مصر والتقارب مع إسرائيل: تطبيع رسمي بعناوين سياسية ورياضية

25 مارس 2016
استقبل السيسي أخيراً وفد المنظمات اليهودية بأميركا (فرانس برس)
+ الخط -
في أسبوع واحد كانت مصر على موعد مع دعوات ومواقف متتالية للمضي في خطوات إضافية باتجاه التطبيع الرسمي مع إسرائيل.

فبعد موجة الغضب السياسي من لقاء النائب المُقال توفيق عكاشة للسفير الإسرائيلي في القاهرة حاييم كورين، أخيراً، جاء إعلان التطبيع الرياضي على لسان وزير الشباب والرياضة في حكومة شريف إسماعيل، خالد عبد العزيز، الثلاثاء الماضي، بقوله إنّ "مصر لا تستطيع منع إسرائيل من المشاركة في بطولة كأس العالم لكرة السلة للشباب تحت 19 سنة، التي تقام عام 2017 في القاهرة". وأضاف، في مؤتمر صحافي عقده اتحاد السلة المصري، أن وجود المونديال على الأراضي المصرية يعلن التزام مصر باستضافة المنتخبات المتأهلة كافة للبطولة، بما فيها إسرائيل، كما تنص قوانين الاتحاد الدولي لكرة السلة، وبذلك تكون مصر ملزمة باستضافة أية دولة، وملزمة كذلك بتنفيذ اللوائح الدولية، حسبما قال. وأشار إلى أن الوزارة قامت بمخاطبة الرئاسة المصرية لرعاية البطولة، بناءً على طلب من الاتحاد المصري للعبة، خصوصاً أنها نافست إسرائيل وإيطاليا ولاتفيا على استضافة البطولة.

وكان المتحدث الرسمي باسم اتحاد كرة القدم المصري عزمي مجاهد، استبق ذلك بالقول، في مداخلة تلفزيونية، إنه "ليس هناك ما يمنع من اللعب مع إسرائيل"، وذلك تعليقاً على المنافسة بين مصر وإسرائيل، على تنظيم بطولة كأس العالم للشباب تحت 19 سنة. وبرر مجاهد تصريحاته بالقول إن "هناك تبادلاً دبلوماسياً مع إسرائيل، ولاعبين مصريين لعبوا مباريات في تل أبيب. يجب أن نتحدث بوضوح، وليست هناك مشكلة في مشاركتنا في الرياضة معها".

وقبل أن تنتهي دهشة المراقبين من تلك التصريحات، فوجئ الشارع المصري بمبادرة جديدة من قِبل النائب سيد فراج، لتشكيل وفد نيابي لزيارة الكنيست الإسرائيلي. وأعلن فراج مبادرة لتكوين وفد برلماني مكوّن من عشرة نواب، من أجل زيارة الكنيست. واستمد فراج مبادرته من زيارة الرئيس المصري الراحل محمد أنور السادات للكنيست، التي لقيت رفضاً شعبياً. وقال فراج في ندوة نظمتها مؤسسة "البوابة نيوز"، التي يمتلكها عبد الرحيم علي، البرلماني والإعلامي المقرّب من الأجهزة الأمنية، إنه "يجب الاستفادة من إسرائيل في كل الجوانب المتطورة التي توصلت لها، من دون النظر إلى قضية التطبيع مع الصهاينة". وأضاف أن "الزيارة تستهدف بحث القضايا المتعلقة بمصر وإسرائيل، في إطار الاستفادة الشاملة من التطور الاقتصادي والتنموي في التجربة الإسرائيلية". وشدد على أن الشعب المصري مسالم، زاعماً أن الشعب لا يرفض التطبيع بنسبة مئة في المئة، وأنه يجب التواصل مع الإسرائيليين.

هذا الأمر لقي رداً من المحامي طارق العوضي، الذي طالب أهالي منطقة حدائق القبة، التي يمثّلها النائب، بجمع تواقيع لسحب الثقة منه، عقاباً له على دعوته تلك. وكتب، عبر حسابه على موقع "فيسبوك": "ليعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون"، وأن "العدو سيظل اسمه إسرائيل".

اقرأ أيضاً: بعد حرمانه عاما.."نائب الحذاء": السادات أول من بدأ التطبيع

وكان مجلس النواب أسقط عضوية مالك قناة "الفراعين" توفيق عكاشة، بسبب استضافته السفير الإسرائيلي. وتصاعدت في الفترة الأخيرة دعوات التطبيع بأشكاله المتنوعة، وهلّلت صحف ووسائل إعلام مصرية قبل أيام، لمشاركة طفل مصري في رياضة الدفاع عن النفس المعروفة باسم "مواي تاي" المشابهة للكونغ فو، في تايلاند، بعدما وصل للمركز الأول، بتغلبه على نظيره الإسرائيلي، متغاضيةً عن تسمية ذلك بأنه تطبيع.

وسبق لرئيس نادي الزمالك المصري النائب مرتضى منصور، أن ترجم التطبيع الرياضي مع إسرائيل، حين تعاقد مع مايوكا، لاعب كرة القدم المحترف في نادي "مكابي تل أبيب" الإسرائيلي، ما أثار غضب مشجعي الفريق والمهتمين بالرياضة في مصر، وحينها رد منصور أن "اللعب في إسرائيل لا يدينه". وفي سياق متصل، كانت شركات سياحية مصرية قد أعلنت عن نيتها تنظيم رحلات حج إلى القدس المحتلة للأقباط المصريين، عقب زيارة البابا تواضروس إلى كنيسة القيامة في القدس أخيراً.

وتغلّف دعوات التطبيع الرياضي والشعبي والسياحي والبرلماني، علاقات متقدمة على المستوى السياسي والرسمي في سياق تقارب مصري إسرائيلي رسمي غير مسبوق على مستوى الرؤساء؛ إذ التقى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في القاهرة أخيراً، وفد المنظمات اليهودية في الولايات المتحدة، وقال لهم إن "رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، قائد ذو قدرات قيادية عظيمة، وهذه الأخيرة لا تؤهله فقط لقيادة دولته وشعبه، بل إنها كفيلة بأن تضمن تطور المنطقة وتقدّم العالم بأسره"، بحسب صحيفة "تسفيكا كلاين" العبرية.

وشهدت قضية التطبيع الرياضي مع إسرائيل رفضاً من اللاعبين المصريين منذ فترة سابقة، وفي مقدمتهم لاعب المنتخب المصري لكرة القدم المعتزل محمد أبو تريكة، الذي رفض المشاركة في مباراة ودية "من أجل السلام بين الأديان" في روما، بدعوة من بابا الفاتيكان، عام 2014، بعد تأكد مشاركة لاعب المنتخب الإسرائيلي، يوسي بنايون. ولم يكتف أبو تريكة برفض المشاركة في الدعوة، بل نشر نص الدعوة التي تلقاها عبر صفحته بموقع "تويتر"، مُعلقاً عليها بالقول: "صورة من الدعوة للمباراة، ورفضي لها بسبب الكيان الصهيوني... عفواً نحن نربّي أجيالاً".

كذلك رفض محمد صلاح مصافحة لاعبين إسرائيليين من نادي "مكابي تل أبيب"، في مباراتي الذهاب والإياب في دوري أبطال أوروبا موسم 2014، عندما كان يلعب ضمن صفوف بازل السويسري، وتعمّد صلاح ترك مصافحة لاعبي الفريق التقليدية قبل المباراة، وذهب لربط حذائه إلى جانب الخط. وكرر الأمر نفسه في مباراة الإياب في تل أبيب.

من جهته، رفض أحمد حسن، لاعب الزمالك السابق، ارتداء قميص فريق "غلاتا سراي" التركي، صيف عام ‏2003‏، على الرغم من العرض المالي المُغري الذي تلقاه، وقيمته ‏5.5‏ ملايين دولار كراتب للاعب لمدة ثلاثة مواسم،‏ بعد أن أعلنت إدارة النادي التركي عن تسجيل اللاعب الإسرائيلي حاييم بن ريفيفو في قائمة الفريق‏. كذلك فقد نادر السيد مكانه الأساسي في "بروج" البلجيكي، بعد رفضه السفر إلى تل أبيب، لخوض مباراة رسمية في دوري الأبطال الأوروبي، وإعلانه لناديه أنه "لو أُجبر على السفر بصفته لاعباً محترفاً فلن يشارك في اللقاء". كما رفض منتخب الهوكي المصري اللعب مع نظيره الإسرائيلي في إطار فعاليات بطولة العالم للعبة، والتي أقيمت في الأوروغواي عام 2012، وذكرت مصادر أن البعثة المصرية أبلغت من قبل وزير الرياضة حينها برفضه مشاركة المنتخب المصري مع إسرائيل، وهو ما أثار الصحافة الإسرائيلية، التي وصفت رفض المنتخب المصري بـ"الأمر الغريب والخطير".

كذلك رفض لاعب الجودو المصري رمضان درويش، مصافحة منافسه الإسرائيلي خلال بطولة العالم، مؤكداً أنه لم يكن في مقدوره سوى رفض مصافحته، مضيفاً أنه لو كان يملك قرار الانسحاب من البطولة لاتخذه على الفور من دون تردد، إلا أنه رفض الانسحاب من البطولة، نظراً لمخالفته للائحة الاتحاد الدولي للجودو، وبالتالي فالانسحاب معناه حرمان مصر من المشاركة في بطولاته العالمية. في المقابل، يضم الدوري الإسرائيلي لكرة القدم، سبعة لاعبين مصريين.

 وكانت دراسة إسرائيلية لمعهد أبحاث الأمن القومي قد خلصت إلى أن السيسي نجح في شق "جدار المعارضة" للتطبيع مع إسرائيل. ويعد التطبيع الورقة الأبرز التي يلوّح بها السيسي في وجه العالم، في سياق جهوده لـ"تحسين مكانة بلاده الدولية والإقليمية"، وجذب الاستثمارات وتنمية التجارة والسياحة.

وتناولت الدراسة التي أعدها الباحث أوفير فينتر، في أغسطس/ آب الماضي، جهود السيسي لـ"بناء الشرعية" ووضع الديمقراطية في عهده، إضافة للعلاقات مع إسرائيل، والتي قال إنها أخذت منحى جديداً بمجرد توليه الحكم، إذ خرجت القضية الفلسطينية من دائرة أولويات مصر الرسمية، وبدلاً من "العدو الإسرائيلي"، بات الحديث يدور عن "عدو إسلامي"، ممثل في الحركات الداخلية، إضافة إلى حركة "حماس" في قطاع غزة.

اقرأ أيضاً: تقديرات إسرائيلية: السيسي طلب من عكاشة رمي "بالون الاختبار"

المساهمون