لبنان: سجالات حول السياسة الخارجية والعلاقات العربية

23 فبراير 2016
الحكومة دعت إلى التقيّد بالإجماع العربي (Getty)
+ الخط -
بعد ساعات من إصدار الحكومة اللبنانية موقفاً واضحاً يدعو إلى التقيّد بالإجماع العربي وسياسة النأي بالنفس تجاه الأزمات الإقليمية المحيطة بلبنان، رفض السفير السعودي في بيروت، علي عواض عسيري، التعليق على البيان الحكومي.

وتأتي هذه الأزمة المستجدة في مناقشة سياسة لبنان الخارجية، على خلفية وقف السعودية الهبات المقدمة للجيش اللبناني والقوى الأمنية نتيجة المواقف الصادرة عن "حزب الله"، ووزارة الخارجية اللبنانية، والتي اعتبرتها الرياض عدائية تجاه المملكة.

وعلّق رئيس كتلة "اللقاء الديمقراطي"، النائب وليد جنبلاط، معتبراً أنّه "صدر عن مجلس الوزراء بيان اعتذار مدروس وتضامني مع العالم العربي، واعترف بارتكاب خطأ ضد السعودية"، بينما وصف رئيس حزب "القوات اللبنانية"، سمير جعجع، الموقف الذي صدر عن الحكومة بعد مناقشتها موضوع سياسة لبنان الخارجية بـ"بيان شعر بشعر"، مشيراً إلى أنه "من الأفضل للحكومة أن تستقيل على أن تعمد إلى اتخاذ  مواقف كهذه".

وتعليقاً على بيان الحكومة، الذي أكّد مبدأي الإجماع العربي والوحدة الوطنية، تساءل جعجع: "أين هي الوحدة الوطنية من قتال حزب الله في سورية؟ ومن فوّضه بمواجهات شاملة على مستوى المنطقة ككل؟ وأين هي هذه الوحدة الوطنية من التهجم على السعودية؟".

واعتبر جعجع، في مؤتمر صحافي، أنّ "العلاقة مع السعودية ودول الخليج مهمة جداً، ولكن الأهم يمكن أن تكون دول الخليج راضية أو غير راضية عن البيان الوزاري، والفرق كبير بين ما جرى في الحكومة وبين الواقع".

وقال جعجع إنّه يجب "وضع الأصبع على الجرح وليس في أماكن أخرى"، مشيراً إلى أنّ "حزب الله يخوض معارك عسكرية في سورية والعراق والبحرين واليمن، يخوضونها بمواجهة سياسة طويلة عريضة تعتمدها السعودية، بما يؤثر على لبنان، ولذلك فإن جوهر مشكلتنا الخارجية في الوقت الحاضر مشكلة استراتيجية".

وأشار جعجع إلى أنّ المشكلة لا تحل ببيان وزاري على اعتبار أنّ "الوضع الداخلي من سيىء إلى أسوأ، لا سيما أن هناك من يصادر قرار الدولة"، متسائلاً: "فكيف لنا أن نطبق سياسة النأي بالنفس وحزب الله ينفذ أجندة استراتيجية ويقاتل في سورية؟".

ولفت إلى أنّ "سياسة النأي بالنفس يتم فرضها على أطراف من اللبنانيين ولا تفرض على أطراف أخرى"، داعياً الحكومة إلى الطلب من حزب الله الانسحاب من كل المواجهات، التي يخوضها بوجه الدول العربية".

ومن جهة أخرى، عجّت السفارة السعودية في بيروت، بوفود سياسية وروحية وشعبية متضامنة مع المملكة ومطالبة بالمحافظة على العلاقات المميزة بين البلدين.

وفي هذا الإطار، قال عضو "كتلة المستقبل"، النائب غازي يوسف، "إننا عروبيون، ونحن عرب ولبنانيون ولن نتخلى عن عروبتنا على الرغم من بعض السفاهات، التي تصدر من بعض اللبنانيين، والتي تشكك في هذه العروبة، والتي تتهجم على خادم الحرمين الشريفين والمملكة وعلى العرب عامة".

كلام يوسف، جاء خلال زيارة قام بها وفد من "كتلة المستقبل" النيابية إلى السفارة السعودية، حيث أكّد أنّ الزيارة تهدف إلى القول "لخادم الحرمين أن لا يتخلى فعلاً عن لبنان واللبنانيين لكي لا نصبح لقمة سائغة لمشروع فارسي في لبنان، ولكي لا نصبح كعراق آخر ولاية ملحقة بالمشروع الفارسي".

بدوره، أكّد الوزير المستقيل، أشرف ريفي، من مقر سفارة المملكة العربية السعودية "أننا عرب مهما كلّف الأمر"، مشدداً على الوقوف إلى جانب السعوديّة والإجماع العربي.

ولفت ريفي إلى أننا "لبنانيون في الدرجة الأولى وعرب في الدرجة الثانية، وأوجّه اعتذاراً كبيراً إلى السعودية على خطأ وزير خارجيتنا"، معتبراً أن "الأمور أصبحت في مكان غير مقبول ونعتذر عما قام به بعض المرتهنين منا".

وأسف ريفي على مرور "7 ساعات على طاولة مجلس الوزراء من أجل سبعة أسطر"، مشيراً إلى أن "الخلاف في لبنان لم يعد ينحصر على اليوميات بل على البديهيات، وأنا قدمت استقالتي رفضاً للواقع الذي وصلت إليه الحكومة". وأوضح أنه "إما أن تكون العدالة للجميع أو لا عدالة، وهناك مشكلة وطنية كبرى يجب أن تحلّ"، مكرراً قوله إنه "حريريّ الانتماء السياسي" وأن  لا خلاف مع "تيار المستقبل".

في المقابل، اعتبر رئيس الجمهورية السابق، حليف "حزب الله"، إميل لحود، أن "من يهب أسلحة للجيش اللبناني الذي يقاتل الإرهاب التكفيري على تخومنا الشرقية وفي الداخل، ثم يعود عن هبته هذه لأسباب لا صلة لها بلبنان الوطن والدولة، إنما هو الذي يرتكب معصية بحق الوطن المقاوم ورافع جبين الأمة العربية".

وأضاف لحود أنه "كفانا تزلفاً واستعطافاً واستجداء واسترضاءً في حين أننا أقوياء ولا يستطيع أحد مهما علا شأنه أن يوجه التهديد إلينا"، معتبراً أن وقف الهبات السعودية تستهدف الجيش اللبناني والمقاومة والدولة اللبنانية. ​


اقرأ أيضاً: رئيس الحكومة اللبنانية: السعودية ودول الخليج دعمت لبنان دائما