إقبال كثيف في فرنسا على التسجيل بلوائح الانتخابات الرئاسية

29 ديسمبر 2016
12.5 مليون فرنسي يحق لهم التصويت (جودي ايميت/فرانس برس)
+ الخط -

على بُعد يومين من نهاية العام، تشهد البلديات الفرنسية إقبالا كثيفا من طرف المواطنين الفرنسيين الراغبين في التسجيل باللوائح الانتخابية للتصويت في الاقتراع الرئاسي المقبل.

 وازدادت وتيرة الإقبال بقوة في الأيام الأخيرة، ومن المنتظر أن تبلغ ذروتها غدا الجمعة، آخر أجل للتسجيل في اللوائح.

وأعلنت العديد من بلديات المدن الكبرى، مثل باريس وليون ومارسيليا، عن تسجيلها توافدا كثيفا من الراغبين في التسجيل، بلغت نسبته 50 في المائة، بالمقارنة مع الأيام العادية.

وأعلنت بلدية مدينة رين أن عدد المسجلين في لوائحها "فاق بكثير المسجلين في الانتخابات الرئاسية عام 2011". 

وفي بلدية باريس، التي تفتح أبوابها استثنائيا السبت المقبل للراغبين في التسجيل، يتوقع المسؤولون أن يتم تحطيم الرقم القياسي في عدد المسجلين للانتخابات الرئاسية السابقة عام 1978، الذين بلغ عددهم آنذاك مليونا و348 ألف ناخب.

وسجلت بلدية باريس ارتفاعا بنسبة 20 في المائة في عدد المسجلين هذا العام، مقارنة بانتخابات 2011.

وتعود أسباب هذا الإقبال الكثيف على لوائح التسجيل، إلى أن الغالبية الساحقة من الفرنسيين غير المسجلين في اللوائح الانتخابية ينتظرون عادة الأيام الأخيرة قبل المهلة النهائية، التي حددت في 31 ديسمبر، بالنسبة لهذه الانتخابات الرئاسية التي ستجرى في مايو المقبل.

ويتعلق الأمر، على الخصوص، بالمدن الكبرى التي تقيم فيها أعداد كبيرة من الطلاب، ومن كوادر الطبقة الوسطى، الذين يغيرون مقار سكنهم، ما يحتم عليهم إعادة التسجيل في لوائح البلديات التي توجد فيها سكناهم الجديدة.

ويعزو مراقبون نسبة الإقبال الكثيفة هذه، إلى النجاح الكبير الذي شهدته الانتخابات التمهيدية في صفوف اليمين والوسط في نوفمبر الماضي، والتي سجلت مشاركة أكثر من أربعة ملايين ناخب، وتمخضت نتائجها عن مفاجآت مدوية تمثلت في إقصاء الرئيس السابق، نيكولا ساركوزي، وأيضا رئيس الوزراء السابق، ألان جوبيه، وفوز غير متوقع لفرانسوا فيون.

وأيضا إلى المتابعة المتحمسة للانتخابات الأميركية، التي أفضت إلى مفاجأة انتخاب دونالد ترامب.

وبخلاف عدد من الدول الغربية التي يُسجل فيها الناخبون بشكل أوتوماتيكي، مثل ألمانيا وإسبانيا وبلجيكا، يخضع التسجيل في اللوائح الانتخابية في فرنسا إلى نظام خاص يعتبر التسجيل "مبادرة فردية إرادية"، على المواطن القيام بها بنفسه من دون تدخل الدولة.

ويتعرّض هذا النظام إلى انتقادات شديدة بالنظر إلى الأعداد الكبيرة من الفرنسيين الذين لا يسجلون لسبب أو لآخر، ولا يشاركون في العملية السياسية برمتها.

وبحسب آخر الإحصائيات، هناك 12.5 مليون فرنسي يحق لهم التصويت، وهم غير مسجلين على الإطلاق في اللوائح الانتخابية، وهذا ما يجعل بعض السياسيين يتحدثون عن "أزمة بنيوية في الديمقراطية الفرنسية"، و"خلل سياسي يجب تداركه في أسرع وقت".

وتقوم السلطات الفرنسية عادة قبل الاستحقاقات الانتخابية بحملات في وسائل الإعلام المختلفة، لتشجيع المواطنين على التسجيل في اللوائح الانتخابية.

وفي يونيو/حزيران الماضي، صوّت البرلمان على قانون جديد يحصر آخر أجل للتسجيل في مدة شهر واحد قبل تاريخ الاقتراع، بدل مدة ثلاثة شهور، كما كان يجري العمل بذلك في مبادرة لتشجيع المتأخرين.

 كما أقرت الحكومة، منذ عام 1997، مبدأ التسجيل الأتوماتيكي في اللوائح الانتخابية، للشباب الحاصلين على الجنسية، عند بلوغهم الثامنة عشرة عاما.



وبادر بعض المرشحين للانتخابات الرئاسية، إلى التركيز على جذب هذه الشريحة من الفرنسيين الذين يبقون على هامش العملية الانتخابية، وتشجيعهم على التسجيل في اللوائح، في محاولة لاستمالة أصواتهم.

 ومن أبرزهم وزير الاقتصاد والصناعة السابق، مانويل ماكرون، الذي أسس استراتيجيته الانتخابية على تقديم نفسه كبديل عن الأحزاب التقليدية يمينا ويسارا، ويحاول اجتذاب أصوات الشباب المعروف بعزوفه عن التسجيل والتصويت في الانتخابات.

إضافة إلى مرشحة حزب "الجبهة الوطنية" اليميني المتطرف، مارين لوبان، التي ترفع شعار "عليكم أن تختاروا السياسة بدل الخضوع لها"، وتحاول تشجيع الطبقات الشعبية اليائسة من العملية السياسية على التسجيل والتصويت.

 كما أن مرشح اليسار الراديكالي، جان لوك ميلانشون، الذي ينشط بقوة في وسائل التواصل الاجتماعي يركز في حملته الانتخابية، منذ أشهر عديدة، على حث مواطنيه على التسجيل في اللوائح، ونشر شريط فيديو لخّص فيه المفارقة الكبيرة التي قد يجد فيها المواطنون أنفسهم غير مسجلين يوم الاقتراع "حين لا ينفع الندم"، قائلا: "قد تتحمسون للانتخابات الرئاسية في آخر لحظة وتقررون التصويت لمرشح ما، ولكنكم ستكتشفون متأخرين أن لا حق لكم في التصويت".