العراق: مناورات عسكرية لمليشيات "الحشد" قرب الحدود مع السعودية

01 يناير 2017
عنصر من المليشيات في بلدة النخيب (محمد صواف/فرانس برس)
+ الخط -
بدأت مليشيات عراقية، منضوية ضمن هيئة الحشد الشعبي، ليل الجمعة-السبت، مناورات عسكرية قرب الحدود مع السعودية، هي الأولى من نوعها منذ  تأسيس "الحشد الشعبي" في يونيو/حزيران 2014. 
وبحسب ضباط عراقيين فإن المناورات انطلقت في الصحراء الجنوبية للأنبار (غرب العراق)، والتي تربط المحافظة بكربلاء والنجف (جنوباً)، وصولاً إلى مسافات قريبة من الحدود مع السعودية. وفي وقتٍ أكد فيه مسؤولون محليون أن صحراء الأنبار خارجة عن السيطرة الأمنية، رأى مراقبون أن المليشيات تحاول طرح نفسها كبديل للقوات العراقية من خلال المناورات.

في هذا السياق، قال مصدر في وزارة الداخلية العراقية، إن "مليشيات عدة منضوية ضمن هيئة الحشد الشعبي انخرطت في المناورات العسكرية، والتي انطلقت بالصحراء الواقعة على مثلث الأنبار ــ كربلاء ــ النجف". وبيّن أن "مقاتلين من مليشيات النجباء، وعصائب أهل الحق، وكتائب حزب الله في العراق، وكتائب سيد الشهداء، وبدر، يجرون تدريبات عسكرية في بلدة النخيب على استخدام الصواريخ والمدافع والراجمات والهاون". وأضاف أن "قيادة الحشد الشعبي اختارت هذه المنطقة بسبب مساحتها الواسعة، والتي توفّر المدى اللازم لإطلاق القنابل والصواريخ من دون إحداث أية أضرار أو إصابات في صفوف المدنيين". وأكد أن "تحركات القطعات المسلحة التي اشتركت في المناورات امتدت باتجاه جنوب غربي البلاد إلى مسافة تصل إلى نحو 100 كيلومتر عن الحدود مع السعودية".

من جهته، اعتبر العقيد في الفرقة الأولى للجيش العراقي سلام الخيكاني، أن "انطلاق أية مناورة عسكرية في صحراء الأنبار الشاسعة من شأنه أن يعزز الأمن في المحافظة"، مشيراً في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أن "الحشد الشعبي أصبح مؤسسة عسكرية رسمية، مثل جهاز مكافحة الإرهاب، ولا يمكن السماح لأحد بوصفه بالمليشيات".

وأضاف أنه "لا يمكن للقوات العراقية وحدها ضبط الأمن في الصحراء التي تصل مساحتها إلى نحو ثلث الأراضي العراقية"، مؤكداً أن "فصائل الحشد الشعبي تمكنت خلال عمليات عسكرية سابقة من قتل واعتقال العشرات من عناصر تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) في هذه المناطق".

وشدّد رئيس الإدارة المحلية في مدينة الرطبة، غرب الأنبار، عماد الدليمي، على "ضرورة تنفيذ عمليات أمنية في صحراء المحافظة"، مؤكداً في حديثٍ لـ "العربي الجديد"، أن "الفرقة الأولى للجيش العراقي، والشرطة المحلية، والحشد العشائري، تمارس مهامها في حفظ الأمن في المدينة، لكن ذلك لا يعني عدم حصول خروق في بعض الأحيان".




وأضاف أن "كثيراً من مناطق صحراء الأنبار خارجة عن السيطرة الأمنية"، مشيراً إلى أن "عناصر داعش يتخفون بملابس المدنيين ورعاة الأغنام". وكشف أن "الإدارة المحلية للرطبة تنسّق مع قطعات الحشد العشائري للحد من الخروق المتوقعة للتنظيم".

من جهته، رأى أستاذ الاستراتيجية في جامعة النهرين علي البدري، أن "مليشيات الحشد الشعبي تحاول طرح نفسها كبديل للقوات العراقية، والتي عجزت طيلة الفترة الماضية عن ضبط الأمن في صحراء الأنبار". وأشار في حديثٍ لـ "العربي الجديد"، إلى أن "المناورات العسكرية غالباً ما تأتي لسببين: الأول يكون على سبيل التهيؤ لخوض معركة قريبة، والثاني قد يكون استعراض قوة أو رداً على مناورات تقوم بها دول أو جهات أخرى".

وأضاف أنه "قد يحمل توقيت المناورات الذي تزامن مع معركة الموصل رسالة إلى قوى الداخل، بأن للحشد كلمة أخرى يقولها بعد انتهاء المعركة"، مؤكداً أن "للمناورات بعداً إقليمياً، قد يمثل رداً على مناورات مماثلة، أو تحدياً لوصف الدول المحيطة بالعراق لفصائل الحشد الشعبي بالمليشيات".

بدوره، حذّر عضو البرلمان العراقي عن "ائتلاف دولة القانون" عدنان الأسدي، في وقت سابق، من أي اختراق قد تقوم به الطائرات السعودية للأراضي العراقية أثناء المناورات التي تجريها قرب الحدود مع العراق"، مؤكداً إرسال قوة عسكرية كبيرة لمراقبة الحدود بين البلدين.

مع العلم أن مليشيا "النجباء" ومليشيات عراقية أخرى عاملة ضمن صفوف "الحشد الشعبي"، تقوم منذ أيام عدة، بعمليات عسكرية في الصحراء الجنوبية للأنبار، مؤكدة أن "هذا التواجد يهدف لمنع تسلل عناصر داعش عبر الصحراء".

كذلك أشارت مصادر أمنية في محافظة الأنبار، إلى قيام مليشيا "النجباء" باعتقال 15 شخصاً في الصحراء الجنوبية للأنبار، بحجة تدقيق معلوماتهم الأمنية. وأشارت المصادر إلى اقتياد المعتقلين إلى جهة مجهولة داخل مدينة كربلاء، وأن "العملية تمت بتواطؤ من قبل القوات العراقية في المنطقة، والتي اتخذت موقف المتفرج ولم تتدخل لمنع المليشيات من اعتقال مدنيين من دون أوامر قضائية".

وعن هذه العملية ذكرت "النجباء"، في وقت سابق، أن "أبطالها" نفذوا "عملية نوعية استهدفت جيوب تنظيم داعش في صحراء محافظة الأنبار"، موضحة في بيان أنها "عثرت على معمل لتفخيخ السيارات تابع لتنظيم داعش". كما سبق لوسائل إعلام محلية تأكيدها قيام مليشيا "حزب الله في العراق" بنشر مدافع وصواريخ في صحراء النخيب.

يُذكر أن بلدة النخيب الواقعة في صحراء الأنبار، تقع على الحدود التي تفصل المحافظة عن كربلاء والنجف، وتمتد مساحتها لتصل إلى الحدود العراقية ــ السعودية، وفيها يمر طريق الحجاج البري إلى مكة. وتشهد البلدة نزاعاً تفاقم بشكل كبير بعد قرار السلطات العراقية ضم مخفري شرطة النخيب وعرعر الواقعين على الحدود السعودية، والتابعين لمحافظة الأنبار، إلى قيادة حرس الحدود التابعة لمحافظة النجف. ورفضت الحكومة المحلية في الأنبار هذا القرار معترضة على إدارة الحدود العراقية ـ السعودية من النجف.


المساهمون