"رايتس ووتش": جرائم حرب خلال شهر من قصف حلب

01 ديسمبر 2016
C439D4A3-EF64-48A1-9540-789B1F789B4B
+ الخط -
وثّقت منظمة "هيومن رايتس ووتش"، في تقرير لها اليوم الخميس، عدداً من جرائم الحرب التي ارتكبتها قوات النظام السوري وحليفتها الروسية، خلال الحملة الشرسة التي شنّتها لإخضاع مدينة حلب السورية لمدّة شهر بين سبتمبر/أيلول، وأكتوبر/تشرين الأول، الماضيين.

وأظهرت صور الأقمار الصناعية، التي حلّلتها "هيومن رايتس ووتش"، أكثر من 950 موقع انفجار ذخيرة جديداً، وهو ما يشير إلى استخدام قنابل كبيرة شديدة الانفجار في جميع أنحاء المنطقة خلال شهر واحد فقط.


أصعب فترات الحرب

وذكر سكان محليون، ونشطاء إعلاميون وعاملون في المجال الطبي، لـ"هيومن رايتس ووتش"، أن القصف في تلك الفترة جعلها إحدى أصعب الفترات منذ بداية الحرب. وقال أحد الصحافيين المحليين: "كانت تلك أيام دموية، كان شهراً دموياً. قتلت الغارات الجوية الروسية والسورية العشرات يومياً. كان الشهر الأفظع منذ بداية الحرب".


وأفاد بعض الذين قابلتهم المنظّمة أن القصف كان "مرعباً"، لا سيما بسبب الاستخدام المتكرر لقنابل قالوا إنهم يرونها لأول مرة في مدينة حلب. وكانوا يُسمّونها "قنابل مخترقة للتحصينات"، وقالوا في كثير من الأحيان إن هذه الأسلحة كانت قادرة على اختراق وهدم مبان إسمنتية متعددة الطوابق بالكامل، ما يعني أن الاختباء في الأقبية والملاجئ تحت الأرض لم يعد آمنا.



وبيّنت المنظّمة أنّها لم تتمكن من تحديد نوع السلاح المستخدم في الهجمات التي هدمت مباني بأكملها بشكل قاطع، وغالباً ما يشار إليها بين الشهود وفي وسائل الإعلام بأنها "قنابل مخترقة للتحصينات"، بسبب عدم وجود صور أو مقاطع فيديو لبقايا السلاح. إنما إشارة بعض الشهود إلى ارتجاج الأرض وقت وقوع الهجوم والتدمير واسع النطاق، ولكن تقديرات المنظّمة، بناءً على حجم الانهيارات التي تصيب المباني، تشير إلى استخدام قنابل مدمرة للخرسانة مع صمامات تؤخر الانفجار، مثل قنابل "بيتاب"، أو "فاب-500" غير الموجّهة.


وقد استخدمت القوات الروسية والسورية هذين النّوعين من الأسلحة سابقاً في سورية، بحسب "رايتس ووتش"، ورغم ادّعاء مسؤولين عسكريين روس استخدام قنابل "بيتاب" ضد الجماعات "الإرهابية" في سورية، إلّا أن ثمة لقطات فيديو على موقع "يوتيوب" تظهر استخدام القوات الجوية السورية هذه القنابل قبل انضمام روسيا إلى الحرب.


وقال نائب مدير قسم الطوارئ في المنظّمة، أولي سولفانغ: "من المتوقع أن استخدام هذا القدر من قوة النيران في منطقة يسكنها عشرات، إن لم يكن مئات الآلاف من المدنيين، يقتل المئات منهم. يجب أن يحاكَم الذين أمروا بشن هجمات غير مشروعة ونفذوها بتهمة ارتكاب جرائم حرب".



المستشفيات مستهدفة

وبحسب المنظّمة، فقد أثّر القصف بشكل كبير على عدة مستشفيات شرقي حلب. وقد سجلت "الجمعية الطبية السورية الأميركية"، التي تدعم العديد من المستشفيات في حلب، 16 حالة طاول فيها القصف المستشفيات في تلك الفترة، وأبرزها مستشفى الصاخور، المعروف في حلب منذ ما قبل الحرب، وقد تعرّض للقصف 4 مرّات على الأقل بين 28 سبتمبر/أيلول و14 أكتوبر/تشرين الأول.


ولفت تقرير المنظّمة إلى أنّ الأمم المتّحدة قدّرت وجود نحو 275 ألف مدني و8 آلاف مقاتل في شرق حلب في ذلك الوقت. في حين قال سكان محليون إن معظم هؤلاء المقاتلين كانوا بالقرب من الخطوط الأمامية، وليس في الأحياء السكنية داخل المناطق التي تسيطر عليها المعارضة.


وأكد "مركز توثيق الانتهاكات"، وهو منظمة مراقبة مدنية سورية، أن حملة القصف أدّت إلى مقتل أكثر من 440 مدنياً خلال تلك الفترة، من بينهم أكثر من 90 طفلاً. وأن الضربات الجوّية كانت عشوائية في كثير من الأحيان، واستهدفت عمداً منشأة طبية واحدة على الأقل، وشملت استخدام أسلحة عشوائية، مثل الذخائر العنقودية والأسلحة الحارقة.


وفي العديد من الحالات، قالت مصادر محلية لـ"هيومن رايتس ووتش" إن أعداد الإصابات الفعلية كان أكبر من العدد الذي سجله المركز، فعلى سبيل المثال، وثّق المركز مقتل 39 مدنياً بالغارات الجوية في حي بستان القصر، في 11 و12 أكتوبر/ تشرين الأول، في حين قال المجلس الثوري في بستان القصر إن الغارات الجوية قتلت 51 شخصاً في هذين اليومين.

الأسلحة الحارقة


ووثّقت المنظّمة استخدام النظام وحليفته روسيا الأسلحة الحارقة أربع مرّات على الأقل في تلك الفترة، وتحديداً في أحياء الشعار، والمشهد، والأصيلة، والكلاسة وبستان القصر.


وسجّلت "رايتس ووتش" وقوع هذا النّوع من القصف في الشعّار بين الساعة 5:30 و6 صباحاً من يوم 30 سبتمبر/أيلول، حيث ضربت الأسلحة الحارقة الحي، مشعلة النيران في العديد من المباني، بما في ذلك 3 مستشفيات.


ونقلت المنظّمة إفادة صحافي من موقع "أون ذا غراوند نيوز"، كان في حي الشعار خلال الهجوم، قال فيها: "رأيت طائرة تحلق في الأعلى. ثم رأيت سحابة من الدخان في الهواء والعديد من الأجسام الطائرة في اتجاهات مختلفة. سقط أحد الأجسام خلفي. كان مادة مشتعلة تشبه الفحم. احترق لمدة 5 أو 6 دقائق، ثم تحول إلى رماد متوهج، كما تكون النار عندما تُخمد".


وشارك الصحافي صوراً من الأجسام المحترقة وغيرها من البقايا، وبناءً عليها، حددت "هيومن رايتس ووتش" أنها قنبلة حارقة من طراز "آر بي كي-500 زاب-2.5 إس إم" ملقاة من الجوّ.

إلى جانب القنابل الحارقة، حدّدت المظّمة، من خلال استعراض الصور ولقطات الفيديو، نوعين من الذخائر العنقودية روسية الصنع التي أسقطتها الطائرات خلال حملة القصف لمدة شهر: "القنبلة العنقودية (آر بي كي-500)، مع الذخائر الصغيرة (إتش أو أيه بي-0.5)، والقنبلة العنقودية (آر بي كي-500) مع الذخائر الصغيرة (بيتاب-1إم).


دعوات لدورة استثنائية بالجمعيّة العامة

في السياق، نقلت المنظّمة دعوة أطلقها تحالف عالمي يضمّ 223 منظمة غير حكومية، اليوم الخميس، من أجل حثّ الدول الأعضاء في الأمم المتحدة على طلب عقد دورة استثنائية طارئة للجمعية العامة للأمم المتحدة، للمطالبة بوقف جميع الهجمات غير القانونية على المدنيين في حلب وأماكن أخرى في سورية.


وطالبت المنظمات بوصول المساعدات الإنسانية فوراً ودون قيد، بحيث تصل إلى جميع المحتاجين، قائلةً إنه ينبغي على الدول الأعضاء أيضاً استكشاف السبل الممكنة لتقديم المسؤولين عن الجرائم الخطيرة بموجب القانون الدولي إلى العدالة.


ويأتي هذا النداء رداً على الفيتو الروسي في 8 أكتوبر/تشرين الأول على مشروع قرار مجلس الأمن الدولي للمطالبة بوقف جميع عمليات القصف الجوي في حلب، وهي المرة الخامسة التي تمنع فيها موسكو تحرك المجلس منذ بدء النزاع في عام 2011. والمرة الأولى التي تمتنع فيها الصين عن التصويت على فيتو روسي يخص سورية.

ذات صلة

الصورة
من مجلس العزاء بالشهيد يحيى السنوار في إدلب (العربي الجديد)

سياسة

أقيم في بلدة أطمة بريف إدلب الشمالي وفي مدينة إدلب، شمال غربي سورية، مجلسا عزاء لرئيس حركة حماس يحيى السنوار الذي استشهد الأربعاء الماضي.
الصورة
غارات روسية على ريف إدلب شمال غرب سورية (منصة إكس)

سياسة

 قُتل مدني وأصيب 8 آخرون مساء اليوم الثلاثاء جراء قصف مدفعي من مناطق سيطرة قوات النظام السوري استهدف مدينة الأتارب الواقعة تحت سيطرة فصائل المعارضة
الصورة
قبور الموتى للبيع في سورية / 6 فبراير 2024 (Getty)

اقتصاد

تزداد أعباء معيشة السوريين بواقع ارتفاع الأسعار الذي زاد عن 30% خلال الشهر الأخير، حتى أن بعض السوريين لجأوا لبيع قبور ذويهم المتوارثة ليدفنوا فيها.
الصورة
قوات روسية في درعا البلد، 2021 (سام حريري/فرانس برس)

سياسة

لا حلّ للأزمة السورية بعد تسع سنوات من عمر التدخل الروسي في سورية الذي بدأ في 2015، وقد تكون نقطة الضعف الأكبر لموسكو في هذا البلد.
المساهمون