نجحت حركة "أحرار الشام الإسلامية"، كبرى فصائل المعارضة السورية المسلحة، باختيار قائد جديد لها محسوب على التيار الذي يُوصف بـ"الإصلاحي"، بعد خلافات كادت أن تعصف بها، وذلك في وقت تتعرض فيه المعارضة السورية لجملة تحديات سياسية وعسكرية.
وقالت الحركة في بيان نشرته مساء الثلاثاء على حسابها في موقع التواصل "تويتر"، إن مجلس شورى الحركة اختار المهندس علي العمر (أبو عمار العمر) قائداً جديداً، بعد انتهاء ولاية المهندس مهند المصري (أبو يحيى الحموي). ويتحدر القائد الجديد للحركة من بلدة تفتناز في ريف إدلب، وهو يحمل إجازة في هندسة الإلكترون، وكان يشغل منصب نائب القائد العام للحركة. وذكرت مواقع إخبارية تابعة للمعارضة أن العمر ينتمي إلى أسرة معروفة بمعارضتها للنظام، إذ قُتل عمه في ثمانينيات القرن الماضي أثناء محاولة حركة "الإخوان المسلمين" إسقاط النظام. تنقّل العمر في بلدان عدة قبل أن يعود إلى سورية مع انطلاق الثورة عام 2011، وانتمى لفصيل "صقور الشام" الذي اندمج مع حركة "أحرار الشام" في مارس/آذار من العام الماضي.
ودأبت حركة "أحرار الشام" على اختيار قائد جديد كل عام، بناء على تصويت أعضاء مجلس شورى الحركة والبالغ عددهم 22 عضواً. لكن المجلس فشل في اختيار خلف للمصري أكثر من مرة خلال الأيام القليلة الماضية، قبل أن يستقر رأيه على اختيار العمر، ما فجّر أزمة داخلية طفت على السطح، ودفعت أعضاء بارزين في المجلس السبت الماضي إلى تعليق عضويتهم في المجلس "بعد الوصول إلى طريق مسدود لحل الأزمات المتراكمة داخل الحركة منذ عام"، وفق بيان صدر عنهم، وهم: أبو جابر الشيخ (القائد السابق للحركة)، وأبو صالح الطحان (القائد العسكري)، وأبو محمد الصادق، والدكتور أبو عبد الله، وأبو علي الشيخ، وأبو أيوب المهاجر، وأبو عبد الله الكردي، وأبو خزيمة الفلسطيني. ويأتي اختيار العمر ليفتح المجال أمام حل الخلاف الذي كاد أن يعصف بالحركة، مع تأكيد مصادر مطلعة أن القائد السابق للحركة رحّل إلى خلفه جملة أزمات لم يستطع حلها بسبب وجود "تنافر فكري" وتنافس كبير بين تيارين داخل الحركة: متشدد، ومعتدل، كاد أن يؤدي إلى انقسام الحركة.
ويُعدّ اختيار العمر انتصاراً للتيار الذي يُوصف بـ"الإصلاحي" داخل الحركة، ويؤيد الانفتاح على تيارات المعارضة السياسية والعسكرية، والمحافظة على الفكر المعتدل الذي يميّز الحركة، والذي يحظى برضا شريحة واسعة في الشارع السوري المعارض للنظام. وهذا ما يؤكده إياد الشعار، أحد مؤسسي الحركة، وعضو مكتبها السياسي في حديث مع "العربي الجديد"، متمنياً "وجود تحوّلات جوهرية في الأيام المقبلة"، وفق قوله.
وتشكلت الحركة في أواخر عام 2011 من اتحاد فصائل عدة في ريف إدلب لمواجهة نظام بشار الأسد الذي قابل الحراك الثوري السلمي بالعنف. بدأت "أحرار الشام" نشاطها العسكري ضد قوات النظام منذ ذلك الحين، واستطاعت خلال فترة زمنية قصيرة تحقيق إنجازات مهمة، وانتزعت السيطرة على العديد من المناطق في عموم سورية. ولكن النقلة الكبرى في مسيرة الحركة كانت اشتراكها مع فصائل أخرى في السيطرة على مدينة الرقة في شرق البلاد في بدايات عام 2013، وباتت منذ ذاك الحين من أبرز الفصائل التي تواجه قوات النظام والمليشيات الطائفية التي تساندها، وأصبح لها حضور على مختلف جبهات الصراع.
اقــرأ أيضاً
واجهت "أحرار الشام" تحدياً كبيراً وضربة كادت أن تكون قاضية لها، حين قُتل قائدها وأحد أبرز مؤسسيها حسان عبود (أبو عبد الله الحموي) وشقيقاه، مع أكثر من 45 قيادياً آخر في سبتمبر/أيلول من عام 2014، كانوا في اجتماع لمجلس شورى الحركة في بلدة رام حمدان بريف إدلب شمالي سورية، في تفجير لا يزال الغموض يلفه، إذ لم يصدر اتهام واضح لجهة معينة بالوقوف وراءه. ولكن الحركة استطاعت استيعاب الصدمة، فاختارت قائداً جديداً هو أبو جابر الشيخ، وأبو صالح طحان قائداً للجناح العسكري، وأجرت مراجعات لمنهجها، فغيّرت شعارها من "مشروع أمة" إلى "ثورة شعب" في محاولة للاقتراب أكثر من أهداف الثورة السورية التي تدعو إلى دولة مدنية، تعددية، ولنفي تهم تبنيها فكر السلفية الجهادية.
وتؤكد الحركة في خطابها أنها تؤيد قيام حكومة "منبثقة" من الشعب تدير البلاد وفق دستور مصدره الرئيسي الإسلام، وتؤكد أيضاً أنها بعيدة عن نهج "القاعدة"، وتخالف فكر تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، وتصف منتسبيه بـ"الخوارج"، ودخلت معه في صدامات مسلحة بداية عام 2014 بالاشتراك مع أغلب فصائل المعارضة عقب مقتل الطبيب حسين السليمان (أبو ريان) أحد قيادي الحركة على يد التنظيم. وأدت هذه المواجهات إلى طرد التنظيم من مناطق نفوذه في الساحل السوري، وإدلب، وحلب، ولكنها أفضت إلى خروج الحركة من محافظة الرقة إثر مقتل العشرات من مقاتليها، وسيطرة التنظيم منذ ذلك الحين عليها.
وتقول مصادر مطلعة لـ"العربي الجديد" إن مقتل قادة الصف الأول في الحركة أدى إلى ظهور تباين كبير بين قادة الصف الثاني الذين وجدوا أنفسهم فجأة في الواجهة، لم يستطع أبو جابر الشيخ احتواءه وتحقيق توازن يجنّب الحركة الانقسام، مشيرة إلى أن مهمة توحيد صفوف الحركة أمام القائد الجديد، وكذلك التعامل "بحزم" مع المتشددين لكبح جماحهم الذي ربما يؤدي إلى انفراط عقد الحركة.
ويأتي اختيار قائد جديد للحركة في خضم تطورات سياسية وعسكرية، تعصف بالقضية السورية، في ظل تراجع فصائل المعارضة عن أحياء كانت تسيطر عليها شرقي حلب، ما قد يدفع الصراع على سورية إلى مستويات خطيرة، خصوصاً أن نظام الأسد وحلفاءه اختاروا الحسم العسكري في ظل مجيء إدارة أميركية جديدة لم تتضح بعد نواياها الحقيقية تجاه الملف السوري. وفشلت مساعٍ روسية في إدراج حركة "أحرار الشام" ضمن قائمة ما تُوصف بـ"التنظيمات الإرهابية"، بسبب الرفض الأميركي لهذا التوجّه، إذ ترى واشنطن فيها فصيلاً معتدلاً يمكن التعامل معه. ولكن الطيران الروسي استهدف مقرات الحركة في شمال سورية، وجنوبها على مدى أكثر من عام ما أدى إلى مقتل عدد من قادتها الميدانيين ومقاتلين تابعين لها. تنتشر الحركة في عموم البلاد، ولكن قوتها الرئيسية تتمركز في حلب وإدلب حيث الحاضنة الاجتماعية الأكبر لها. لا توجد إحصائيات يمكن الركون إليها عن عديد مقاتلي الحركة، إلا أن مصادر تشير إلى أنهم يربون عن 25 ألف مقاتل، كما تمتلك الحركة سلاحاً متوسطاً وثقيلاً استحوذت عليه من مستودعات قوات النظام ومواقعها العسكرية التي سيطرت عليها الحركة على مدى سنوات.
وقالت الحركة في بيان نشرته مساء الثلاثاء على حسابها في موقع التواصل "تويتر"، إن مجلس شورى الحركة اختار المهندس علي العمر (أبو عمار العمر) قائداً جديداً، بعد انتهاء ولاية المهندس مهند المصري (أبو يحيى الحموي). ويتحدر القائد الجديد للحركة من بلدة تفتناز في ريف إدلب، وهو يحمل إجازة في هندسة الإلكترون، وكان يشغل منصب نائب القائد العام للحركة. وذكرت مواقع إخبارية تابعة للمعارضة أن العمر ينتمي إلى أسرة معروفة بمعارضتها للنظام، إذ قُتل عمه في ثمانينيات القرن الماضي أثناء محاولة حركة "الإخوان المسلمين" إسقاط النظام. تنقّل العمر في بلدان عدة قبل أن يعود إلى سورية مع انطلاق الثورة عام 2011، وانتمى لفصيل "صقور الشام" الذي اندمج مع حركة "أحرار الشام" في مارس/آذار من العام الماضي.
ويُعدّ اختيار العمر انتصاراً للتيار الذي يُوصف بـ"الإصلاحي" داخل الحركة، ويؤيد الانفتاح على تيارات المعارضة السياسية والعسكرية، والمحافظة على الفكر المعتدل الذي يميّز الحركة، والذي يحظى برضا شريحة واسعة في الشارع السوري المعارض للنظام. وهذا ما يؤكده إياد الشعار، أحد مؤسسي الحركة، وعضو مكتبها السياسي في حديث مع "العربي الجديد"، متمنياً "وجود تحوّلات جوهرية في الأيام المقبلة"، وفق قوله.
وتشكلت الحركة في أواخر عام 2011 من اتحاد فصائل عدة في ريف إدلب لمواجهة نظام بشار الأسد الذي قابل الحراك الثوري السلمي بالعنف. بدأت "أحرار الشام" نشاطها العسكري ضد قوات النظام منذ ذلك الحين، واستطاعت خلال فترة زمنية قصيرة تحقيق إنجازات مهمة، وانتزعت السيطرة على العديد من المناطق في عموم سورية. ولكن النقلة الكبرى في مسيرة الحركة كانت اشتراكها مع فصائل أخرى في السيطرة على مدينة الرقة في شرق البلاد في بدايات عام 2013، وباتت منذ ذاك الحين من أبرز الفصائل التي تواجه قوات النظام والمليشيات الطائفية التي تساندها، وأصبح لها حضور على مختلف جبهات الصراع.
واجهت "أحرار الشام" تحدياً كبيراً وضربة كادت أن تكون قاضية لها، حين قُتل قائدها وأحد أبرز مؤسسيها حسان عبود (أبو عبد الله الحموي) وشقيقاه، مع أكثر من 45 قيادياً آخر في سبتمبر/أيلول من عام 2014، كانوا في اجتماع لمجلس شورى الحركة في بلدة رام حمدان بريف إدلب شمالي سورية، في تفجير لا يزال الغموض يلفه، إذ لم يصدر اتهام واضح لجهة معينة بالوقوف وراءه. ولكن الحركة استطاعت استيعاب الصدمة، فاختارت قائداً جديداً هو أبو جابر الشيخ، وأبو صالح طحان قائداً للجناح العسكري، وأجرت مراجعات لمنهجها، فغيّرت شعارها من "مشروع أمة" إلى "ثورة شعب" في محاولة للاقتراب أكثر من أهداف الثورة السورية التي تدعو إلى دولة مدنية، تعددية، ولنفي تهم تبنيها فكر السلفية الجهادية.
وتؤكد الحركة في خطابها أنها تؤيد قيام حكومة "منبثقة" من الشعب تدير البلاد وفق دستور مصدره الرئيسي الإسلام، وتؤكد أيضاً أنها بعيدة عن نهج "القاعدة"، وتخالف فكر تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، وتصف منتسبيه بـ"الخوارج"، ودخلت معه في صدامات مسلحة بداية عام 2014 بالاشتراك مع أغلب فصائل المعارضة عقب مقتل الطبيب حسين السليمان (أبو ريان) أحد قيادي الحركة على يد التنظيم. وأدت هذه المواجهات إلى طرد التنظيم من مناطق نفوذه في الساحل السوري، وإدلب، وحلب، ولكنها أفضت إلى خروج الحركة من محافظة الرقة إثر مقتل العشرات من مقاتليها، وسيطرة التنظيم منذ ذلك الحين عليها.
ويأتي اختيار قائد جديد للحركة في خضم تطورات سياسية وعسكرية، تعصف بالقضية السورية، في ظل تراجع فصائل المعارضة عن أحياء كانت تسيطر عليها شرقي حلب، ما قد يدفع الصراع على سورية إلى مستويات خطيرة، خصوصاً أن نظام الأسد وحلفاءه اختاروا الحسم العسكري في ظل مجيء إدارة أميركية جديدة لم تتضح بعد نواياها الحقيقية تجاه الملف السوري. وفشلت مساعٍ روسية في إدراج حركة "أحرار الشام" ضمن قائمة ما تُوصف بـ"التنظيمات الإرهابية"، بسبب الرفض الأميركي لهذا التوجّه، إذ ترى واشنطن فيها فصيلاً معتدلاً يمكن التعامل معه. ولكن الطيران الروسي استهدف مقرات الحركة في شمال سورية، وجنوبها على مدى أكثر من عام ما أدى إلى مقتل عدد من قادتها الميدانيين ومقاتلين تابعين لها. تنتشر الحركة في عموم البلاد، ولكن قوتها الرئيسية تتمركز في حلب وإدلب حيث الحاضنة الاجتماعية الأكبر لها. لا توجد إحصائيات يمكن الركون إليها عن عديد مقاتلي الحركة، إلا أن مصادر تشير إلى أنهم يربون عن 25 ألف مقاتل، كما تمتلك الحركة سلاحاً متوسطاً وثقيلاً استحوذت عليه من مستودعات قوات النظام ومواقعها العسكرية التي سيطرت عليها الحركة على مدى سنوات.