنين، ويدعى، منذر البياتي يعمل سائق أجرة، إن "الابتعاد عن العمل أهون الشرين، أفضل ما اتخذته هو التوقف عن العمل. أن أحافظ على حياتي بجيوب فارغة خير من أن أهلك في سبيل العمل؛ الانتشار العسكري مخيف جداً، إنه ينبئ عن وقوع كارثة".

اقرأ أيضاً: تظاهرات مؤيدة للصدر تجوب بغداد والمحافظات الجنوبية

المساهمون